عروبة الإخباري – أكد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد،”إننا في الأردن الغالي، قوتنا بإنساننا، والكل له صوت، وصوت الجميع مسموع، وتلك هي الرسالة الهاشمية التي تأسس وبني وتعزز عليها الأردن”.
وقال سموه، في كلمة له خلال إطلاقه مبادرة “سمع بلا حدود”، السبت، في قصر الحسينية، “معا ومن خلال مبادرة سمع بلا حدود، نستطيع أن نجعل الأردن خاليا من الصمم”.
وفي حديثه عن فكرة المبادرة، أوضح سمو ولي العهد، في كلمته، “قبل عامين، قابلت أطفالا حرموا من حاسة السمع، ولم تفارقني فكرة طفل صغير ينام ويصحو دون أن يسمع صوت أبويه، ودون أن يسمع الأناشيد والقصص، قابلت أهالي ينتظرون اليوم الذي يستطيعون فيه أن يسمع طفلهم حبهم ودعاءهم له، ويسمعهم كلماته، ذلك الطفل المحروم من سماع الدنيا، تحرم الدنيا من سماعه”.
وخاطب سموه الحضور “كثيرا ما تأخذنا الحياة وتلهينا تفاصيلها عن الشعور بالنعم، فنعتبرها مسلمات ولا نعرف قيمتها حتى نرى؛ أو نسمع عن؛ أو نشعر مع من حرم منها”، مستشهدا بالآية الكريمة التي تتحدث عن نعم الله على عبادة في السمع والأبصار والأفئدة.
ولفت سمو ولي العهد إلى أنه في الأردن يولد ثلاثمائة طفل سنويا بإعاقة سمعية وينتظرون المساعدة، ليسمعوا ويتكلموا، فعدم النطق ملازم لعدم السمع في هذه الحالات دائما، مؤكدا سموه أن فرصة هؤلاء الأطفال كبيرة بأن ينعموا بالسمع والنطق بطريقة طبيعية، إذا ما تم التدخل الطبي قبل أن يصلوا سن السادسة.
وعبر سموه عن تقديره عاليا لجهود جلالة الملك لرعايته واهتمامه بهذه الفئة، وقال “في عام 2003 بدأ جلالة سيدنا الملك عبدالله الثاني، بحنو أب، عمليات زرع قوقعة الأذن بمكرمة ملكية، ومنذ ذلك التاريخ ونحن نسير قدما لتأمين السمع للأطفال، وأصبح لدينا أطباء من كبار الأخصائيين في هذه العملية والمميزين على مستوى العالم، وبعضهم حاضر بيننا”.
وأعرب سمو ولي العهد، خلال كلمته، عن شكره وتقديره لهؤلاء الأطباء، وللخدمات الطبية الملكية، ووزارة الصحة، ومستشفى الملك المؤسس عبدالله الجامعي، على شراكتهم مع المبادرة، والتي أثمرت عن زراعة خمسمائة قوقعة تقريبا، وتأهيل الأطفال لدخول عالم السمع والتواصل مع العالم ومجتمعهم بصورة كاملة.
كما شكر سموه، شركة ميد إيل (MED EL) النمساوية التي تبرعت لهذه المبادرة بثلاثين قوقعة، والطبيب الألماني ماتيوس تيش (Matthias Tisch)، الذي يقوم ومنذ خمس سنوات، بزراعة جزء من هذه القواقع “لأطفالنا” بمشاركة فريق من الأطباء في الخدمات الطبية الملكية.
واختتم سمو ولي العهد كلمته قائلا “كل قوقعة نؤمنها لطفل من أطفالنا تكمل حواسه الخمسة، ونعمة تتغير معها حياتهم كلها، اليوم سأكون صوتا لهؤلاء الأطفال”.
وفي إطار تعزيز مبادرة “سمع بلا حدود” وتوسيع مظلة الاستفادة منها، يواصل الأطفال الذين يعانون من إعاقة سمعية، تلقي العلاج بالمجان، عبر مستشفيات الخدمات الطبية الملكية، ومستشفى الملك المؤسس عبدالله الجامعي، ومستشفى الأمير حمزة بن الحسين.
وتهدف المبادرة إلى معالجة الأطفال الذين يعانون من الصمم من خلال زراعة أجهزة القوقعة لهم، وإنشاء مراكز في جميع أنحاء المملكة لتأهيل هؤلاء الأطفال الذين خضعوا لعملية الزراعة، وتدريب المختصين بتأهيل النطق لهم، وكذلك تدريب أسر الأطفال المستفيدين لمساعدة أبنائهم على النطق.
وتركز الأهداف على أهمية التوعية، من خلال، إبراز أسباب الإعاقة السمعية الناتجة عن حالات تعود لزواج الأقارب أو مسببات أخرى كالتهاب السحايا، إضافة الى إجراء مسح عام لتحديد ووصف كل حالة من حالات الصمم وطرق معالجتها بالتعاون مع المستشفيات من مختلف القطاعات في المملكة والأعداد التي يمكنها الاستفادة من المبادرة، وبناء قاعدة بيانات لحفظ فحوصات السمع للأطفال حديثي الولادة.
وخلال الحفل الذي حضره عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء، نوه مدير عام الخدمات الطبية الملكية اللواء الطبيب خلف جادر السرحان، في كلمة له بجهود سمو ولي العهد، في دعم ورعاية مبادرة “سمع بلا حدود”، التي تحمل في ثناياها العمل الدؤوب والمتميز في الأداء والانتاجية، لتخفيف معاناة المرضى، الذين يعانون من فقدان السمع ودمجهم في منظومة المجتمع، ليكونوا قادرين على ممارسة حياتهم الطبيعية.
وقال إن الخدمات الطبية الملكية تحرص على مواصلة تقديم خدماتها للمرضى، من خلال مواكبة التطور والحداثة في مرافقها وتخصصاتها، باعتبارها المؤسسة الصحية الأم في القطاع الصحي، حيث تعتبر، منذ عام 2003، الأولى في زراعة القوقعة، ليس محليا فقط بل إقليميا أيضا، مشيرا إلى أن إنشاء وحدة زراعة القوقعة في عام 2005، جاء لرفع المعاناة عن المرضى والمحتاجين فاقدي السمع، وتأهيلهم وبنسبة نجاح 100 بالمائة.
وأضاف السرحان، أن دعم سمو ولي العهد، لمأسسة هذه المبادرة، سوف يكون له الأثر الكبير في التخفيف من معاناة المرضى، حيث بلغ عدد عمليات زراعة القوقعة في مستشفيات الخدمات الطبية الملكية، نتيجة دعم سموه لجهة الاهتمام والرعاية بهذه الفئة في عامي 2013 و2014 نحو 127 حالة، من أصل 553 حالة منذ عام 2003 وحتى الآن.
وفي إطار حديثه عن خطط الخدمات الطبية الملكية المستقبلية، لفت السرحان الى أنه سيتم استحداث مركز وطني لزراعة القوقعة بجميع أقسامه الجراحية، ووحدة للتأهيل السمعي والنطقي للمرضى فاقدي السمع، وتخصصات طبية في هذا المجال.
بدروه، أشار مدير المبادرة صخر الفايز، خلال كلمته، الى أن مبادرة سمو ولي العهد، ساهمت في التخفيف من الأعباء المادية والنفسية التي يعاني منها محتاجو القواقع وأسرهم، حيث تبلغ كلفة زراعة القوقعة والتأهيل اللاحق لها 16 ألف دينار، بينما يكلف تعليم الطفل الأصم ما يقارب ستة آلاف دينار سنويا، أي بمعدل 72 ألف دينار خلال 12 سنة دراسية.
وبين أن عملية زراعة القوقعة تجعل من الشخص مؤهلا للتواصل والتفاعل مع مجتمعه بالكامل، الأمر الذي يؤدي الى زيادة انتاجية الفرد، لافتا الى أن “سمع بلا حدود” مبادرة شاملة، تتطلب العمل بمنهجية ومأسسة، عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وأبدى صهيب البرغوثي ممثل شركة (MED EL)، التي تعتبر من أهم ثلاث شركات في هذا العالم في هذا المجال، استعداد الشركة لتقديم الدعم لمبادرة سمو ولي العهد “سمع بلا حدود”، مستعرضا مكونات جهاز زراعة القوقعة، الذي يتكون من جزأين، الأول داخلي يزرع على عظمة الصدغ في الرأس، والثاني خارجي يركب على الأذن الخارجية، تكون وظيفته توصيل جميع الأصوات الخارجية الى الأذن الداخلية، وبالتالي يستطيع الطفل أن يسمع جميع الأصوات بشكل طبيعي ويمكنه من التفاعل مع محيطه.
من جانبه، شكر العقيد الطبيب الألماني البروفيسور ماتيوس تيش، خلال كلمة له، سمو ولي العهد على هذه المبادرة الريادية على مستوى المنطقة، والتي تهدف الى زراعة قواقع للمصابين بالصمم من أطفال الأردن، ليتمكنوا من الانخراط بالمجتمع وبناء المستقبل الأفضل لهم.
وشاهد سمو ولي العهد والحضور خلال الحفل، فيلما قصيرا يعرض حالات ميدانية لمرضى أجريت لهم عملية زراعة القوقعة، ومكنتهم من التفاعل مع ما يدور حولهم ابتداء من الأهل والمدرسة إلى الحياة العملية.
ويولد في الأردن سنوياً ما يقارب 172 ألف طفل، أثنان من كل ألف مولود مصابان بالصمم، فيما يقدر عدد المصابين بالصمم ما يقارب 19000 ألف شخص، معظمهم لا يستطيعون التواصل مع مجتمعهم بصورة كاملة، على الرغم من تعلمهم لغة الإشارة.
ومن خلال “مبادرة سمع بلا حدود”، أجري في مستشفيات الاختصاص الثلاث، 106 عمليات لزراعة القوقعة عام 2013، و150 أخرى في عام 2014، مثلما تم تأمين 215 قوقعة حتى نهاية عام 2014.