عروبة الإخباري – قال رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبدالسلام المجالي، ان المرحلة العصيبة التي تمر بها الأمة والأردن جزء منها، تتطلب من المواطنين مهما كانت مواقفهم واتجاهاتهم، أن يتنبهوا لخطورتها، ويحشدوا كل طاقاتهم وجهودهم نحو الأولوية التي تعلو على الأولويات.
واضاف الدكتور المجالي في محاضرة بجامعة فيلادلفيا اليوم الثلاثاء، بحضور رئيسها الدكتور معتز الشيخ سالم، ان الاولوية التي يجب ان يعمل عليها الشعب الاردني، هي: درء الخطر عن الأردن، والحفاظ على أمنه واستقراره، واعتبار أنفسهم شركاء للدولة ردفاء للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والوقوف معها من خلال تحصين الجبهة الداخلية، والحفاظ على الوحدة الوطنية، واستنكار أي سلوك أو قول أو فعل قد يؤدي الى زعزعة الصفوف او التشكيك بثوابت الوطن بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم خلق أي اسباب تؤثر في معنويات جنودنا ورجال أمننا أو تجعلهم يلتفتون الى الوراء.
وبهذا نكون قد بعثنا برسالة الى القوات المسلحة وأجهزة الأمن بأن أهلكم وذويكم بخير يقفون معكم ويشدون على أيديكم القابضة على زناد السلاح الموجه الى اعداء الوطن ويقولون لكم سلمتم وسلمت أياديكم وسلم الوطن الذي احتضنكم اطفالاً فأصبحتم رجالاً تعرفون كيف تحافظون عليه وتدفعون بالغالي والنفيس الأذى عنه.
واوضح ان المنطقة تمر بفترة غير مسبوقة من عدم الاستقرار، أثرت على دولها تأثيراً سلبياً وبدرجات متفاوتة وصلت حد إنهيار بعضها، وقد رافق ذلك خروج شبه جماعي على القانون والدولة، وتكاثر الحركات ذات الفكر المتطرف والتكفيري التي أخذت تمارس الأرهاب بأبشع صوره تحت غطاء الدين حيث تعاظمت الانقسامات الدينية والمذهبية والطائفية والقومية التي غذتها جهات أجنبية مشبوهة، وجدت فرصتها الذهبية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية في ظل غياب التوافق الوطني والعربي وضياع البوصلة السياسية والاقتصادية، وفي مقدمة هذه الجهات العدو الصهيوني، فأشعلت النيران في الكثير من الدول العربية وبشكل خاص سوريا والعراق التي تزداد النيران اشتعالاً فيها، وراحت المنظمات الإرهابية تهدد الحدود والوجود بعد أن استولت على مساحات كبيرة في كل من هاتين الدولتين وبعد تهجير ونزوح الملايين من سكانهما.
وقال ان كل ذلك جاء متزامنا مع ما يعانيه الاردن من المشكلات الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة واتساع مساحات الفقر في مناطق مختلفة، اضافة الى ملايين اللاجئين إلى الاردن بكل الضغوط الاجتماعية والاقتصادية المرافقة. وعلى الرغم من أن الاردن ليس مسرحاً لهذه الصراعات، وانه تحرك على مسار الاصلاح بشكل ملحوظ وفي وقت مبكر، كما ان هناك توافقاً وطنياً عاماً على الثوابت الاردنية المتمثلة بالنظام الملكي الهاشمي والدولة الدستورية ووحدة المجتمع الاردني وتجاوباً وطنياً مع ما ورد في الاوراق النقاشية الملكية الخمس وخطاب العرش في افتتاح الدورة الثانية للبرلمان السابع عشر، إلا أن الرأي العام يترقب تحويلها إلى افعال حقيقية ملموسة على أرض الواقع.
وأشار المجالي إلى أن جمعية الشؤون الدولية التي يرأسها أصدرت بياناً حول تحصين الجبهة الداخلية قالت فيه: ان مجريات الاحداث في المنطقة تبين ان فترة عدم الاستقرار والصراعات المذهبية والسياسية والتدخلات الاجنبية قد تستمر لعدة سنوات، وأن استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية والاجراءات التعسفية التي تمارسها السلطات الاسرائيلية وخاصة في الأماكن المقدسة والاستمرار في قضم الأراضي الفلسطينية المحتلة وبناء المستوطنات عليها وإطلاق العنان للمستوطينين والمتطرفين اليهود لممارسة الإرهاب الجسدي والمادي في الأراضي المحتلة، وتهرب الحكومة الاسرائيلية من استحقاقات السلام وحل الدولتين، كل هذا يعتبر تهديداً لأمن الأردن وسبباً جوهرياً ليس في عدم الاستقرار فحسب بل وانتشار الإرهاب بكافة أشكاله.
وبين إن الأردن لا يستطيع الأطمئنان الى أن النار ستبقى خارج حدوده ولا سبيل لمنع انتقالها إليه إلا باليقظة والحذر والتوعية وتوجيه الرأي العام نحو الأولويات في هذه المرحلة وفي طليعتها تحصين الجبهة الداخلية وتعزيز صمودها وجاهزيتها لتتمكن من دعم القوات المسلحة وأجهزة الأمن والوقوف معها صفاً واحداً في ذات الخندق ليتمكن الجميع من القيام بالمهمة الرئيسية وهي المحافظة على أمن واستقرار الأردن الامر الذي يتطلب تعميق مفهوم المواطنة التي تغلب مصالح الوطن على أية مصالح أخرى مهما كانت مع التأكيد على أن الأصلاح السياسي والاقتصادي والتشريعي والاداري الذي بُدِءَ به سيستمر رغم كل الأحداث حتى يصل إلى غايته المتمثلة في الدولة الدستورية الديمقراطية التي تسود فيها العدالة والمؤسسية وسيادة القانون.
وقال ان عدم استقرار المنطقة والصراعات الدائرة جاءت نتيجة حتمية للاخفاقات العربية المستمرة سواء أكان ذلك في وضع استراتيجية عربية موحدة لمواجهة المشروع الصهيوني التوسعي أو بما يتعلق بتطوير أنظمة الحكم في كل دولة، مما أدى إلى شعور الناس باليأس والأحباط وظهور التطرف والإرهاب وتدخل أطراف متسترة الغايات والأهداف غير محددة الهوية عملت على تغذية عناصر التطرف والإرهاب من أجل خدمة مصالحها، الأمر الذي مكن هذه العناصر للانتشار بسرعة هائلة واختراق الحدود ونشر الفوضى والقتل والدمار وتشريد السكان وتهجيرهم . ولم تعُد هناك دولة تستطيع الأدعاء بأنها بعيدة عما يجري في غيرها من الدول، وهذا يجعل من الممكن لقوى التطرف والإرهاب ان تتسرب الى جسم المجتمع الأردني وتسعى الى تفتيت الجبهة الداخلية من خلال الوصول الى فئة الشباب وخاصة طلبة المدارس والجامعات والعمل على غسل عقولهم بإغراءات المال والسلطة وباسم الدين أو المذهب أو التخلص من الدولة الفاسدة، وهذا يضع المؤسسات التربوية والدينية والثقافية والاجتماعية أمام مسؤولية كبيرة من حيث تنوير وتوعية كافة أفراد المجتمع الى خطورة حركات التطرف والتكفير والإرهاب عليهم وعلى الوطن تحت اي غطاء ديني أو مذهبي أو طائفي، وإن واجبهم كمواطنين هو حب الوطن والاخلاص له والعمل من أجله في إطار القانون والدولة بالعقل والعلم مستندين على مبادئ الدين الحنيف المتمثلة بالتسامح وقبول الآخر ونبذ التكفير للأشخاص والأديان الأخرى والتأكيد على الحوار بالتي هي أحسن .
واضاف: ان الاصلاحات الاقتصادية الشاملة والتوسع في المشاريع الانتاجية التي تغطي كافة المحافظات هي البوابة الرئيسية لتخفيض البطالة ومكافحة الفقر وما يتولد عنهما من يأس وإحباط تسعى الفئات المتطرفة الى استغلاله وتوظيفه لمصالحها. كما أن الحزم في تطبيق القانون بدون تهاون أو محاباة وتشديد العقوبات على المخالفين والخارجين عليه والذين يستغلون الظروف الراهنة أو غيرها لتحقيق مكاسب غير مشروعة لأمر في غاية الأهمية.
وشارك في الحوار الذي أداره مستشار رئيس الجامعة للعلاقات الدولية د.ايراهيم بدران، كل من: الدكتور عزت جرادات وفاضل علي من جمعية الشؤون الدولية.