عروبة الإخباري – اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحكومة الإسرائيلية بالسعي إلى تصعيد الأوضاع في القدس، وقال أثناء لقائه لوبومير زاؤراليك وزير خارجية التشيك، إن الانتهاكات والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى تهدف إلى توتير الأجواء في المدينة، وتصعيد الأوضاع، متعهدا بمتابعة الأمر في مجلس الأمن الدولي، والذهاب إلى هناك من أجل تقديم مشروع إنهاء الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية.
وجاء حديث الرئيس عباس بعد ساعات قليلة من اتهامات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو له بالتحريض على العنف في القدس، وذلك بعد يوم متفجر شهد اقتحامات للأقصى واشتباكات واعتقالات في القدس الشرقية والضفة الغربية، وعملية دهس قام به فلسطيني، وطالت 12 إسرائيليا، وتسببت في مقتل جندي إسرائيلي ومنفذ العملية. وحذرت الرئاسة الفلسطينية من حرب دينية في المنطقة، وقالت في بيان إن عدم تدخل الدول المعنية لوضع حد للتصعيد الإسرائيلي الخطير قد يجر المنطقة إلى «حرب دينية لا يحمد عقباها»، خصوصا بعدما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأحداث الجارية بأنها «معركة القدس».
من جهته، قال رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني، إن ما تفعله إسرائيل بالقدس، وبالأخص في المسجد الأقصى، دعوة صريحة للحرب. وأضاف في بيان إنه «غير مقبول ما تفعله إسرائيل بالمسجد القدسي الشريف، ونحن نرفض التقسيم المكاني والزماني للمسجد، وأي تغيير للوضع للحالي غير مقبول، ودخول المستوطنين المتطرفين إلى باحة المسجد الأقصى، بالإضافة إلى اعتداءات جيش الاحتلال المستمرة في المدينة، كلها تصرفات تؤدي إلى تأجيج الصراع». كما أكد المالكي أن القيادة الفلسطينية قدمت شكوى في الأمم المتحدة، مضيفا أن «منظمة المؤتمر الإسلامي ستعقد اجتماعا طارئا لها لتدارس الوضع في الأقصى، وهناك أيضا اجتماع لجامعة الدول العربية، كما أن القيادة تعمل على وقف التصعيد وتطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف سياساتها الاستفزازية في مكان يمس مشاعر كل المسلمين في العالم، وليس الفلسطينيين فقط». وأمس، استمرت المواجهات العنيفة في القدس قبل أن تنتقل إلى مناطق في الضفة الغربية كذلك، حيث اندلعت مواجهات عنيفة بين شبان فلسطينيين وقوات الشرطة الإسرائيلية في حي الطور شرق مدينة القدس، مما أدى إلى وقوع إصابات، كما اندلعت مواجهات مماثلة في العيسوية وبلدة أبو ديس، بعد أن هاجم فلسطينيون سيارات وحافلات إسرائيلية بالحجارة، مما أدى إلى إلحاق أضرار مادية دون وقوع إصابات، وردت الشرطة بإطلاق النار والقنابل الغازية.
وجاء هذه الأحداث العنيفة رغم تعزيز الشرطة الإسرائيلية لإجراءاتها في المدينة بعد عملية الدهس، بما في ذلك تنفيذ اعتقالات واسعة طالت 16 فلسطينيا على الأقل. وقد بدأت الشرطة الإسرائيلية، أمس، بنصب حواجز وكتل إسمنتية في محطتي القطار الخفيف، اللتين شهدتا عمليتي الدهس الأخيرتين خلال أسبوعين. كما قررت الشرطة كذلك نصب كتل إسمنتية في محطات القطار الواقعة في الأماكن التي تُعرف بحساسيتها الأمنية، في «جادة حاييم بارليف» (الطريق السريع رقم 60) الذي يمثل الشريان الرئيسي في القدس، وفي شارعي «خيل هاهاندسا» ويافا، إضافة إلى «جادة هيرتزل». وقال موشيه إدري، قائد شرطة الاحتلال في القدس، إن أي اعتداء يمكن أن يتم بشكل أو آخر، مشيرا إلى أنه «رغم تراجع البؤر التي تقع فيها المواجهات، فإننا نشهد وقوع هجوم إرهابي أسبوعيا كجزء من التصعيد في المنطقة». واتخذت الشرطة هذه الإجراءات الجديدة بعد أن عزف الإسرائيليون عن استخدام هذه المحطات، خصوصا أن الهجوم الأخير جاء في ظل تعزيزات إسرائيلية سابقة، شهدت نشر ألف شرطي إضافي في المدينة. كما نشرت الشرطة الإسرائيلية أمس 300 شرطي إضافي، ليصبح معدل الشرطيين العاملين في القدس نحو 3500 شرطي، لكن فكرة نشر الحواجز الإسمنتية لم تعجب وزير الاقتصاد نفتالي بينت، الذي عد الأمر بمثابة «مكافأة للإرهاب»، وقال بهذا الخصوص: «حل الإرهاب لا يكمن في وضع اليهود خلف الحواجز والكتل الإسمنتية بل من خلال ردع القتل.. والحل هو الردع وليس الدفاع الذاتي. الحل لا يأتي عبر القبة الحديدية، بل من خلال القبضة الحديدية».
ورغم مضاعفة التعزيزات الأمنية، فإن مواجهات أمس لم تتوقف في القدس فحسب، بل انتقلت أيضا إلى مناطق في الضفة الغربية، كما تفجرت مواجهات في رام الله والخليل أدت إلى وقوع إصابات، وسجلت أعنف المواجهات قرب معتقل «عوفر» العسكري الإسرائيلي قرب رام الله، بعد مسيرة طلابية مناهضة لاقتحامات الأقصى ومحذرة من تقسيم المسجد، وأدت هذه المواجهات إلى إصابة 7 فلسطينيين، كما أصيب اثنان آخران في مواجهات وقعت أمام مخيم العروب شمال الخليل، إلى جانب جندي إسرائيلي.
ومباشرة بعد هذه المواجهات، أعلنت الشرطة الإسرائيلية عن اعتقال فلسطيني على حاجز حوارة العسكري، جنوب مدينة نابلس شمال الضفة، بدعوى حيازته «عبوة» محلية الصنع، وقالت مصادر إسرائيلية إن خبراء متفجرات عالجوا العبوة دون وقوع إصابات أو أضرار، بينما تم تسليم الشاب إلى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للتحقيق معه.
من جهة ثانية، تراجعت إسرائيل أمس عن اتهام فلسطيني بتعمد دهس جنود إسرائيليين قرب الخليل، في وقت متأخر من مساء أول من أمس، حيث قال مصدر أمني إسرائيلي رفيع إنه بعد التحقيق الأولي مع السائق الفلسطيني تبين أن عملية الدهس لم تكن مقصودة.
وكانت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قد اتهمت فلسطينيا من قرية قريبة من الخليل يدعى همام مسالمة، بدهس 3 جنود إسرائيليين قرب الخليل على خلفية «قومية»، وقالت إن «التحقيق مع الفلسطيني المشتبه فيه بدهس الجنود الـ3 من الجيش، الذي قام بتسليم نفسه، يشير إلى أنه لم يقصد دهسهم»، مضيفة أنه رغم ذلك فإن «التحقيق لا يزال مستمرا مع السائق المشتبه فيه ووالده وشقيقه، وفلسطيني آخر يشتبه فيه بتقديم المساعدة للسائق بعد هروبه من موقع الحادث