فوائد على الفوائد ..وغرامات على الفوائد، هذا واقع الحال ماليا واقتصاديا واجتماعيا، فالفوائد والغرامات والمبالغة في فرضها على العباد مبعث هموم عامة الأردنيين، الذين يعانون شظف العيش برغم نشاطهم في شتى المجالات وميلهم للسلم وحب الحياة، وخلال السنوات القليلة الماضية اشتدت وطأة الحياة وتكاليفها على السواد الأعظم من المواطنين جراء سياسات مالية ونقدية متزمتة، وسياسات مصرفية تنظر الى مصالحها أولا وأخيرا، ولاتأبه بالاحتياجات الحقيقية للتنمية، لذلك نجد البنوك وحدها الرابحة تقريبا، بينما القطاعات الاستثمارية الاخرى بالكاد تستطيع المحافظة على استمرارها مع الاكتفاء بهوامش ربحية متدنية تقل من اسعار الفائدة المصرفية على الودائع.
أكثر من ثلثي المواطنين الفاعلين ويتقاضون رواتب واجورا حصلوا على قروض وتسهيلات لمختلف الاغراض بدءا من تملك شقة او سيارة او تعليم او علاج وغير ذلك، ومع ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم مواكبة زيادة الأجور لارتفاعات الاسعار والغلاء المتراكم، فإن عامة المقترضين يتم عنوة سحب معظم اجورهم لسداد الاقساط .( تم سحب البركة والخير من رواتبهم)، وفي نفس الوقت وقع عشرات الآلاف من المقترضين في قبضة البنوك الدائنة، و(زاد الطين بلة) مجموع القرارات الائتمانية التي سمحت للمواطنين الاقتراض بمبالغ بحيث يبلغ القسط الشهري 50% من راتب المقترض، وفقدان اعداد غير قليلة من العاملين لوظائفهم، وعدم انتظام مجموعة من الشركات في دفع روتب الموظفين، ما ادى الى تعثر سداد القروض، ما حدا بالبنوك بفرض (فوائد على الفوائد) وبالغت في الغرامات على المقترضين.
هذه الاوضاع الصعبة والتعثر المعلن حيث تقدر التسهيلات غير العاملة لدى الجهاز المصرفي بنسبة 6.2% اي 1250 مليون دينار تقريبا، من اجمالي التسهيلات لدى البنوك، وان استمرار الاوضاع المالية والاقتصادية سترفع هذه المبالغ، وتخلق ازمة اقتصادية اجتماعية، خاصة ان الادارات المصرفية ما زالت تتعامل بقسوة مع المقترضين وتتناسى دورها في اخذ القرارات الائتمانية.
وقوع عشرات الآلاف من الأسر الاردنية تحت سيف البنوك وقراراتها تحبط العامة وتسهم في انتشار ظواهر اجتماعية غريبة عن المجتمع، لذلك نجد ارتفاع المرواغة والابتعاد عن سلطة البنوك وقراراتها القضائية من حجوزات وتنفيذ قضائي بعد اعيتهم الحياة ووضعتهم مكشوفي الظهر امام متطلبات حياة شديدة الصعوبة.
لذلك نجد توتر عام في سلوك الناس في تعاملاتهم، وميل للعنف احيانا لابسط الاسباب، علما بأن الاردنيين فطروا على التسامح ومساعدة بعضهم البعض ومساندة الغريب الذي كان والاغلب ما زال يجد في الاردن ملاذا آمنا وبيئة هي الافضل في دول المنطقة، ومع ذلك نتابع بألم تراكم من معاناة العيش، ونخشى ان يؤدي التراكم الكمي السلبي الى تغيرات نوعية في سلوك خاطئ غريب عنا اجتماعيا وحياتيا، اننا امام شعب يتجه اكثر الى وصفه بأنه شعب مهموم وهو الأصعب في حياتنا منذ سنوات وعقود.
خالد الزبيدي/شعب مهموم ..
17
المقالة السابقة