الأمن العام .. جَسر الهوة.. وإسناد القوة

عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب – لم ينسحب جهاز الامن العام من مسؤولياته ولم يجعل دوره باهتا كما فعلت قطاعات عديدة مدنية ومؤسسات رسمية بما في ذلك السلطة التنفيذية التي مضى عليها ردح من الزمن لم تكن شيئا مسؤولا حين كانت تتعاظم الاسئلة وتزداد من واقع يعيشه المواطن ليشكو فيه الخروج على القانون واوضاع اجتماعية واقتصادية مريرة لم يجر التصدي لها او حلها وانما التعامل معها ضمن معادلة ادارة الازمة وليس حلها ..
جهاز الامن العام الذي استرجع عافية نقصت قبل حوالي ثلاث سنوات حين زين للبعض افراغ ذلك في مصطلحات لا تسمن ولا تغني من امن على نحو الامن الناعم والخشن ومشتقات ذلك وكان الامن من انواع الاجبان دون ادراك ان الامن هو كالماء اما ان يشح فيعطش المنتظرون واما ان يتدفق فيروي من يعيشون به ..
كنت اتابع المؤتمر الصحفي الذي عقدته الحكومة ولولا مشاركة رئيس هيئة الاركان العامة ممثلا للجيش والقوات المسلحة والاجهزة الامنية لما تحققت المصداقية العالية التي عكسها استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الاردنية ولما جرى جب الاشاعة ومحاصرتها واطفائها وهي الاشاعة التي تراكمت وكبرت وبدات تتدحرج ككرة الثلج حتى لم يبق حديثا عن غيرها ولا اهتماما سواها ..
جهاز الامن العام الذي تخلص من عمليات البهرجة والتبرج التي حاول البعض ان يزجه في اطارها بقي يحافظ على فلسفته وعلى دوره وتوصيف دوره ومهماته وراح يخرج من الحالة الدبقة التي عاشها منذ حاول البعض تسيسه وبيعه من اجل كرسي او منصب وراينا كيف تتبنى انذاك علاقات الامن العام علاقات الجهات المدنية التي كانت تغض النظر عن تطبيق القانون لامر في نفس يعقوب..
اليوم وقد دفع الجهاز ثمن استرجاع دوره وصورته غاليا بعمل متصل وسهر دؤوب وتضحيات وحتى تحمل شكوك واشاعات واغلاق نوافذ وفتح اخرى اليوم فان جهاز الامن العام هو الظهير الاول وخط الدفاع التالي خلف قواتنا المسلحة في مهمتها الوطنية الشريفة في الدفاع عن الوطن ترابا ومواطنين وانجازات ومكاسب .. ولذا فان هذا الجهاز على مختلف تخصصاته وتفرعاتها يجب ان يحظى بالدعم الكامل وابعاده عن التسيس والتجاذبات وعدم تمكين اي احد مهما كان للعمل على تهميشه او تعتيم دورة تحت اي مسميات ناعمة او خشنة هناك خطة امنية استراتيجية سالت عنها مدير الامن العام الفريق اول الركن توفيق الطوالبة ومازالت سارية وقد قطعت مراحل واختبرت تلك المراحل لتدخل الى اخرى حتى تتم عملها وقد بلغت بجهاز الامن العام مرحلة مقررة وتليق بالاردن المعاصر ..
حين استمعت الاسبوع الماضي للامين العام للجامعة العربية في مقابلة له مع فضائية العربية يتحدث عن الاردن في جانب امني ادركت كم ان اجهزتنا موفقة في ايصال الانجاز وترجمة الرسالة لتكون نموذجا ومثلا وشاهدا على جدارة الاردنيين وعلى حرص قيادتنا في ان تكون على هذا المستوى ..
لم تعد ترى مدير الامن العام باستمرار في مكتبه الا اذا كنت على موعد فالناس يرونه حيث لا يصل رؤساء الوزارات وحيث ترتفع درجة حرارة الاطراف ليكون الامن العام هناك بخبراته ليس جهاز قمع كما يظن البعض ولكن جهاز ردع ومصالحة وتسويات في قضايا عديدة تجاوزها المسؤولون المدنيون وتجاوزتها الحكومات التي مازالت تعزف مزامير قديمة ولولا هذا الهامش المتروك للامن العام على مختلف اجهزته التنفيذية والاستطلاعية الاستخبارية وبين الحكومات لعشنا حالة ” حيص بيص ” وخبط عشواء ” ومن هنا فهمت حرص القائد العام الملك عبدالله الثاني ان يكون بيده لا بيد ” زيد او عمرو ” ممن ياخذون الموقع التنفيذي الاول مهمة تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات او اعفائهما من الخدمة .. ولعل الثمار الاولى لتلك الخطوة هي المشاركة التي مثلها قائد الجيش في المؤتمر الصحفي الاخير وهو يمثل ارادة تتحلى بالمصداقية وتعبر عن موقف القائد العام للقوات المسلحة بكل فروعها ..
حين فقدنا الكثيرين اشخاصا وسلطات وأجهزة مدنية تنفيذية وجدنا جهاز الامن العام ايام الثلج والبرد والسيول الجارفة والامطار وقطع الكهرباء والماء وامام ما عشناه من تجاوزات وجرائم وقتل وسرقة سيارات وبيوت ومخالفات متعددة.. نرى كيف تفاعل جهاز الامن العام وضاعف جهوده وكيف انحسرت جرائم كثيرة فلم نعد نتحدث عن المزيد من سرقة السيارات ولا المزيد من جرائم القتل او الشجار واعمال العنف في الجامعات والاحياء وبين مكونات المجتمع الاردني ،لقد كان لذلك كلفة دفعها الجهاز عملا وتخطيطا وسهرا ووعيا قياديا وارادة تأخذ صلابتها من ارادة قائد الوطن.
هناك مهمات ما زالت تنتظر .. هناك ارتفاعات في منسوب تعاطي المخدرات وانتشارها وجهاز الامن العام وحده لايستطيع انجاز الكثير بل لا بد ان تتضافر الجهود الوطنية كافة لمحاصرة هذه الظاهرة والحد منها وتصفيتها..
حين نذهب للاجازات والاعياد فإن جهاز الامن العام لا يذهب يبقى ساهرا لحمايتنا وحين ندخل الى الحرب او تفرض علينا او نقبل التحديات ونرد عليها فإن جهاز الامن العام هو من يحمي ظهرنا وهو الذي يجعل التوازن قائما ودرجة الحرارة الاجتماعية معتدلة والمناخات السائدة الاستثمارية والاقتصادية مقبولة..
نقول لجهازنا الوطني المميز .. جهاز الامن العام وقيادته كل عام وانتم بخير فقد ادركتم الان ما كان يريدكم قائدكم الاعلى ان تدركوه وها انتم في هذا الزمن الصعب تبيضون الوجوه..
فحسنتم مخبرا واحسنتم مقصدا وعزيمة.. والله غالب على أمره..

 

شاهد أيضاً

غزة.. هل تجمع الأردن وإيران على مسار إصلاح العلاقات؟

أستاذ العلوم السياسية بدر الماضي: علاقات الأردن وإيران قائمة على عدم الثقة منذ 2005 عروبة …

اترك تعليقاً