إقدام تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على قتل 21 عاملا قبطيا مسيحيا مصريا ذبحا في ليبيا جريمة بشعة تقشعر لها الأبدان ويندى لها الجبين، وهي عار على من قاموا بها لا تكسبهم إلا خزيا وبعدا عن الله، تفتقر للرجولة والقيم والأخلاق والدين وكل ما يمت للإنسانية بصلة.
لا يمكن التسامح مع هذا التصرف الداعشي المنحط، وهو تصرف يحتاج إلى قصاص بنفس الطريقة، وأن تقطع رؤوس الفاعلين بالسيف أمام الملأ، لكي يكونوا عبرة لمن يعتبر.
ليس من الرجولة الاستئساد على مجموعة من العمال الأقباط الغلابة، الذين لم يذهبوا للعمل في جحيم ليبيا إلا لأن الدنيا أغلقت في وجوههم أبوابها في مصر، فاختاروا أن يركبوا مركب الموت من أجل لقمة عيش مغمسة بالدم، وليس من الأخلاق الاعتداء على مجموعة من المسالمين بحجة أنهم “صليبيين”، وكأنهم كانوا من جنود البابا أوربان الثاني، ولا أدري إن كان هؤلاء القتلة من داعش قد سمعوا باسم البابا “أوربان أصلا”، وكأنهم من جنود جورج بوش الذي جيش الجيوش لاحتلال بلاد العرب والمسلمين.
لقد أولغ هؤلاء القتلة الجهلة في الدماء، وصار ذبح الإنسان أو حرقه مجرد لعبة بالنسبة لهم، وتحول الإنسان إلى كائن عديم القيمة، دون أي وازع من ضمير أو دين، وتفننوا في أساليب إفناء الآخر وإزهاق روحه، وهي أساليب إجرامية لا يقرها الإسلام، ولا فعلها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
لقد تحولت داعش إلى عبء على العرب والعروبة وعلى الإسلام والمسلمين، بل تحولوا إلى عبء على الإنسانية كلها، وهو عبء لابد من التخلص منه لكي لا يحول حياتنا إلى جحيم كامل، ولكي لا يدمر ما تبقى لدينا من أخلاق ودين وقيم.
الحالة الداعشية الإجرامية لا تتوقف عند مجرمي داعش وما يقومون به من فظائع بحق الأمة، بل تضم فرق الموت التي يقودها المجرم هادي العامري، ومليشيات الحشد الشعبي التي شكلها السيستاني ونوري المالكي، وكتائب أبو الفضل العباس، وعصائب أهل الحق الشيعية، وحزب الله والحوثيين، ومعهم الإرهابي الكبير بشار الأسد والداعشي الانقلابي عبد الفتاح السيسي وزعيم الدواعش في اليمن علي عبدالله صالح، فهؤلاء كلهم ينتمون إلى نفس الفضاء الداعشي الإقصائي القاتل، الذي يفتك بالأمة، من قتل ومجازر وإبادة جماعية وبراميل متفجرة وحرق الناس ودفن البشر أحياء.
أبو بكر البغدادي يمثل الحالة الداعشية الأكثر وضوحا وإمعانا في القتل ولكنه ليس وحيداـ فبشار الأسد قتل 250 ألف سوري ببراميله المتفجرة وجيشه العلوي ومليشياته، والسيسي قتل 6 آلاف إنسان وحرق جثثهم ودفنها في الصحراء، وقتل الأحياء بالغاز في سيارة الترحيلات، وعلي عبدالله صالح ارتكب مجازر ذهب ضحيتها المئات، كما فعل المقبور معمر القذافي الذي قتل أكثر من 50 ألف ليبي وأحرقهم براجمات الصواريخ، وسمم خزانات مياههم ليقتلهم جملة واحدة.
هؤلاء كلهم دواعش ويجب التخلص منهم مرة واحدة، فكلهم جزء من المشكلة ولن يكون هناك أي حل ما لم يتم إبعادهم عن المشهد ومحاكمتهم على المجازر التي ارتكبوها بحق الأبرياء، وهي معادلة يتساوى فيها البغدادي ونصر الله والأسد والسيسي وعلي صالح، فهم جميعا يرتكبون نفس الآثام والخطايا ولكن كل واحد بطريقته.
الذبح الهمجي للعمال المصريين الأقباط الغلابة في ليبيا عمل بربري، من قبل عصابة من القتلة، بهدف ترويع الآخرين وإخافتهم، وهي إستراتيجية تنتهجها العصابات المافياوية، وهم سيتحولون، للأسف، إلى جزء من اللعبة السياسية بين داعش ونظام السيسي الانقلابي، من أجل خوض حرب عبثية لا هدف لها سوى تدمير الأمة، وهؤلاء الضحايا سوف يضيعون “فرق حساب” بين السيسي الطامح للحصول على شرعية مفقودة عبر خوض حرب في ليبيا من أجل إقناع “أصحاب الرز” أنه ضروري في “الحرب على الإرهاب”، وهو ما يعني عمليا إدخال مصر في حرب مع أشباح الدواعش، وربما نقل المعركة إلى مصر، وهو احتمال وارد جدا