عروبة الإخباري – عاش الشعب الخليجي وقياداته السياسية وكتابه ومفكروه على مدار سنة تقريبا في حالة أزمة سياسية وارتباك كادت أن تعصف بالخليج العربي وتطيح بكل جهوده على مدار الثلاثين عاما الماضية. لم تكن تلك الأزمة مبنية على حقائق جوهرية تتعلق بالشأن الداخلي الخليجي يجعل أهل الرأي يدلون بدلائهم في إصلاح ما اختل في مسار العلاقات البينية الخليجية، إن كل ما قيل هنا وهناك أقوال مفبركة ومعلومات ليست مؤكدة وإذا أُكد بعضها فإنما كانت عن طريق الضغط والإكراه وتلك الأقوال لا يعتد بها قضائيا.
(1)
بالأمس اجتمع قادة مجلس التعاون الخليجي في الرياض في غياب سلطنة عمان وتم التفاهم بين القيادات الخليجية على تجاوز خلافاتهم والعودة إلى الصف الواحد في مواجهة الأعاصير التي تحيط بأهل الخليج العربي من كل اتجاه. والحق، أن الفضل في إعادة اللحمة بين القيادات الخليجية يعود إلى الجهود التي قام بها سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد آل صباح طوال الفترة الماضية وحكمة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين التي استضافت القمة التشاورية آنفة الذكر وخلصت إلى فتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الخليجية ــ الخليجية.
لقد جاء في بيان القمة آنفة الذكر: “أنهم يشددون على روح التعاون الصادق والتأكيد على المصير المشترك ” ونحن بدورنا نقول إن روح التعاون تتطلب حسن النوايا وعدم الشك والاستماع إلى ما يقول به الوشاة وأصحاب المصالح الذين تتحقق مصالحهم عندما يوقدون نار الفتنة بين قادتنا بطريقة أو أخرى. أن التعاون الصادق الذي لا لبس فيه يجعلنا نباهي الأمم بتعاوننا وصدق نوايانا وصدق أقوالنا وأفعالنا وبذلك نكسب ثقة الآخرين واحترامهم لإرادتنا السياسية والإستراتيجية.
(3)
في حوار تلفزيزيون مع (بي. بي. سي.) الليلة الماضية تناول الحوار مطالب الدول التي استدعت سفراءها من قطر (السعودية والبحرين والإمارات) وكانت ترتكز كما قالت مديرة برنامج شؤون الساعة على ثلاث قضايا، التجنيس والإعلام والإخوان المسلمين، وكان رأيي أن الإخوان المسلمين من مصر وسورية والعراق كانوا متواجدين في دول الخليج العربية منذ منتصف خمسينات القرن الماضي وعملوا في دوائر الحكومات الخليجية دون استثناء ولم يجدّ علينا جديد في هذا المجال إلا بعد ثورة 25 يناير 2011 المصرية وطوال ستين عاما لم يشكل الإخوان المسلمين أي خطورة على أمن المنطقة. وفي المجال الإعلامي كان المستهدف هو محطة الجزيرة وليس غيرها والرأي عندي أن الجزيرة أعادت صياغة الإعلام العربي ليتناسب وظروف الإعلام الدولي خاصة إعلام التواصل الاجتماعي وفي متابعتي للجزيرة لم تتناول أي شأن خليجي بالشرح والتحليل الناقد على مدى العشر سنوات الأخيرة، إلا ما يذاع رسميا، أما معالجة القضايا الأخرى مثل تونس ومصر وليبيا واليمن فماذا يضير النخب السياسية أن يتناول الإعلام القطري أو الإماراتي أو السعودي تلك الأحداث متابعة وشرحا وتحليلا.
أما قضية التجنيس / أو تجنس مواطنين خليجيين في دول خليجية فما هو الضرر من ذلك؟ إني أدعو حكامنا في الخليج إلى توحيد الجنسية / المواطنة لكل أبناء الخليج العربي دون استثناء وأزيد على ذلك نحن نحتاج إلى تجنيس ما يقارب 20 مليون عربي في هذه المنطقة على أن يتمتعون بحق المواطنة الكاملة لكي يضيفوا إلى قوتنا قوة وعلينا اختيار من نمنحهم الجنسية شرطه الأساس أن يكون عربيا يجيد مهنة من المهن.
(4)
أعود إلى الخلافات بين قادة مجلس التعاون فأقول إنها: تضعف المجلس أمام المجتمع الدولي ولا تجعل له هيبة ولا قيمة سياسية أو اقتصادية وسيتحكم في قراراته الغير.
إن تلك الخلافات تقوي وتحفز الطامعين في الهيمنة على الخليج العربي وثرواته وصناديقه السيادية.
إن دول المجلس قوة اقتصادية عملاقة، اهتز الاقتصاد العالمي كله عام 2008 وكان تأثير تلك الأزمة العالمية على دولنا يكاد لا يذكر مقارنة بما حدث للاقتصاد الرأسمالي العالمي برمته، ومكانة إستراتيجية هامة إلى جانب نظم حكم متجانسة لكن مع الأسف الشديد لم تستخدم تلكم المكانة بطريقة جماعية، وبُعثرت الأموال في كل مكان بلا عائد خير على المنطقة.
إن الحرب أو الحروب على الإرهاب التي أعلنتها الدول الأوروبية وأقحمت فيها دول مجلس التعاون ليست حروب دول المجلس إنها حروب غير ولا يجوز أن نكون طرفا فيها إلا ما يمس كياناتنا القطرية.
إن الحرب على “داعش” رصدت لها ميزانية تقدر بأكثر من 60 مليار دولار ولمدة تتجاوز عشر سنوات وحصة دول الخليج العربية في تمويل هذه الميزانية هي الأكبر والذي سيحصد الفوائد والأرباح هي إيران وإسرائيل ولا غيرهما فهل أنتم تعقلون؟.
آخر القول: حسنا ما فعل حكامنا بحل الخلافات فيما بينهم وفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الخليجية ــ الخليجية وعودة السفراء الثلاثة إلى مقار أعمالهم في الدوحة.
محمد المسفر/عودة الخليج إلى الحضن القطري
11
المقالة السابقة