عروبة الإخباري – أظهر تقرير أمريكي أن أغلب قيادات تنظيم داعش المتطرف كانوا معتقلين في السجون التي كانت تشرف عليها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، ما يشير إلى حقيقة الدور الذي لعبته الإدارة الأمريكية في تنامي هذا التنظيم المتطرف ودعمه.
وقال التقرير الذي، نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”،وجاء تحت عنوان “كيف ساعدت الولايات المتحدة داعش”، إن مسلحي الدولة الإسلامية الذين ظهروا في العراق وسوريا لا يشكلون قوة جديدة أو غير مألوفة. فقد قضى كثير منهم سنوات في مراكز الاحتجاز التي أدارتها الولايات المتحدة وشركاؤها في العراق بعد عام 2003.
وأضاف التقرير، إن زعيم التنظيم المتطرف، أبو بكر البغدادي، قضى ما يقرب من خمس سنوات في سجن معسكر بوكا بجنوب العراق. وكان معظم كبار قادة الدولة الإسلامية أيضاً من السجناء السابقين، من بينهم: أبو مسلم التركماني، وأبو لؤي، وأبو قاسم، وأبو جورناس، وأبو شيما, وأبو سجى.
وانتمى البغدادي وغيره من عناصر التنظيم قبل اعتقالهم إلى صفوف المتطرفين المحرضين على العنف، وكانوا عازمين على مهاجمة الولايات المتحدة. وزادت فترة اعتقالهم من تطرفهم ومنحتهم الفرصة لتوسيع قاعدة أنصارهم، حيث تحولت سجون التحالف الدولي في العراق إلى مراكز لتجنيد وتدريب المتشددين الذين تحاربهم الولايات المتحدة في الوقت الراهن.
وبدأت هذه العملية عندما وصلت قوات التحالف إلى العراق في عام 2003 واعتقلت الإرهابيين المزعومين دون قدر كاف من الإعداد أو الإشراف. فرغم أن الجنود حاولوا توثيق ملابسات اعتقال العراقيين والمقاتلين الأجانب، انهارت هذه الجهود في مواجهة ضغوط القتال وندرة الجنود المتحدثين بالعربية وملابسات الحرب.
وكان هناك 26 ألف معتقل في ذروة الحرب ومرَّ ما يربو على 100 ألف شخص عبر بوابات معسكر بوكا وكروبر والتاجي، وكان معظمهم من الأبرياء مع عدد قليل من المتمردين الخطيرين.
واستغل المتطرفون الانقسامات الطائفية لنشر رسالتهم، حيث واجه المعتقلون الذين رفضوا المتطرفين تهديداً من السجناء الآخرين عن طريق “المحاكم الشرعية” التي انتشرت في تلك المعسكرات.
وكان تطرف نزلاء السجون واضحاً لمن يولي اهتماماً، ولكنه لم يجذب انتباه سوى عدد قليل من القادة العسكريين.
ويشير التقرير إلى أن المتطرفين في معسكر بوكا أرغموا المعتقلين المعتدلين على الإنصات إلى رجال الدين الذين يدعون إلى الجهاد. وكانت أغلبية السجناء من الأميين، وهو ما جعلهم فريسة سهلة لتلك الدعوات.
بهذا المعنى، تحولت السجون إلى جامعات افتراضية لتعليم الإرهاب، مع قيام المتطرفين بدور الأساتذة والمعتقلين الآخرين بدور الطلاب وسلطات السجن بدور ولي الأمر الغائب. وتغيرت السياسات في عام 2007، عندما بدأ القادة العسكريون الأمريكيون يضعون مزيداً من التركيز على فهم المعتقلين وحاولوا فصل الإرهابيين المتشددين عن المعتدلين.
وتمكن السجناء من الوصول إلى البرامج التي تدرس المهارات المهنية ومحو الأمية ونسخة معتدلة من الإسلام، ولكن هذه الجهود جاءت بعد قضاء الإرهابيين أربع سنوات في تجنيد الآلاف من المعتقلين وفرض نسخة متطرفة من الدين الإسلامي.
ويلفت التقرير إلى أنه تم الإفراج عن مسلحين مدانين بأدلة دامغة بسبب عدم كفاءة النظام القضائي العراقي ورفض الولايات المتحدة الإفصاح عن الأدلة السرية.
وحاول الجنود الأمريكيون تحديد المعتقلين الأكثر تهديداً، ولكن سرعان ما باءت هذه المحاولات بالفشل بسبب سوء عملية حفظ السجلات والمهارات اللغوية المحدودة والضغوط لتخفيض التكاليف الإضافية.
وبعد انسحاب الجيش الأمريكي، انتقل المتشددون الأكثر تطرفاً إلى السجون العراقية وعملت الدولة الإسلامية على تحريرهم أثناء غزوها لأجزاء كبيرة من العراق خلال شهر يونيو/حزيران الماضي.
ويعد هؤلاء السجناء السابقون الآن من مقاتلي الدولة الإسلامية الأكثر إخلاصاً.
ويرى التقرير أنه يتعين أن تضع الولايات المتحدة هذا الدرس في الاعتبار بينما تبدأ حملة جديدة لمكافحة الإرهاب في العراق وسوريا، حيث إن مراكز الاحتجاز الكبرى تساعد على زرع بذور المزيد من الفوضى والتطرف. ويجب على الولايات المتحدة إقناع شركائها الإقليميين بتجنب خلط المتطرفين والمعتدلين، وتوفير بدائل لسجن المجرمين الذين يقضون فترات عقوبة قصيرة.
ويختم التقرير بأنه إذا واصلت الولايات المتحدة تكرار تاريخ مراكز الاحتجاز في الشرق الأوسط، فسوف تظل عالقة في الدورة الحالية حيث تسفر جهودها لمكافحة الإرهاب عن خلق المزيد من الإرهابيين.