عروبة الإخباري – ابنّت مؤسسة التعاون، المخصصة لدعم صمود الشعب الفلسطيني، أول من أمس الجمعة في عمان أحد كبار مؤسسيها، رجل الأعمال الفلسطيني سعيد خوري، وذلك باقامة حفل عشاء خيري رعاه رئيس الوزراء اللبناني الاسبق فؤاد السنيورة، وبحضور مجلس إدارة المؤسسة، وال الفقيد وعدد من كبار الشخصيات السياسية الأردنية والعربية.
واستذكر رئيس مجلس امناء مؤسسة التعاون فيصل العلمي، في كلمة القاها بالحفل، مناقب فقيد فلسطين الراحل المعلم سعيد الخوري، “الاقتصادي والمبدع والوطني الكبير، الذي قدم نموذجا للاقتصاد الفلسطيني الوطني، والانسان المتواضع الدمث”.
وتوفي خوري في اثينا يوم 15 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، عن عمر ناهز 91 عاما، ويعد من أكبر رجال الأعمال العرب، حيث اسس شركة “سي سي سي” للمقاولات، التي انشأها مع صديقه وقريبه المرحوم حسيب صباغ منذ العام 1952، وتعد واحدة من أكبر شركات الانشاءات في المنطقة والعالم.
والمرحوم خوري من مواليد 1923 في مدينة صفد الفلسطينية، وتخرج مهندسا من الجامعة الأميركية في بيروت، ومنها عاد إلى صفد العام 1946 ليؤسس شركة بناء خاصة به، لكنه أجبر على المغادرة العام 1948 عند قيام دولة الاحتلال، حيث هاجر إلى لبنان.
وقال العلمي ان سعيد “عمل طوال حياته لفلسطين ومن اجلها”، واضاف: “لقد كانت فلسطين وشعبها وشبابها بوصلة المعلم سعيد في كافة مراحل حياته، فمنذ نشاته الأولى أمن بعدالة قضيتنا وواكب مراحل الصراع وكان له دور فعال وذو اثر، ولو ان عمله كان دائما بصمت”.
وساهم خوري في اطلاق مبادرات خيرية في فلسطين وخارجها، واضافة الى تأسيس منظمة التعاون، أنشأ معهد سعيد خوري لتكنولوجيا المعلومات في جامعة القدس، واشرف على مركز التعليم المستمر في جامعة بيرزيت.
وقال العلمي ان خوري “اسس مدارس عدة ذات ثقافات مميزة بالوطنية والصلابة والنظرة الثاقبة، وهو من المؤسسين الاوائل لمؤسسة التعاون”، وشدد ان “عطاءه لم يكن لمؤسستنا الا جزءا من الانتماء والالتزام الوطني، الذي عمل له دوما، وكان قيما على التواصل بين الاجيال لتأمين الاستمرار في الانتاج والابداع، وحرص على تولي جيل جديد امانة هذه المسؤولية”.
واستعرض العلمي ايضا، انجازات ومشاريع مؤسسة التعاون، التي بدأت عقدها الرابع، حيث تمكنت من تصميم شبكة واسعة من البرامج المتكاملة، في فلسطين، مثل برنامج اعمار البلدات القديمة في فلسطين (اعمار)، والطفولة المبكرة (سكر)، والمدرسة المتميزة (تميز)، و”مستقبلي” لرعاية الايتام في غزة، وتوظيف الشباب، وبرنامج المتحف الوطني الفلسطيني.
من جانبه، تحدث في الحفل الرئيس السنيورة، مستذكرا مسيرة خوري، وقال انه كان “من رجال فلسطين الكبار، الذين شكّلوا في حياتهم قصة نجاح، ونموذجاً من النماذج العصامية البارزة والمحترمة والرصينة في منطقتنا والوطن العربي، وهو الذي صار أيضاً قدوة لأجيال من الشباب الفلسطيني والعربي في التزامه الوطني والعربي وتمسكه بالقيم الرشيدة والمبادئ القويمة”.
واضاف السنيورة ان المرحوم خوري هو “من جيل عايش النكبة واكتوى بنارها، وتربّى وعاش على قدسية قضية فلسطين وقدسية استرجاع حقوق الشعب الفلسطيني”. مؤكدا انه “بنى قناعاتِه على أساس تمسكه بتراب فلسطين وفي إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة للشعب الفلسطيني. وعلى ذلك ظلّ ملتزماً بتلك المبادئ حتى آخر لحظة من حياته”.
واشار السنيورة الى ان مؤسسة التعاون أنفقت منذ العام 1983 ما يزيد على 500 مليون دولار، أدارت من خلالها آلاف المشاريع التنموية والمساعدات الإنسانية الطارئة الهادفة لدعم المجتمع الفلسطيني وحماية صموده، عبر منظمات غير حكومية والجمعيات الخيرية، بشكل رئيسي في قطاعات التعليم والتنمية المجتمعية والثقافة والمساعدات الإنسانية.
وتمكنت “التعاون”، بحسب السنيورة، من تحسين مستوى حياة ومعيشة أكثر من مليون فلسطيني، وخاصةً الأطفال والشباب، وذلك عبر شبكةٍ واسعةٍ من البرامج والمشاريع التي تغطّي مناطق عملها الواسعة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس ولبنان ومناطق فلسطينيي العام 48.
وقال: “لمن نترك نحن العرب الرايةَ العربية في فلسطين، أإِلى إيران وميليشياتها، أم للتطرف الديني والإرهاب؟! إنّ استعادةَ الوعي الفلسطيني والعربي كُلِّه وقْفٌ على استعادة الوعي بمفتاحية قضية فلسطين والقدس لكلِّ ما عداها. لا عروبةَ بعد فلسطين، ولا رايةَ بعد رايتها. كيف يحدث ذلك أو كيف ينبغي أن يحدثَ ذلك؟”.
واعتبر السنيورة: “ان اولى الاولويات الأن يجب ان يكون بالعمل على وقف التدهْوُر في قضية الشعب العربي الفلسطيني وإنهاءُ الانقسام الداخلي. إذ لا معنى للصراع على السلطة في ظلّ الاحتلال والابتلاع. على وجه الخصوص إنّ أكثر من نصف الشعب الفلسطيني يعيش في خطرٌ داهمٌ وأشدُّ هولاً من العديدِ منها ألاَ وهو التردّي في المستويات التربوية والتعليمية بالذات حيث تزدادُ مؤشِّراتُ التخلف التربوي والتعليمي تراجُعاً بمقاييس العصر الذي صار التعليم والتدريب والمواكبة لروح العصر ومتطلباته فيه في ذِروة الأولويات”.
وختم السنيورة بالقول ان “خوري ورفاقُه سلكوا المسلكَ الصعبَ، لكنه المسلكُ المؤدّي إلى النهوض والتقدم والتحرر والحرية والتلاؤم مع حركة العصر وما تقتضيه حالُ التراجع في أمتنا”. وزاد “انّ شروط سعيد خوري هي شروط إنقاذ فلسطين، ونهوض الأمة العربية”.
وسبق لخوري ان تولى منصب حاكم صندوق النقد العربي، ورئيس مجلس إدارة رجال الأعمال الفلسطينيين، ورئيس مجلس إدارة شركة الكهرباء الفلسطينية في غزة، وعضو مجلس الأمناء لمعهد الدراسات الفلسطينية في بيروت، وعضو مجلس الأمناء لمؤسسة بيت لحم في واشنطن، وعضو مجلس الأمناء للأبرشية الإغريقية الأرثوذكسية لأوروبا. وهو عضو فخري في معهد “إسبن” لدراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية في واشنطن.