ضحكت عند قراءتي لتغريدة وصلتني عن طريق وسائل الاتصال الاجتماعي، مع وجه مبتسم، التغريدة تقول: «رحمك الله يا بن لادن.. اشتقنا لأيام الإرهاب المعتدل»! هل وصلنا إلى هذا الدرك الأسفل على سلالم الإنسانية؟!
نعم.. نحن نسمع يومياً عن الإنجازات العلمية والفضائية والتكنولوجية والاتصالاتية، والمواصلاتية والطبية و.. و.. و.. لبني البشر في كل أصقاع الأرض لخدمة وتسهيل حياة باقي البشر في كل أنحاء الكرة الأرضية.. فنجلس فاغرين أفواهنا لانتظار نتائج هذه الإنجازات الإنسانية الرائعة وانعكاسها على حياتنا، وحياة أبنائنا وأزواجنا وأمهاتنا وآبائنا ومن يعز علينا، ومن في أمس الحاجة إليها، فنصفق إعجاباً وامتناناً لمن بذل الجهد والعلم والمعرفة والمال والوقت ليهديها إلينا..
وفي الوقت نفسه لا نسمع عن المسلمين والعرب، وبشكل شبه متواصل، يكاد أن يكون يومياً ومنذ عقود، إلا الوحشية والإجرام بحق البشرية جمعاء، وتسطير الأحرف السوداء في تاريخ العالم.. فمنذ أن ابتلينا ودعمنا السلفية الجهادية في أفغانستان في الثمانينات من القرن الماضي بأمر وإيعاز من الأميركان ونحن في دوامة همجية ودوائر شريرة من الإجرام الوحشي غير المسبوق في التاريخ المعاصر.. والذي استحضرنا فيه كل مخازي تاريخنا الإسلامي غير المشرف، وكأننا مصرون على تكرار النماذج الوحشية السيئة في ذلك التاريخ، مع أن التاريخ نفسه يحمل ومضات مشرقة حتى لو كانت قليلة..
فنحن منذ ما يزيد على الثلاث سنوات، ومنذ أن بدأ الربيع العربي، غير المبارك، نحتكر نشرات الأخبار ونتصدر مانشيتات كل صحف العالم.. فثورات ما يسمى بالربيع العربي وإن أطاحت بحكام دكتاتوريين فاسدين، ولكنها لم تأت. لشعوبها بالخير والكرامة والسعادة حتى الآن.. نظرة إلى ما يحدث في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن، تجعلنا وتجعل الملايين من تلك الشعوب تعض أصابع الندم على الثورة والانتفاض على ذلك الدكتاتور الفاسد، أمثال ابن علي والقذافي ومبارك وبشار وعلي صالح!؟ لندخل فيما بعد دوامة الإجرام المروع وغير المسبوق ببطولة «داعش» والتي تسمى زوراً «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وهي حقاً وفعلاً تستحق لقب «الدولة الإجرامية» في تلك الدول التي ابتليت بها.. ما قامت به داعش مؤخراً من نحر صحافيين يابانيين أبرياء، ثم حرق الطيار الأردني حياً، وما قام به من يؤمن بأفكارها وأدبياتها نفسها منذ أيام في باريس بقتل صحافيين بسبب رسومات سخيفة لا تنفع ولا تضر لا الإسلام ولا رموزه.. وما قام به ويقوم به المؤمنون بالنهج نفسه، منذ عقود، يلزمنا بل ويجبرنا على أن نتوارى خجلاً مرغمين بسبب أننا نشترك مع أبطال تلك المخازي على البشرية والإنسانية في الدين (الإسلام) والأصل (العربي).. فما يقوم به أبناء الإسلام والعرب باسم الإسلام والعروبة هذه السنين هي أمور غير مسبوقة في التاريخ.. ونحن منها براء!
..ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
• هامش:
قول أعجبني: «عوّد نفسك على التجاهل، فليس كل ما يقال يستحق الرد»..