عروبة الإخباري – كرمت جامعة الزيتونة الأردنية شيخ العلماء د. ناصر الدين الأسد الخميس الماضي بمناسبة يوم اللغة العربية خلال ندوة أكدت دور العلامة الأسد في خدمة اللغة والفكر العربي والأنساني.
تحدث الأسد عن طبيعة العصر الذي نعيشه عصر «انفجار المعرفة»، مؤكدا أننا :»نعيش في عصر تحيط بنا المعرفة من كل جانب بخيرها وشرها، فلا نكاد نخلص من معلومات معينة حتى تهاجمنا أخرى، والتعامل مع هذه المعلومات أو المعارف بحاجة إلى شيء من التأني».
ورأى أن هذا العصر هو:» عصر كتمان المعرفة، فهذه الصفة للعصر يدركها كل من أراد أن يتخصص بعلوم الفضاء والصواريخ وغيرها من العلوم في الخارج فيمنع من دراسة هذه العلوم، وبذلك نقرر أن هذه المعرفة مكتومة عن بعض الأفراد والشعوب»، مؤكداً أننا:» نعيش في عصر تداخل المعارف وتكاملها، فالتخصص في موضوع واحد مدعاة لعدم تطوير الذات المتخصصة، فمثلا كان اينشتاين يحفظ الكثير من الشعر الإنجليزي ليرطب جفاف دراسته، فهذا النوع من المعارف يكسب المتخصص رؤية وأفقا واسعا يساعده في التنقل بين المعارف دون مشقة».
ورأى عميد كلية الآداب في الجامعة د.عماد الزبن :»أن احترام العلماء واجب على الأمة، فالأمم يقاس تقدمها بتقدير علمائها ومبدعيها، كما أن جامعة الزيتونة اعتادت على تكريم العلماء».
وأكد وزير التربية والتعليم السابق د.محمد الوحش أن العلامة الأسد :»هو الموسوعة العربية المعاصرة التي خدمت وما زالت ولا تزال تخدم اللغة والفكر، كما كان لكتبه عن الأدب الحديث في الأردن وفلسطين أثر في توجهه لدراسة مجلة النفائس العصرية في مرحلة الدكتوراة، وأسهمت كتبه المتعددة عن الشعر الجاهلي في تفنيد حجج الديكارتيين العرب الذين أرادوا التشكيك في تراثنا العربي الأصيل».
وقال د. عبدالقادر الرباعي في ورقته البحثية عن «جهود ناصر الدين الأسد في التراجم الأدبية»:» إن ما يميز منهجية الاسد في الترجمة حرصه على إبعاد ذاته عمن يتحدث التزاما بالموضوعية العلمية، فتتبعه كان صادقا وممتعا عميقا برغم البساطة التي يظهر عليها، وكان يستعين في ترجمته بالمعاجم والكتب والسير، فهو يتوخى الدقة العلمية لتحقيق فضوله العلمي، واكتشاف المعرفة اليقينية في آن، لذلك كان لا يتورع ناصر الدين الأسد عن ترجيح رأي على رأي، وتصحيح أخطاء الباحثين بالدليل والبرهان».
وأكد د.سمير قطامي على جهود د. ناصر الدين الأسد :»في تأسيس الجامعة الأردنية رغم الصعوبات التي واجهته، وحرصه على مدها بالأساتذة من مصر وسوريا في بداية تأسيسها، بالاضافة إلى مجلسه العلمي الذي ينعقد أسبوعيا ويحرص على حضوره طلبة العلم وأساتذتهم»، وأشار إلى علاقة ناصر الدين الأسد بعميد الأدب العربي طه حسين، حيث أنه لم ينقض أفكار طه حسين، بل درس الموضوع من جوانب مختلفة، وكشف بأسلوب غير مباشر ضعف حجج طه حسين».
ووقف د. ماجد حرب في ورقته «تجريد العناية لإظهار الكفاية في منهج الشيخ البحثي» على الركائز البحثيَّة التي انْبنى عليها منهج الشيخ الأسد، فتحدَّث عن :»المراوحة بين لعبتي التسليم والتشكيك؛ إذ كلُّ نظرية لا معْدى لها عن لعبتين؛ الأولى تسمَّى لعبة التسليم، يقبل فيها الفرد النظريَّة، ويبحث في الطرائق التي تجعله يعمِّق فهمه لها، والثانية تسمَّى لعبة التشكيك ، يبحث فيها الفرد عن مثالب النظريَّة، وعن جوانب قصورها، وكلتا اللعبتين تفضي إلى حَراكٍ معرفيٍّ». ثمَّ تحدَّث عن الدعم البنيويِّ، بما هو حالةٌ من تآزر الأدلَّة التي يجمعها الباحث من مصادر مختلفة، ليؤكِّد فكرةً أو ينفيها، أي حالة من الارتقاء فوق المتناقضات رومًا إلى فكرةٍ ذات بنيةٍ معضودة الأجزاء، وينجو الباحث من وهدة الذاتيَّة المفرطة، بما هي إصاخةٌ إلى هوى النفس، ويتدرَّج في معراج الموضوعيَّة العلميَّة الحقيقية، بمقدار أخذه بالدعم البنيويِّ، إذ به يبسط فهمًا يرتجي أنْ يقبله الآخرون، والكفاية المرجعيَّة، ركيزة ثالثة تعني أن يكون عمل الباحث كفيًّا، فيه مقنعٌ للقارئ وغنية عن غيره، فيُكتفى به ولا يُبحث عن غيره».
وأشارت ورقة د. زاهرة أبو كشك «الأدب والايديولوجيا عند ناصر الدين الأسد» يلتمس الباحث النواحي المشتركة بين الأدب والايديولوجيا فيها جميعا، فهو مبدع مؤلفات تراثية تحمل ما تحمل من سماتها الفكرية والرؤى المنبثقة عن فهم واع للأحداث وارتباط القديم بالحديث، فالايديولوجيا ترتبط بمقول العمل الأدبي ويحتضنها مضمونه، كما ترتبط بالشكل التعبيري والالتزام في الموقف الذي يعبر عنه الناقد أو الأديب».
إلى ذلك قرأت الشاعرة نبيلة الخطيب قصيدتها «عاشق الزنبق» التي اختارها العلامة ناصر الدين الأسد كأفضل قصيدة شعرية قبل أعوام خلت. وقالت د. صبحة علقم التي أدارت الندوة :»أن د.الأسد ظاهرة لغوية فذة قد لا تتكرر، استفاد من علمه العلماء والباحثون في المجالات المعرفية كافة، لذلك يستحق التكريم من مجالس العلم».