عروبة الإخباري – أصدرت محكمة المقاطعة الشرقية لمدينة نيويورك أمس حكماً بمسؤولية البنك المدنية في قضية لندي المقامة ضده في نيويورك من قبل مدعين يحملون الجنسيات الإسرائيلية والأمريكية. ويأتي هذا القرار متوقعاً نظرا للعقوبات التي فرضتها المحكمة سابقاً على البنك والتي فسرت في حينها أن التزام البنك بأحكام السرية المصرفية في البلدان التي يعمل بها لا يعكس حسن نية البنك متجاهلة أحكام القوانين في الدول التي يعمل بها البنك والتي تمنع البنوك العاملة فيها من إفشاء معلومات مصرفية لأي جهة خارجية ويعرضها لعقوبات جزائية في حال الإفشاء.
وقال البنك العربي في بيان عقب صدور القرار ، على أثر هذا القرار سيقوم البنك بتقديم طلب استئناف لهذا الحكم لدى المحكمة المختصة والطلب من المحكمة إعادة النظر في قرار محكمة المقاطعة حسب الإجراءات المعتمدة انطلاقاً من قناعة البنك بسلامة موقفه في هذه القضية. حيث سيقوم البنك بتقديم دفوعه لمحكمة الإستئناف والطعن بجميع الإجراءات والأدلة التي لم يتسنى له تقديمها أثناء المحاكمة الابتدائية بسبب تلك العقوبات.
الحكومة الأمريكية انتقدت العقوبات التي فرضتها المحكمة مسبقاً على البنك
وأشار البنك العربي أن الحكومة الأمريكية من خلال مذكرة المحامي العام الأمريكي التي قدمها إلى المحكمة العليا الأمريكية في شهر أيار الماضي حول هذه القضية، كانت قد انتقدت بشكل كبير العقوبات التي فرضتها محكمة المقاطعة على البنك العربي، حيث تضمنت هذه الانتقادات أن محكمة المقاطعة قد أخطأت في عدة أمور قانونية جوهرية منها:
• افتراضها أن التزام البنك بأحكام السرية المصرفية في هذه القضية المدنية الخاصة لا يعكس حسن نية البنك.
• عدم قيامها بإعطاء وزناً كافياً لمصالح الحكومات الأجنبية في تنفيذ قوانينها الخاصة ضمن سيادتها الإقليمية وفي تطبيق احكام السرية المصرفية الخاصة بها.
• عدم مراعاتها لمبدأ التوازن في المصالح ذات العلاقة الذي يختلف بشكل جوهري عند قيام طرف مدني خاص بطلب مستندات متواجدة في دولة أجنبية، حيث أن مثل هذه الطلبات الخاصة تشكل تعدياً على مصالح السيادة الأجنبية (احترام القوانين الأجنبية).
• عدم إعطاء وزن كاف للمصالح الخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية والسيادة الأجنبية. وقد شددت الحكومة الامريكية من خلال مذكرة المحامي العام الامريكي على أن أي حكم يصدر استناداً لهذه العقوبات دون تعديلها من قبل محكمة المقاطعة سيكون خاضعاً للفحص الدقيق والنقض من قبل محكمة الاستئناف، وأن سبب توصيته بعدم قبول طلب البنك العربي كان بناءً على توقعاته بان محكمة المقاطعة ستقوم بإجراء هذه التعديلات ومعالجة طريقة تطبيق هذه العقوبات خلال المحاكمة.
وعلى الرغم من ذلك قام قاضي محكمة المقاطعة بتطبيق هذه العقوبات وتوجيه المحلفين بشكل متشدد، الأمر الذي سيدعم موقف البنك بشكل كبير امام محكمة الاستئناف.
القرارات والسوابق القضائية التي تؤكد على ضرورة اثبات العلاقة السببية المباشرة
كما نود أن نذكر هنا بأن محكمة الاستئناف في نيويورك، والتي ستنظر في طلب الاستئناف، كانت قد اصدرت قرارات قطعية تعتبر سوابق قضائية أسقطت بموجبها قضايا مماثلة الزمت المدعين بإثبات وجود ارتباط مباشر ما بين الخدمات المصرفية التي قدمتها البنوك والضرر الذي لحق بالمدعين، اضافة الى أن المحكمة العليا الامريكية قد أكدت على هذه السوابق القضائية والتي تحتم ضرورة اثبات العلاقة السببية المباشرة بين افعال المدعى عليه المزعومة والاضرار التي لحقت بالمدعين، وبالرغم من هذه السوابق الصادرة عن محكمتي الاستئناف والعليا الامريكية، فقد رفض قاضي محكمة المقاطعة تطبيق هذه القرارات والسوابق والالتزام بها.
وخلال المحاكمة الابتدائية والتي استمرت اكثر من اربعين يوماً لم يقدم المدعين أدلة أو بينات تشير إلى علاقة البنك بالأعمال والحوادث موضوع الدعوى، ففي القضية المماثلة والتي أقامها المدعي ماتي جيل ضد البنك العربي والتي استندت بشكل كبير إلى نفس الأدلة في قضية لندي أصدر كبير القضاة جاك واينشتاين حكماً لصالح البنك العربي رد بموجبه القضية.
القاضي منع البنك من تقديم غالبية أدلته التي تثبت عدم مسؤوليته
وخلافاً لما كان متوقعاً من قبل البنك والمحامي العام الامريكي، فقد قام القاضي بتطبيق العقوبات بشكل موسع وقاس ومنع البنك من تقديم غالبية أدلته التي تثبت عدم مسؤوليته ومن ضمنها السياسات والاجراءات التي اتبعها في مجال مكافحة تمويل الارهاب وتعاونه مع الجهات المعنية والمختصة لهيئة المحلفين، كما وانه قد حرم البنك من حق الدفاع عن نفسه، حيث منع رئيس مجلس الادارة، السيد صبيح المصري، وباقي شهود البنك المختصين من الاجابة على اسئلة حول التزام البنك بمكافحة تمويل الارهاب ومنع غسل الاموال ضمن التزامه بمتطلبات القوانين والتعليمات الاجنبية المتعلقة بهذا الموضوع.
كما ان المحكمة استبعدت العديد من شهود البنك المؤهلين والمطلعين على أعمال اللجنة السعودية الذين كانوا سيشهدون حول مشروعية اللجنة والتي تشكل أحد محاور الدعوى الرئيسية حيث كانت هذه اللجنة قد انشئت بموجب مرسوم ملكي سعودي لغاية تقديم المساعدات الانسانية للشعب الفلسطيني في الظروف القاسية التي مر بها خلال فترة الانتفاضة الثانية، في حين أنها سمحت للمدعين ان يقدموا شهوداً غير مؤهلين وغير مطلعين على طبيعة اعمال اللجنة السعودية ومشاريعها الخيرية، متجاهلين ان اللجنة قد حظيت بتقدير دولي كبير لأعمالها الانسانية.
مكانة ومتانة البنك العربي
وفيما يتعلق بحجم التعويضات المتوقعة في حال تم رد إستئناف البنك والبدء في إجراءات تحديد قيمة التعويضات نود أن نؤكد على أن التطرق لمثل هذا الموضوع هو سابق لأوانه حيث أن هذه القضية هي قضية مدنية تعويضية وليست قضية رقابية حكومية وبالتالي فإن تقدير التعويضات يعتمد على مقدار الضرر الفعلي، إن وجد، لكل فرد من المدعين وهو أمر محكوم بإجراءات وضوابط وإثباتات ومحددات مما يستغرق فترة زمنية طويلة، علماً بأن البنك متحوط لهذا الأمر. ان مكانة وأعمال البنك العربي على إمتداد شبكته المحلية والإقليمية والعالمية والتي تمتد عبر 30 دولة في 5 قارات لم ولن تتأثر بأي قرار قد ينجم عن مراحل المحاكمة. فالبنك العربي وعبر تاريخه المصرفي العريق على إمتداد أكثر من 84 عاماً قد شهد العديد من التحديات بما في ذلك الإحتلال والحروب والاضطرابات السياسية وتأميم فروعه والأزمات المالية العالمية والتي تتجاوز بطبيعتها وحجمها وتبعاتها قضية من هذا النوع مؤكداً لعملائه ومساهميه وكافة الأطراف المتعاملة على متانة مركزه المالي واستقراره وسير أعماله، حيث سيستمر البنك بأداء خدماته على أتم وجه. ونود أن نشير هنا إلى أن البنك العربي كان قد حقق نموا في أرباحه الصافية العام الماضي بنسبة 43% في حين بلغت أرباح البنك خلال الستة أشهر الأولى من هذا العام 415 مليون دولار مع احتفاظه بمستويات سيولة مرتفعة حيث بلغت نسبة صافي القروض الى الودائع 62.5% في حين تبلغ القاعدة الرأسمالية للبنك العربي 7.9 مليار دولار.
ان البنك العربي كان ولايزال حريص كل الحرص على تطبيق أعلى معايير النزاهة في سلوكه وعملياته المصرفية للمحافظة على مكانته الريادية في القطاع المصرفي سواءً في المنطقة أو خارجها، ويقوم بتوظيف نظام الامتثال لديه بصورة فعّالة التزاماً منه بالمتطلبات الرقابية في ممارسة أعماله كجزء من التزامه بمكافحة تمويل الإرهاب، مؤكداً على أن البنك كان ولا يزال يقوم بدور حيوي في المنطقة من خلال مساهمته الفاعلة في دعم التنمية الاقتصادية.