عروبة الإخباري – دعا خبراء تربويون الى التقاط الرسائل الملكية فيما يتعلق بإصلاح التعليم ووضع استراتيجيات شاملة تضمن معالجات جذرية للإخفاقات التي شهدها النظام التعليم الاردني بشقيه العام والجامعي خلال السنوات القليلة الماضية وتطوير منظومة التعليم الاكاديمية والمهنية والتكنولوجية في الاردن.
واكدوا في مقابلات مع وكالة الانباء الاردنية (بترا) أن توجيه جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الامة السابع عشر لإصلاح التعليم، يعكس الأهمية الكبيرة التي يوليها جلالته لهذا القطاع الحيوي انطلاقا من أهمية التعليم في بناء مستقبل الاوطان وشعوبها.
ودعوا الى ضرورة الابتعاد عن الحلول العرضية والآنية لمشاكل التعليم والتركيز على الحلول الجذرية، والانتقال من التعليم السردي والتلقيني الى التعليم الذي ينمي مهارات الابداع والتفكير ويعزز التوجه نحو التعليم المهني.
وأكد وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور وجيه عويس، ضرورة إيجاد خطط اصلاحية شاملة للتعليم بنوعيه العام والاكاديمي سواء في المدارس او الجامعات، والوقوف عند الإخفاقات التي شهدتها مسيرة التعليم الاردنية وتجلت في تدني مخرجاتها، مشيرا الى العديد من الخطط الموجودة لإصلاح التعليم والتي ما تزال بحاجة الى تطوير وتطبيق على ارض الواقع.
وشدد على ضرورة ان تطال خطط اصلاح وتطوير التعليم، المناهج الدراسية والبنية التحتية للتعليم والتركيز كذلك على منظومة القيم الدينية والانسانية والاجتماعية.
وقال «ان التركيز الملكي المستمر على قضايا التعليم يجب ان يكون حافزا لمزيد من الخطوات الجادة في اصلاح التعليم وتطويره وبما يعزز مكانة الاردن كمركز تعليمي متميز على المستويين المحلي والاقليمي، مؤكدا في الوقت ذاته اهمية الانجازات التي حققها الاردن في قطاع التعليم وما يحظى به من سمعة طيبة في هذا المجال».
وبين عويس ان التعليم يعتبر حجر الزاوية في نهضة الامم والشعوب وتقدمها وهذا ما يجسد الاهتمام الملكي بقضايا اصلاح التعليم.
من جانبه، قال وزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير التربية والتعليم الاسبق الدكتور وليد المعاني»إن جلالة الملك عبدالله الثاني لم يتوان في كل خطبة للعرش او توجيه للحكومة عن التأكيد على اهمية اصلاح وتطوير الخدمات التعليمية في القطاعين العام والعالي وكذلك الخدمات الصحية لأهمية القطاعين في تعزيز مسيرة البناء والتطوير في البلاد».
ودعا المعاني الى التقاط الرسائل الملكية المتكررة للمسؤولين لمعالجة كافة القضايا الوطنية وبخاصة ما يتعلق بالتعليم، مبينا ان الحلول التي عادة ما نلجأ لها تركز على الاعراض الآنية بعيدا عن الحلول الجوهرية.
وأشار الى تدني تنافسية الخريج الاردني وتدني نتائج الطلبة الاردنيين في الامتحانات الدولية، فيما اعتبر ان المناهج التدريسية ما تزال بحاجة الى مزيد من التطوير والتحديث، وكذلك الامر فيما يتعلق بالبيئة المدرسية، مؤكدا اهمية دور المعلم في العملية التعليمية والكفاءة في اختيار المعلمين واعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات.
ودعا الى التركيز على التعليم المهني واجراء ما يشبه «الفلترة لطلبة المدارس» من خلال امتحان يمكن من ايصال الطلبة الكفؤين للجامعات وتوجيه الاخرين نحو التعليم المهني الذي يلبي احتياجات سوق العمل المحلي والاقليمي.
وقال المعاني «إن عملية الاصلاح في قطاع التعليم التي ينادي بها جلالة الملك لا تتوقف عند التعليم العام بعيدا عن التعليم الجامعي الذي بات بأمس الحاجة الى ثورة اصلاحية شاملة تنعكس اثارها على المخرج التعليمي الجامعي».
ودعا الى تطبيق استراتيجيات شاملة للإصلاح مبنية على خطط مدروسة تعتمد التطوير والتغيير في الجوهر والمنتج وتنتقل بالتدريس في المدارس والجامعات من النمط التقليدي الى التعليم التكنولوجي المعاصر.
وبين المعاني ان جلالة الملك يضع الجميع، في كل خطاب، امام مسؤولياتهم الحقيقية، ويمنحهم الضوء الاخضر لإحداث التغيير والتطوير، غير ان هناك تقصيرا ملحوظا يجب الوقوف عنده والمحاسبة عليه.
بدوره اعتبر وزير التربية والتعليم الاسبق الدكتور ابراهيم بدران أن التعليم هو الاساس في اعداد المجتمع وتشكيل افكاره ومهاراته واهتماماته ورؤيته للأحداث والتعامل مع المستقبل.
وقال «ان اي مجتمع يريد المحافظة على نفسه عليه ان يرسم مستقبله بثقة واهتمام من خلال اعادة النظر بنظامه التعليمي وتطويره، مبينا ان كثيرا من الدول المتخلفة تحولت الى صناعية وقوة عظمى بعد اصلاح منظومتها التعليمية والانتقال الى تعزيز ثقافة الابداع والاختراع».
وبين بدران ان العماد الاساسي لأي نظام تعليمي هو المعلم والطالب والمدرسة والمنهاج والعلاقة بين المدرسة والمجتمع وبين الجامعات والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أن الاردن في مقدمة الدول العربية التي حققت الكثير من الانجازات في مجال الخدمات التعليمية، غير أننا لم نرق بعد الى مواكبة التغيرات التي يشهدها العالم في كافة المجالات وبخاصة في النظام التعليمي منذ 20 عاما مضت وهو ما يدعو له جلالة الملك باستمرار.
ودعا بدران الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والمثقفين والعلماء والمفكرين الى القيام بمسؤولياتهم في تطوير منظومة التعليم الاكاديمية والمهنية والتكنولوجية الى مستويات متقدمة من الابداع, مشيرا الى اهمية تأهيل المعلمين واساتذة الجامعات وزيادة الإنفاق على قطاع التعليم، ومراجعة اساليب التعليم، والانتقال الى التعليم التفاعلي بدل التعليم السردي والتلقيني والتقليدي، ورفد الطالب بمهارات توظيف المعرفة.
وقال «ان اصلاح التعليم يتطلب خطة طويلة الامد بعيدا عن المغامرات السريعة والحلول الآنية, مبينا ان مؤشر التعليم في الاردن سجل 5 درجات من 10 في مؤشر التعليم العالمي وهو مستوى متدني مقارنة مع الدول النامية والصناعية في العالم والتي حققت 7-9 درجات من المؤشر العالمي».
وفيما يتعلق بالمناهج الدراسية، اكد بدران انها بحاجة الى مراجعة شاملة وتغيير جذري، داعيا الى ضرورة الاستفادة من الخبرات الوطنية في هذا المجال الى جانب خبرات وزارة التربية والتعليم، والانتقال من المنهاج الذي يقوم على سرد المعلومة الى المنهاج القائم على التفكير وتحفيز الابداع وبما يخرج طلبة مبدعين ومتميزين ومنتمين لوطنهم ويقبلون الاخر وقادرين على تذوق الفنون باعتبارها منطلق الابداع.