عروبة الإخباري – وسط جوٍّ تفاعليٍّ دافئ، تحدث مدير عام دائرة المكتبة الوطنية محمد يونس العبادي، عن المكتبة وأهميتها ودورها الوطني ومهامها المختلفة ورسالتها ورؤاها وتطلعاتها المستقبلية.
المحاضرة التي نظمتها وحدة الإعلام والعلاقات العامة والثقافية في الجامعة الأردنية، أقيمت في مدرج خليل السالم داخل كلية العلوم التربوية في الجامعة الأم، وأدارها وقدم العبادي فيها د. يونس الشوابكة، وحضرها عدد من الطلبة والمهتمين.
العبادي كشف في سياق حديثه السلس المسترسل الغني بالمعلومات أن دائرة المكتبة الوطنية تحتفظ حالياً بمليونيّ وثيقة منها 600 ألف وثيقة مؤرشفة إلكترونياً وموجودة على موقع الدائرة الإلكتروني. ولأن العصر أصبح عصر الصورة، كما يرى المحاضر، فقد جمعت المكتبة، بحسب العبادي، زهاء 350 ألف صورة منها 64 ألف صورة موجودة على موقع المكتبة الإلكتروني.
العبادي كان استهل محاضرته بحديث الذكريات وأشجان علاقته بالجامعة الأم، تلك العلاقة التي بدأت كما يقول في العام 1975 عندما دخلها طالباً، وتواصلت بعد ذلك عندما بقي داخل فضاءاتها موظفاً في وحدة القبول والتسجيل، ولم يبرحها إلا عندما لبى نداء الواجب موظفاً في الديوان الملكي العامر. في سياق التذكر وإجراء المقارنات يقول العبادي لحضور محاضرته إن الجامعة الأم بدأت العام 1962 بـ149 طالباً، من بينهم 13 طالبة فقط، وبثمانية أساتذة وثلاثة مبانٍ وموازنة قدرها 25 ألف دينار لا غير، ليخلص إلى استعراض هذا التطور والنمو الهائل واللافت الذي حققته الجامعة خلال 52 عاماً ماضية.
العبادي وصف المكتبة الوطنية أنها أم المكتبات بالنظر لأهميتها الوطنية ودورها المحوري القومي الحساس، صحيح أنها، كما يبيّن، ليست أقدم مكتبة أردنية، فالأقدم هي مكتبة إربد التي تأسست العام 1955، في حين تأسست مكتبة عمان العام 1962، ولكنها تمثل كما يقول: «البنك الثقافي المعرفي المركزي الوطني». في هذا السياق أوضح العبادي صاحب عديد المؤلفات الموثقة لمسيرة الهاشميين، أن المكتبات الوطنية هي على رأس قائمة الاستهداف عند احتلال قوة غاشمة لبلد ما؛ هذا ما حدث بحسبه عندما دخلت القوات الأمريكية بغداد، حيث استشهد هنا بعبارة قالها سمو الأمير حسن وقتها: «وثائق الهاشميين تتطاير في سماء بغداد». وهو ما حدث عندما احتل صدام حسين الكويت، وعندما دخلت فرنسا مالي، وعندما اجتاحت إسرائيل بيروت في العام 1982 وسطت على مركز الدراسات الفلسطينية وسرقت كثيراً من وثائقه.
سرقة الوثائق هي بمثابة تجريد شعب من هويته كما يرى العبادي، قائلاً: «من هنا نستدل على أهمية المكتبات الوطنية كبنك للوثائق والتوثيق والحفظ، فلا تاريخ بلا وثيقة، ولا بناء تراكمي». العبادي، مواصلاً حول هذا الموضوع، ذكر أن الأمريكيين، على سبيل المثال، يتفاخرون أن مكتبة الكونغرس هي أكبر مكتبة في العالم، وأنهم يسيطرون على العالم من خلالها. «هم الأقوى، وبالتالي مكتبتهم الأكبر». أيضاً مكتبة بريطانيا التي توثق لامبراطورية لم تكن تغيب عنها الشمس. «لم نعد نقول أرشيف الحكومة، بل أرشيف الدولة» يورد العبادي هذه العبارة في سياق تأكيده أن مهمات المكتبة تجاوزت مسألة أرشفة وثائق الحكومة، نحو أرشفة وثائق مؤسسات المجتمع المدني جميعها، وأرشفة أدبيات الأحزاب والأندية والجمعيات والهيئات وكل فاعلية من فعاليات المجتمع المدني. العبادي يبين في سياق متصل أن لدى المكتبة 55 ألف عنوان وطني أو لمؤلفات أنجزت على الأرض الأردنية. كما يستعرض ما لديهم من وثائق قديمة، مثل أعداد جريدة «الشرق العربي» جميعها، وهي أقدم جريدة أردنية إذ تأسست بتاريخ 28 أيار (مايو) 1923. العبادي ذكر أيضاً أن المكتبة الوطنية تعتمد أحدث برامج الأرشفة والفهرسة والتصنيف. كما قال إنهم من يعطي رقم إيداع للإصدارات والمؤلفات. وأيضاً الرقم المعياري الدولي الذي أصبح، كما يقول، بمثابة جواز سفر الكتب. متطرقاً لموضوع حماية حق المؤلف مبيناً أن مكتب حماية حق المؤلف التابع للمكتبة الوطنية يحول قرابة 40 قضية شهرياً إلى المحاكم المختصة، وهي قضايا تشمل القرصنة والتزوير والسرقات الأدبية وما إلى ذلك. العبادي تحدث أيضاً عن علاقة المكتبة بالجامعات المختلفة، خصوصاً الجامعة الأم، وعن حق الحصول على المعلومة والمكانة المتقدمة التي حققها الأردن في هذا المجال بشفافية عالية ونوعية. وحملة صديقك من بين المواضيع التي تطرق إليها العبادي، وهي الحملة التي انطلقت قبل أربعة أعوام بالتعاون مع اتحاد الناشرين ووزعوا بموجبها هذا العام نحو 47 ألف قصة طفل ممن يقطنون قرى وبلدات بعيداً عن العاصمة، وأخيرا لم ينس أن يتحدث عن مهمة المكتبة الوطنية المتمثلة بإصدار الببلوغرافيا الوطنية سنوياً.
العبادي: المكتبة الوطنية بنك معلومات مركزي
15
المقالة السابقة