عروبة الإخباري – قال المؤرخ الدكتور محمد عدنان البخيت، ان كتابة التاريخ في البلدان العربية متعثرة والنظرة اليه ليست جدية، مبينا ان تدوين التاريخ وتوثيقه يرتبط بالمناخ السياسي العام وما يشتمل عليه من حرية فكرية تمنح المؤرخ والباحث سبل الدعم والآمان والطمأنينة والسلامة وهي جميعا عوامل تعزز وتثري جهود المؤرخين في كتابة تاريخ يثق به الدارسون.
واضاف البخيت في حفل تكريمه اليوم السبت الذي نظمه منتدى الرواد الكبار بحضور العديد من الاكاديميين والسياسيين والمثقفين واعضاء المنتدى، ان الاردن قدم نماذج مضيئة في كتابة حقل التاريخ في اكثر من حقبة بفعل حنكة قيادته الهاشمية التي قدمت الدعم المادي والمعنوي الى مؤرخين واكاديميين وباحثين دأبوا على العمل في اكثر من مشروع، منها مشروع الوثائق العثمانية حيث كان الاردن البلد الوحيد بالعالم الذي سمح له تصوير السجلات العثمانية من خزائن مكتبات تركيا.
وأرجع البخيت ما وصل اليه من مكانة علمية تاريخية الى انفتاح والده على المعرفة وهو الذي ينحدر من اسرة بسيطة لكنه استطاع ان يواصل تعليمه في مدينة السلط وكان يتكلم اللغتين العربية والتركية، مشيرا الى ان التنافس بين الطلبة على البعثات دون محسوبيات هو الطريق السهل الى مستقبل مشرق.
وبيّن ان الادارة التعليمية العاجزة تؤدي الى جامعات منهارة، وبالتالي نظام تعليمي متعثر ، لافتا الى جهود كوكبة من مؤسسين الجامعة الاردنية، الذين قدموا انجازات ما زالت تعطي ثمارها الى الوطن والعالم حيث تستقطب مراكز البحث والمكتبات والتوثيق في الجامعة الاردنية الكثير من الطلبة والباحثين والدارسين للمنطقة من سائر ارجاء العالم حيث عملت على توفير مجموعات من الوثائق والمخطوطات والسجلات الوقفية والكنسية لمدينة القدس التي عملت ممارسات الاحتلال الاسرائيلي من اقتحامات متكررة على اتلاف وضياع الكثير منها.
وقالت رئيسة المنتدى هيفاء البشير، ان احتفاء برنامج ذاكرة انسان المنتدى بالدكتور البخيت يأتي باعتباره قامة أكاديمية إجتماعية وفكرية وسياسية وإنسانية،وبهدف توثيق مسيرته وتجربته الرائدة وتسجيلها نموذجاً للاجيال القادمة .
واوضحت الدكتورة هند ابو الشعر جوانب من جهود البخيت في بوصفه ذاكرة تختصر الذاكرة الأكاديمية والفكرية والإدارية للأردن في نصف قرن من عمر الوطن ، وهي ذاكرة متعددة وواسعة ومتجذرة في بلاد الشام .
وقالت ان جهود البخيت تركزت بوعي تام ومقصود على كلّ بلاد الشام ، وهو بذلك كان يؤسس لخط مدروس ومبرمج ، وانه انطلق من محليته، وكانت أول دراساته في مرحلة الماجستير بالجامعة الأمريكية ببيروت تنقل الدراسات التاريخية نحو المحلية بدراسته المعروفة لمملكة الكرك ، لكنّ هذه المحلية التي أسس فيها لخط ذكي وتابعه باهتمام ، كانت منطلقه نحو كلّ بلاد الشام وربما كان البخيت هو الذي وازن بين التاريخ المحلي وتاريخ بلاد الشام ككل .
واشارت الى ان هاجس البخيت ظل على الدوام جمع الوثائق والمخطوطات منذ بدايات استقراره للعمل بالجامعة الأردنية ، مبينة ان مركز الوثائق والمخطوطات الذي جسدته جهوده في جمع وتصوير وفهرسة الكثير من السجلات الرسمية والوثائق الخاصة ببلاد الشام منذ عام 1972 ، بحيث تحولّ هذا المركز من مركز محلي للجامعة الأردنية ، إلى مركز عالمي يستقطب الباحثين في تاريخ بلاد الشام من كلّ أنحاء العالم.
وقدم الدكتور جورج الطريف شهادة بالعلامة الدكتور محمد عدنان البخيت في ضوء معايشته له، مبينا انه شخصية متعلقة حب بالوطن والانتماء من جهة وتحمل معني المسؤولية الحقة في التعامل مع الطلبة كأخوة لة ولا يبخل في تزويدهم اسس البحث العلمي والنصح والارشاد كان من اوائل الذين تابعوا طلابهم اولا بأول في كتابة ابحاثهم وقراءتها بدقة متناهية مع الحرص على تطبيق المنهج العلمي في الكتابة وكيفية التعامل مع المصادر بكافة انواعها .
وقال ان البخيت من الاوائل في الوطن العربي الذين استخدموا سجلات الاراضي وسجلات المحاكم الشرعية وسجلات الاحوال المدنية وسجلات التربية و التعليم والاوقاف الاسلامية والمسيحية في تدوين التاريخ.
واضاف الطريف ان البخيت بقدر حرصة على الدراسة والبحث العلمي كان في بداية حياتة المهنية في الجامعة الاردنية حريصا على مشاركة الطلبة في رحلاتهم الجامعية ويشجع الطلبة على ممارسة نشاطاتهم الاجتماعية والرياضية والفنية ويتيح لهم المجال لأبرازها.
واشار الى ان البخيت سنديانة اردنية فهو كان يضع طلابة في صورة ما يجري من احداث سواء داخل الوطن ام خارجة خصوصا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية القضية المركزية ولعل ذلك ما كان حافزا له في جمع وتصوير كل ما له علاقة بتاريخ فلسطين من وثائق وملفات ومخطوطات وسجلات ارضي وحاكم شرعية وخاصة ما تعلق منها بالقدس حرصاً منه على المحافظة على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني على ترابه الوطني .