حسمت مؤسستنا العسكرية الجدل والنقاش في فوضى “كنز هرقل” المزعوم، وقد عبرنا في مقالين سابقين عن قناعتنا بأن مسألة الكنز أقرب للادعاء والوهم، ولم تقدم اي أدلة مقنعة عليها من كل الذين ركبوا موجتها. كلام الجيش يفترض ان يفصل نهائيا في القضية، ولا بد من تجاوزها بكل الأحوال الآن، على أمل أن يستعين المواطن الأردني بالصبر والسلوان مجددا وهو يواجه ازمة التعثر والإخفاق وفقدان المصداقية في الخطاب الرسمي وينتبه في الوقت نفسه لضرورة تحري الدقة في التعاطي مع الإشاعات والتسريبات.
التشكيك مجددا في الرواية الرابعة لا مبرر له إطلاقا، ويندرج في إطار العبث المسيء، وان كان اضطرار مؤسسات القرار لإشراك المؤسسة العسكرية في مسألة كان ينبغي ان تتكفل بها الحكومة أمرا في غاية الحساسية. شخصيا أقدر حجم المجازفات والتضحيات التي يقدمها نشامى القوات المسلحة وهم يضطرون للكشف عن تفصيلات ينبغي أن لا تكشف، وأرى بأن العملية العسكرية التي تحدث عنها رئيس الأركان تسجل مجددا للنشامى، فهي عملية بطولية ووطنية ومحترفة أجبرت الإسرائيليين في المحصلة على تنظيف أجهزتهم التجسسية أو بقاياها من أيام الحرب.
أهمية المعطيات التركيز مجددا على أن الأردنيين كان لهم في الماضي وسيبقى “عدو واحد” أساسي فقط وهو العدو الإسرائيلي، والفرصة متاحة بعد الكشف عن التجسس المفخخ للعمل على تنظيف التراب الأردني من أجهزة أخرى مماثلة تقول بعض المصادر انها لا تزال مدفونة مع إعادة النظر بمجمل الرهان على السلام والتعاون مع العدو.
الأهم في المرحلة داخليا العمل على ضمانات بان لا يستغل بعض أصحاب الأجندات الموضوع وتفاصيله ضد الحكومة التي قامت بواجبها وحاولت جاهدة التغطية بمسؤولية على مسألة عسكرية، وأن ننصرف جميعا بعد كل ما حصل لطي صفحة الكنز إياها مع التركيز على الإجابة على السؤال التالي: كيف نعمل معا بصورة جدية وليست لفظية فقط؟