المغرب يعبر عن استقراره ورياديته .. في منتدى كرانس مونتانا : مفكرون وسياسيون عالميون في الداخلة لاول مرة
عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب
استطاعت حكمة القيادة المغربية استيعاب التحولات التي حملها ما يسمى بالربيع العربي وان تحول هذه التحديات الى فرص وتجديد واعادة انتاج لكثير من المكونات التشريعية وصنع التعامل في شبكة العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية فقد لاقى الملك محمد السادس مواطنية في منتصف الطريق ولم ينتظر حتى يزحفوا الى قصوره او يسدوا طرقات المدن بالاحتجاجات بل خرج لملاقاتهم وحمل الكثير من الاجوبة على اسئلتهم التي اطلقها الربيع العربي فكانت التغيرات الدستورية الملموسة والتوجهات الملكية باحداث التغيرات على الارض والتعامل مع المواطنين باساليب جديدة واستيعاب طاقات الشباب وتوجيهها واعادة تشكيل الحكومات على قاعدة انتخاب رئيس الوزراء في كتلته قبل ان يعينّه الملك الذي كثيرا ما كلف زعماء ورموز من المعارضة لرئاسة الحكومة محدثا نموذجا في العالم العربي قل نظيره ..
المغرب بحكومة الترويكا التي يقودها عبد الاله بن كيران اقوى وهي قطعت اشواطا صعبة وجنبت البلاد الكثير من التغيرات والمطبات وكانت ترى ان درء المفاسد التي هبت في الربيع العربي اولى من جلب المنافع حين اكدت على الوحدة الوطنية ووحدة التراب المغربي والالتفاف حول الملك .. قبل ان تنطلق لاحداث المنافع في اعادة بناء الاقتصاد الوطني ومواجهة نسب البطالة والفقر وتوفير فرص العمل وتكافؤ الفرص وهي المفردات التي ظلت تشكل اجندة البرلمان القائم بشكل سافر ..
عدت الى المغرب التي كنت زرتها قبل ثلاث سنوات بداية الربيع العربي للاشتراك في ندوة للمقارنة بين التجربتين الاردنية والمغربية بدعوة من وزارة الدولة للشؤون الخارجية في المغرب وقد لاحظت العمل السياسي والاجتماعي الحثيث في استيعاب واحتواء المتغيرات من جانب حكومة كان رئيسها معارضا واستطاعت ان تحتوي الكثير من التيارات لتضعها في خدمة الدولة والملك ..
اليوم تستفيد المغرب من التطورات اللاحقة وتاخذ مكانها في التغيير وتنأى عن الصراعات الناشبة والطارئة وتنخرط مع دول العالم في مواجهة المخاطر التي يعتقدها المغاربة بوعي..
المغرب في سياساته الخارجية والداخلية استفاد من المتغيرات لبناء التنمية وتعميق الاستقرار وقد شهدت حضور مؤتمر دولي كبير دعت اليه شخصيات عالمية من القارات الخمس وعلى درجات عالية من المسؤولية ومنهم رؤساء جمهوريات ووزراء عاملين وسابقين وزعماء احزاب ومنظمات دولية واعلاميين ومراقبين وقيادات نسائية عالمية ومغربية كلهم جاءوا الى منطقة ( الداخلة ) في الصحراء اقصى الجنوب المغربي على مقربة من حدود مورتانيا .
كان المؤتمر الذي دعى لها منتدى CRANS MONTANA الشهير خطوة غير مسبوقة في لفت الانتباه الدولي للمنطقة وامكانياتها الكبير في تعظيم الاستثمار لما تحويه من موارد طبيعية
لقد جاء انعقاد المؤتمر في وقته ليخدم اهدافا مغربية وطنية تتجلى فيها الشراكة الدولية على كافة الاصعدة ..
لقد خدم المؤتمر بصورة جلية تاكيد مغربية الصحراء التي تراجع الجدل حولها بشكل واضح لادراك المجتمع الدولي صحة الموقف المغربي وثباته..
فالمؤتمر وان لم يقل ذلك فقد اكد عليه حين اجتمعت وفود عشرات الدول في اعداد زادت عن (150) مشاركا في منطقة الصحراء وعاصمتها ( الداخلة) ليروا التوجهات التنموية الجديدة الجاذبة والقائمة من قناعة مغربية بضرورة توزيع مكاسب التنمية في البلاد بصورة تضمن العدالة وتثبيت المواطنين في ديارهم وفوق ارضهم..
ان التحولات التنموية الكبيرة التي شاهدتها في المدن التي زرتها وخاصة في الجنوب في مدينتي اغادير والداخلة تؤكد هذا التوجه الجديد ..
لقد التقط المؤتمر الذي قام عليه شريكان نادي كرانس مونتانا والايسيسكو..
لقد فتح المؤتمر الكثير من القضايا العالمية والجوهرية العامة كالتنمية وحقوق الانسان واوضاع المرأة وتناوب المتحدثون البارزون على ابرز القضايا والتحديات التي تواجه عالمنا المعاصر ..
لقد شاركت في الندوة المتخصصة بالمراة حول العالم وطرحت اسئلة تتعلق بالمراة الفلسطينية تحت الاحتلال والسورية في المنافي ومخيمات التشريد حيث القهر وقد جاء ذلك وسط استجابة ملموسة حيث واصلت قائدات نسويات مغربيات طرح قضايا المراة وكذلك فعلت نسوة افريقيات مسؤولات ومن مواقع نقابية وتنظيمية حزبية طرح العديد من التساؤلات لتوفير بيئة صامتة لحقوق النساء وتطورهن ومشاركتهن ..
لقد كانت المحاضرة التي قدمها الدكتور عبد العزيز التويجري مدير عام الايسيسكو عميقة الدلالة حين تحدث عن تاريخ المكان وعمق التاريخ وتشعبه الحضاري والثقافي في المغرب وخارجه ما لفت انتباهي لاهمية مضمون المحاضرة الذي وضع اطارا واضحا حيث محاضرات المشاركين ومداخلاتهم .. فبدون الربط التاريخي لا تكون اهداف المؤتمر جلية خاصة اذا كان الانعقاد في موقع بعيد عن العاصمة او اذا جرت قراءة في سياق معزول عن سياقة التاريخ ..
فالدكتور التويجري وضع يده على الرابط ليكشف تاريخية المكان ودلالته ويقود الى الواقع ومتطلباته فيما ذكره من ضرورات لابد من قيامها من خلال المغرب المتطلع الى السلام والتنمية والاستقرار في منطقته جنوب اوروبا وشمال الصحراء الافريقية وامتداداتها ..
كانت كلمة الملك محمد السادس التي قرأها رئيس الوزراء المغربي عبد الاله بن كيران غاية في الدلالة والاهمية لما حملته من معاني ومن فلسفة لتبرير انعقاد المؤتمر بل والحاجة اليه لما يقدم من دلالات استفتاحية وتأصيلية للمكان وللمستقبل..
فعلى مدار الايام الثلاثة حيث قدمنا بالطائرة من اغادير الى الداخلة بشكل يومي في حين اقيم السكن من بيوت الشعر التي جرى تاثيثها لتكون في مستوى الفنادق المصنفة بالنجوم الخمسة .. على مدى تلك الايام توفر الاختلاط بين المشاركين وتبادل وجهات النظر في قضايا عديدة من صلب اجندة المؤتمر الناجح ومن خارجها فقد جرى الثناء على مؤسس المنتدى ودوره كما استطاعت دول افريقية عديدة واخرى في المحيط الهادىء البعيد ان ترى في المغرب قبلتها للتنمية والمساعدة وطلب العون ..
ان الحديث التفصيلي عن هذا المؤتمر يطول وساخصص جزء منه في حلقة اخرى .
سلطان الحطاب – رئيس التحرير في منتدى كرانس مونتانا