اجتمع المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي بعد عصر يوم السبت الماضي في قاعدة الرياض العسكرية لتدارس الحال في اليمن والخروج بقرار يرد الحق إلى نصابه هناك، وطال زمن الاجتماع وتوقع غير العالمين ببواطن الأمور خيرا ولكن خابت ظنونهم في خروج الوزراء الميامين بقرار جماعي يردع القوى المسلحة التي تهدد السلم والأمن والاستقرار والوحدة اليمنية.
إنه شأن إقليمي وليس دوليا وكان حريا بدول المجلس الذي يهدد أمنها واستقرارها من الجبهة اليمنية باتخاذ كافة الإجراءات بما في ذلك استخدام القوة (كما فعلت روسيا في أوكرانيا وكما فعلت بريطانيا في جزر الفوكلاند / المالفيناس الأرجنتينية في مطلع ثمانينيات القرن الماضي) لردع الباغين على السلطة والقانون واحتجاز رئيس الجمهورية ورئيس وزرائه وعدد من الوزراء وأعضاء في مجلس النواب دون وجه حق والاستيلاء على الدوائر الرسمية والمؤسسات العامة واجتياح المدن ونهب أسلحة وعتاد القوات المسلحة وإلغاء الدستور وإصدار “ما سمي بالإعلان الدستوري” الذي لا شرعية له لأنه صادر عن قوة باغية.
إنه بدلا من اتخاذ التدابير اللازمة التي تحمي اليمن وجواره من الفوضى المسلحة وحقن الدماء لجاءت حكومات مجلس التعاون إلى مجلس الأمن الدولي (غرفة مبكى العرب العاجزين) تنشد التخويل باستخدام القوة تحت الفصل السابع والحق أن أعضاء مجلس الأمن الفاعلين (الخمسة الكبار) كانوا متواجدين في الاجتماع الوزاري لابسين “طاقية الإخفاء” حتى لا يراهم أحد وسمعوا حوارات الوزراء واختلافاتهم، البعض يؤيد تنصيب أحمد علي عبدالله صالح لفترة انتقالية، وآخر لا يريد المساس بمغتصبي السلطة وثالث يشاور عقله أين يقف، كل تلك المواقف ظهرت في نص قرار مجلس الأمن الذي صدر صبيحة يوم الأمس الإثنين، إنه قارار بلا مضمون فاعل، عبارات وفقرات مرددة في كل مشروع قرار عربي.
(2)
طوال حياتي السياسية وأنا من أنصار الوحدة العربية الشاملة أو الجزئية وكنت من أنصار الوحدة اليمنية حتى ولو كانت بقوة السلاح عام 1994 لأني أعتقد وأؤمن بأن في الوحدة قوة لأمتنا العربية أما اليوم فما يجري في اليمن وما فعله الحوثيون بأهلنا والدولة اليمنية أمر يدعو إلى العودة إلى “دولة الجنوب العربي” واحتلال موقعها السابق كعضو في الأمم المتحدة كما كانت قبل عام 1990، لأن دستور الوحدة قد ألغي وجاء مكانه “إعلان دستوري” يلغي ما قبله من الدساتير المعتمدة والمقترحة، لأن الحكم في صنعاء أصبح بيد طائفة دينية وليس حزبا سياسيا يجمع فئات الشعب اليمني، ولأن الدولة قسمت إلى ولايات أو أقاليم ولهذه الأسباب وغيرها لم يعد النظام الوحدوي قائما.
(3)
إن فكرة تسليح القبائل المعارضة لما فعل الحوثيون باليمن أمر غير محبب بل يزيد في تكديس السلاح بيد المدنيين الأمر الذي يصعد الأزمة ولا ينهيها والرأي عندي هو العمل الصادق على عودة جنوب اليمن إلى ما كان عليه الحال قبل عام 1990 والاعتراف الرسمي بذلك النظام والعمل على إقامة حكومة وحدة وطنية في عدن تجمع جميع الفرقاء في جنوب اليمن وتجريد القبائل من السلاح وتكوين قوة عسكرية بمساعدة دول مجلس التعاون لحماية دولة الجنوب العربي من أي عدوان خارجي أو زعزعة الجبهة الداخلية من قبل أطراف تتسابق على السلطة، وفرض حصار اقتصادي شامل على الشمال الحوثي ومراقبة موانئ البحر الأحمر التي يسيطر عليها الحوثيون كي لا يهرّب إلى دولة الحوثيين مالا أو سلاحا أو مقاتلين وسد جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية على الانقلابيين في صنعاء.
(4)
إن جهود ابن عمر ودعم مجلس الأمن لها كمبعوث للأمم المتحدة نؤكد أنها جهودا خاسرة ومبعثرة لأموال الأمم المتحدة، إن الحوارات الجارية في صنعاء اليوم هي حوارات قوة لا حوارات سياسية، إنها حوارات لكسب الوقت والتمدد في أصقاع اليمن، وإقناع أهل اليمن بالأمر الواقع، إن نفقات ابن عمر المالية ومكتبه تزيد عن مليون دولار شهريا وهو سعيد بذلك ولا يريد الإعلان عن فشل مهمته ويستقيل كما فعل الأخضر الإبراهيمي الموكل إليه سابقا إيجاد حلول في سوريا ولم يوفق.
يقولون إنه لابد من تشكيل مجلس رئاسي يتكون من خمسة أو ستة أو سبعة رؤوس وكل رأس له برنامجه ومشروعه فكيف بالله عليكم يستطيع وطن أن يدار بعدد من الرؤوس لا يجمعهما جامع وهل يمكن إغماد “سيفين في غمد واحد” إنه عبث سياسي لا نظير له يسوقه ممثل الأمم المتحدة ابن عمر. إنهم يتجادلون حول الاتفاق على مخرجات الحوار الوطني ومنذ تولى عبد ربه منصور القيادة بموجب مبادرة مجلس التعاون الناقصة والحوارات لم تتوقف، ومبادرة مجلس التعاون أصبحت في خبر كان وقد أنهاها الانقلاب الحوثي وهيمنته على مقاليد الأمور في صنعاء.
آخر القول: يجتمع مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة غدا بموجب دعوة من دولة قطر.. والسؤال ماذا هم فاعلون تجاه اليمن؟
غير بيانات وتصريحات نارية ولكن لا نفع في رعود لا تسقط المطر