سبق أن أوردت الحادثة التالية في مقال سابق، وربما لا بأس من ذكرها ثانية لعلاقتها بموضوع مقالنا.
ذكر لي أحد قدماء «الإخوان» المصريين، الذي كان يثق بي كثيرا، والذي حضر للكويت من البصرة، بعد أن هرب من سجون عبدالناصر، وكان ذلك في منتصف خمسينات القرن الماضي. قام بعض كبار إخوان الكويت حينها بمساعدته، بسبب خلفيته الإخوانية. أرسله أحدهم لمسؤول في دائرة الاشغال للحصول على عقد بناء سور مقبرة. طلب منه ذلك المسؤول دفع رشوة 5 آلاف روبية للحصول على العقد، ويقول انه دفع المبلغ، وحصل على العقد، وكانت أرباحه من العقد بداية لبناء ثروته الطائلة!
قصة هذا الرجل، الذي توفي قبل عام تقريبا، والتي ذكرها لي بطريقة عادية، من دون استنكار أو خجل، ليست بالاستثناء، فغالبية الإخوان لا يستنكرون الإثراء من المال العام، أو بيت المال، لأن لكل مسلم «نصيبا فيه!».
أقول ذلك بمناسبة ما ذكرته في مقابلة مع قناة المجلس، قبل ايام، بأن «جميع» من انتمى للإخوان في الكويت، قد حقق منفعة مادية كبيرة من ذلك الانتماء، والأمثلة من حولنا لا تعد ولا تحصى، وكثيرون منهم بنوا ثروات كبيرة من خلال استغلالهم لأوضاعهم الحزبية ورضاء الحكومة عنهم، وربما رغبتها في شراء سكوتهم، وأحدهم تجاهل حتى دعوتنا لتعيين مكتب الزميل المحامي علي البغلي للنظر في الكيفية التي حقق فيها ثروته! أما «إن وجد» من بين الإخوان من لم يستفيدوا تجاريا أو هندسيا أو وظيفيا، بالتعيين في أعلى المناصب، فهم إما لا يزالون من الكوادر الشابة التي تنتظر دورها للاستفادة من انتماءاتها، واما لأنها ساذجة، ولم تكتشف حقيقة التنظيم.
يعتبر غالب همت ويوسف ندا وخيرت الشاطر أمثلة ساطعة على الثراء الذي حققه اشخاص لم يعرف عنهم الغنى قبل أن يصبحوا من كبار كوادر الإخوان، والذين جمعوا ثروات طائلة إما من خلال مشاريعهم الخاصة، واما غالباً من خلال الانتفاع من تشغيل أرصدة التنظيم العالمي.
يقيم يوسف ندا اليوم في إيطاليا، وغير معروف بطبيعة علاقته بالإخوان بعد أن عمل منسقا للعلاقات الدولية، أو وزير خارجية التنظيم لسنوات طويلة، وكان يلقب في فترة ما بأنه «ملك» الإسمنت في منطقة البحر المتوسط!!كما ترأس بنك التقوى، المتهم من قبل اميركا بدعم الإرهاب، كما حكم عليه نظام مبارك غيابيا في 2008 بالسجن 10 سنوات، مع 39 من قيادات الإخوان، قبل ان يتم العفو عنه لاحقا.