حل سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، حل ضيفا عزيزا كريما على أخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في زيارة أكدت على أن الأصل والثابت بين قطر والإمارات هي العلاقات الأخوية المتينة والراسخة التي تضرب بجذورها عبر التاريخ، وعبر مسيرة حافلة من التواصل والتكامل بين البلدين والشعبين الشقيقين .
إن ما يربط قطر والإمارات شعبيا ورسميا لا يمكن القفز عليه في أي مرحلة من المراحل، حتى وإن وجدت بعض الاختلافات لظرف ما، في وجهات النظر، فإن حكمة وحنكة قيادتي البلدين الشقيقين حتما ستتجاوز ذلك، وهذه هي الثقة التامة، والقناعة الأكيدة لدى شعبي البلدين اللذين اليوم هما الأكثر سعادة بهذه الزيارة، التي من المؤكد أنها حققت نتائج إيجابية جدا، وهو ما ظهر جليا في المباحثات بين سمو الأمير وأخيه الشيخ محمد بن زايد، حيث برهنت عمق هذه العلاقات وأنها أقوى من أي اختلافات في وجهات النظر إذا ما وجدت .
ما يميز مجلس التعاون الخليجي طوال مسيرته الممتدة لنحو ” 34 ” عاما أن قادته استطاعوا بحكمة تجاوز كل ما يمكن أن يطلق عليه ” أزمات ” أو ” عقبات ” اعترضت هذه المسيرة، ولم يسمحوا لأطراف خارجية بالدخول إلى البيت الخليجي ـ الخليجي، الذي ظل محصنا ضد أي ” اختراقات ” خارجية تسعى للدخول إليه .
هذا الحرص من قبل قادة دول مجلس التعاون هو الضمانة لبقاء هذا الكيان الخليجي، إضافة بالطبع إلى شعوب دول المجلس التي هي اليوم متداخلة ومترابطة أكثر من أي فترة مضت .
اليوم، المطلوب ليس فقط بقاء مجلس التعاون ككيان، بل بقاؤه قويا متماسكا للتصدي للتحديات التي تواجه هذا الكيان، والأخطار المحدقة بالمنطقة، وهو ما يتطلب اليقظة والعمل سويا ومعا ككتلة خليجية موحدة، حتى وإن وجدت بعض الاختلافات في وجهات النظر، فهي بالتأكيد ثانوية، ولا تمثل خطرا إذا ما وضعنا هذا الاختلاف في إطاره الصحيح، وتمت معالجته بروح أخوية، فما يجمع دول مجلس التعاون أكبر بكثير مما قد يختلفون بشأنه، بل حتى هذا الاختلاف إذا ما وجد، فإنه سيتم تجاوزه بحكمة القادة، الذين هم أكثر حرصا على بقاء هذا الكيان الخليجي قويا ومتماسكا، والمضي قدما نحو المستقبل بروح جماعية وعمل جماعي من أجل مستقبل أكثر إشراقا لأبناء مجلس التعاون، وأكثر أمنا واستقرارا من أجل استمرار التنمية الشاملة التي تشهدها دول المجلس، وهو أمر تحسد عليه هذه الدول، وتعمل أطراف خارجية للكيد لدولنا الخليجية، من أجل إشغالها بأمور ثانوية على حساب الأولويات الخاصة بمواطنيها، الذين يمثلون أساس التنمية .
لقد أزالت زيارة سمو الشيخ محمد بن زايد للدوحة أمس كل اللغط الذي دار خلال الأشهر القليلة الماضية عن العلاقات القطرية ـ الإماراتية، وهي اليوم تنطلق وهي أكثر وهجا نحو المستقبل من أجل مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، ومن أجل مسيرة مجلس التعاون الخليجي إجمالا .
لذلك نحن واثقون أن قمة الدوحة الخليجية التي ستعقد في 9 ديسمبر القادم ستكون منعطفا مهما في مسيرة مجلس التعاون، وستدفع نحو تعزيز هذه المسيرة وترسيخها، وتجاوز كل الشوائب التي قد تعرقل أو تبطئ هذه المسيرة، والنظر للمستقبل برؤية خليجية ـ خليجية، لأن مستقبل هذه الدول وهذه الشعوب مجتمعة بعضها ببعض، وهذه حتمية لا يمكن القفز عليها أو مسحها بـ ” جرة ” قلم .
حتى إن وجدت اختلافات ـ وأنا أؤكد أنها اختلافات وليست خلافات ـ بين أي دولة خليجية وشقيقتها الخليجية فإنه سرعان ما يتم تجاوز ذلك بحكمة قادتها، وحرصهم على وحدة الصف الخليجي، وإيمانهم بأهمية وجود وبقاء مجلس التعاون متماسكا وقويا أمام كل العواصف، والوقوف صدا منيعا أمام كل التحديات والمخاطر الخارجية التي قد تواجه هذا الكيان الخليجي .
جابر الحـرمـي/قطر والإمارات .. أكبر من أي اختلافات
12
المقالة السابقة