صباح يوم الاثنين التاسع من آذار/مارس 2015، وفي أول زيارة له، المفوض
العام الجديد لوكالة الأونروا (بيير كراهينبول) يزور أطراف مخيم اليرموك، ويُشرف على إدخال المؤن والمساعدات الغذائية لليرموك إلى جانب ممثلي الجهات الرسمية السورية وعلى رأسهم المدير العام للهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب في سوريا الأستاذ علي مصطفى.
زيارة المفوض العام للوكالة تأتي في ظروف معلومة، حيث يعيش فلسطينيو سوريا واقع الأزمة العامة، ومنعكساتها عليهم من الجوانب المختلفة، بما في ذلك الجانب الاقتصادي والمعيشي فضلًا عن الجانبي الأمني.
وكالة الأونروا، أطلقت نداءً للعام 2015 للدول المانحة، داعية إياها للاستجابة الإقليمية للمُتطلبات المالية المُلقاة على عاتق الوكالة من أجل فلسطينيي سوريا. النداء يحث الدول المانحة على رفد ميزانية الوكالة بنحو (415,4) مليون دولار من أجل تلبية الاحتياجات الدنيا للاجئي فلسطين الذين يعانون من صعوبات جسيمة نتيجة الأزمة السورية. حيث سيتم تخصيص (329) مليون دولار منها لدعم الاحتياجات الإنسانية للاجئي فلسطين داخل سوريا، فيما سيخصص للبنان مبلغ (63,5) مليون دولار وللأردن مبلغ (16,5) مليون دولار. ومبلغ (6,4) مليون دولار من أجل الاستجابة الطارئة خارج نطاق عمليات تلك الأقاليم، وذلك يشمل المعونة النقدية للعائلات الفلسطينية من سوريا داخل غزة وعمليات التنسيق والدعم وكسب التأييد الإقليمية.
وكالة الأونروا، أوضحت وعلى لسان نائب المفوض العام (مارجوت إيليس) أنه “وفي خضم المآسي الإنسانية التي لا تعد والتي تتكشف في البلاد، فإن محنة مجتمع لاجئي فلسطين في سوريا لا ينبغي أن يتم التقليل من حجمها أو نسيانها”. فالدمار أصاب عددا لا بأس به من البنى التحتية للوكالة في سوريا، كالمدارس والمراكز الخدمية والمستوصفات التي استبيحت. إضافة لمنازل اللاجئين الفلسطينيين في عددٍ من المخيمات والتجمعات الفلسطينية، ومنها الجزء الأول من مخيم اليرموك والذي دُمر تمامًا، فضلًا عن مخيم حندرات قرب مدينة حلب، ومخيمي السبينة والحسينية في ريف دمشق، ومخيم درعا.
تبلغ أعداد لاجئي فلسطين في سوريا والمُسجلين بسجلات وكالة الأونروا حتى بداية العام 2014 نحو (560,000) لاجئ فلسطيني، بات نحو (280,000) منهم مُشردين داخل مناطق مختلفة فوق الأرض السورية، وهنالك ما يقارب من (100000) خرجوا من سوريا. بينما وصلت أعداد إضافية منهم إلى (لبنان والأردن ومصر) حيث يواجهون عوائق قانونية خطيرة في لبنان وغيره من البلدان المجاورة، عوائق ازدادت مع تفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة للغاية، فباتوا يشعرون بشكلٍ متزايد بأنهم “مُحاصرون ومعزولون وغير مرحب بهم في المنطقة” على حد تعبير بيان سبق أصدرته وكالة الأونروا.
وعلى الرغم من التحديات العملياتية المُتزايدة بالنسبة لعمليات وكالة الأونروا في سوريا، إلا أن الوكالة ما زالت قادرة على توفير مساعدة طارئة بحدودها الدنيا إلى جانب برامجها في الصحة والتعليم والتنمية المجتمعية والتمويل الصغير والإغاثة وتدريب الشباب وتوظيفهم.
وهنا، نشير إلى الدور الذي لعبته وكالة هيئة الأمم المتحدة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) في الحفاظ على الهوية والشخصية الوطنية للشعب العربي الفلسطيني، وأسهمت بشكلٍ كبير في تقديم المساعدة والمعونة للشعب الفلسطينية منذ قيامها عام 1949، وخاصة في قطاعات التربية والتعليم، والصحة، والإغاثة الاجتماعية. حيث قامت الوكالة بقرار دولي من قبل الأمم المتحدة، وباتت أكبر هيئات المجتمع الدولي من حيث عدد العاملين بها وحجم الخدمات التي تقدمها لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين، وتم الربط بين إنهاء دورها وبين عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي طردوا منها عام النكبة.
وفي هذا السياق، نُشير بأن مدارس وكالة الأونروا، أدَّت، وما زالت تُؤدي، رسالتها الكبيرة في التربية والتعليم داخل أوساط عموم لاجئي فلسطين في الداخل والشتات. فكان نصيب فلسطينيي سوريا كبيرًا في هذا الميدان، من خلال دور قسم التربية والتعليم في الوكالة، حيث تَبلغ أعداد مدارس وكالة الأونروا للحلقتين التعليميتين الأولى والثانية الآن في سوريا (118) مدرسة، يستحوذ مخيم اليرموك على عددٍ كبير منها، فيما تتوزع باقي المدارس في كل مناطق وتجمعات اللاجئين الفلسطينيين فوق الأرض السورية من أقصاها لأقصاها، وقد أطلقت على مدارسها أسماء مدن وبلدات وقرى فلسطينية من الأرض المحتلة عام 1948.
وبعد محنة مخيم اليرموك الأخيرة، قامت وكالة الأونروا بافتتاح المدارس البديلة في كل مواقع السكن الجديدة لأبناء مخيم اليرموك في مناطق مدينة دمشق وريفها المختلفة، ومنها مناطق: صحنايا، وجرمانا، وقدسيا، والزاهرة، والميدان، والمنطقة الصناعية، وبستان الدور، وركن الدين، وحي المزة الدمشقي، وغيرها، وذلك بالتعاون مع وزارة التربية السورية، حيث استعارت الوكالة بعضًا من المدارس الحكومية بالدوام النصفي الثاني، وذلك كي تحافظ على دورها ووجودها التربوي والتعليمي بين عموم اللاجئين الفلسطينيين فوق الأرض السورية.
استطاعت مدارس وكالة الأونروا، تقديم المادة التربوية والتعليمية لتلاميذها وطلابها. كما استطاعت تاريخيًّا في القيام بدورها بتحفيز عملية التَعليم والتَعَلُّم داخل أوساط اللاجئين الفلسطينيين، والارتقاء بمكانتهم على هذا الصعيد، حيث حققت مدارس الوكالة تمايزًا نوعيًّا عن المدارس الحكومية بالنسبة لتحصيل الطلاب العلمي خصوصًا بالنسبة للشهادة الإعدادية، حيث يسجل كل عام تقريبًا نسبة عالية من الأوائل على سوريا من خريجي مدارس وكالة الأونروا من بين أبناء فلسطين
علي بدوان/نداء الطوارئ من أجل فلسطينيي سوريا
23
المقالة السابقة