نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي في القدس
زيارة لها ما بعدها وهي تدشين مرحلة جديدة في احتضان القدس عربيا ..
الكويت في الزيارة تؤكد موقفها العروبي من القدس وقضية فلسطين ..
عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب
..في رام الله وسواها من المدن الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال بصورة مباشرة او غير مباشرة لم ارى احتفاءا بضيف عربي زار فلسطين منذ عام 1967 كما احتفاء الفلسطينيين بزيارة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح الذي اعاد اسم الكويت عذبا على السنة الفلسطينيين الذين ارهقهم الاحتلال وظلوا يتطلعون الى الزيت العربي لاسراج قناديلهم في الاقصى الذي وصله الشيخ وصلى فيه ليدشن بذلك طريقا يصل ما بين العرب والمسلمين خارج فلسطين ومن اعلى المستويات للذهاب الى القدس وزيارتها والوقوف الى اوضاعها واعادة الارتباط الجسدي بها ..
هذه هي الكويت التي ظلت رافعة حقيقية للشعب الفلسطيني بعد ان كانت حاضنة لثورته التاريخية التي انطلقت عام 1965 وهذه الزيارة تذكرني بالزيارة التاريخية لامير الكويت حين خرجنا طلابا في المدرسة لاستقباله ..في ساحات المسجد الاقصى يرافقه الملك الشاب الحسين انذاك ..
لقد ظلت الكويت قريبة من فلسطين تعيش قضيتها وهمومها ولم تمنعها تعكر الظروف وتباين الاحداث واختلاطها من ذلك ولم تفضل عربي الكويت عن فلسطين ولم تفلح قوى عديدة في ذلك فقد ظل الكويتيون فوق التناقضات العربية والاقليمية في هذا المجال .. وظلوا يحسدون مواقفهم من القضية الفلسطينية بشكل لا تخرج عن الالتزام بها كقضية مركزية للامة العربية والاسلامية ..
ولوصول الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الى رام الله والقدس في اول زيارة رسمية كويتية منذ عام 1967 لها دلالات واضحة وعميقة على المستوى الفلسطيني وعلى مستوى القدس وقضيتها سيما وان المخططات الاسرائيلية لتهويد القدس واسرلتها قد بلغت ذروتها الان من خلال الهجمة الاستيطانية الاسرائيلية على القدس وجوارها وعلى مصادرة الاراضي الفلسطينية لعزل القدس عن محيطها في الضفة الغربية المحتلة وفرض وقائع جديدة على الارض .
الزائر الكويتي الكبير الشيخ صباح الحمد الصباح الذي يمثل الكويت رسميا وشعبيا والذي حمل رسالة من امير الكويت للرئيس محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يدرك حجم المخاطر التي تواجه القدس تحديدا والاراضي المحتلة والقضية الفلسطينية وبالتالي يدرك حجم الالتزامات المترتبة على هذه التحديات الكبيرة ..
الهمة الكويتية تاتي كمبادرة في هذا السياق ولعل موقف الكويت العملي الان ونموذج الزيارة يقدم مثالا لابد ان يقطر وراءه مواقف عربية كثيرة لزيارة القدس وتاكيد الالتزام على عروبتها واسلاميتها وضرورة دحر الاحتلال عنها ..
الشيخ صباح وصل الى القدس بمروحية اردنية ولذلك دلالة واضحة على الدور الاردني في حماية المقدسات الاسلامية في القدس ومسؤوليته عنها كما لها دلالة على التقدير العالي الذي توليه الكويت للاردن في هذا المجال وحرصها على استمرار هذا الدور الذي يبقي القدس بعيدة عن الفراغ الذي يتربص له الاحتلال الاسرائيلي كون مسؤولية السلطة الفلسطينية لا تنسحب على القدس حتى الان ..
في الزيارة الان والمحادثات التي دارت بين الوزير الكويتي ومرافقيه في الوفد وبين الجهات الفلسطينية وعلى راسها الرئيس عباس دلالات جديدة وهامة وتاكيد التزام الكويت في مواجهة التحديات ..
ففي الوقت الذي ينصرف النظام العربي الى حالة من الارتباك والتردد ومواجهة تحديات جسيمة ابرزها استمرار الاحتلال الاسرائيلي للقدس والعمل على تهويدها ونشوء تيارات ومنظمات ومذاهب متطرفة تشوه صورة الاسلام وتلحق الضرر بمصالح الامة وصورتها وصورة اسلامها تتقدم الكويت لتبرز في هذا الدور كالبدر الذي جرى افتقاده في الليلة الظلماء ليضيء هذا العمل السياسي والانساني في مساحات واسعة من العتمة التي سببها الاحتلال ..
ثمة برامج عديدة في القدس تتعلق بالمقدسات وبالمقدسيين بالتعليم والصحة وتركيز وتثبيت الفلسطينيين في مدينتهم وبيوتهم وتاكيد صمودهم وهي برامج جاءت الزيارة لتبدا في معالجة العديد من جوانبها وتفتح لزيارات عربية اخرى شبيهة للقيام بمثلها ..
الزيارة تقطع دابر المزايدين على الكويت من التيارات الاسلامية سواء داخل الكويت او خارجه في موضوع القدس والتعاطي معه .. كما تؤكد ان القدس لن تنسى على المستوى الرسمي العربي وان الكويت صاحبة المبادرات التاريخية واميرها الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح الذي يؤمن بالمصالحات باستمرار سيكون له دور في تحريك قضية القدس عبر المحافل العربية ومؤسسة القمة ومحافل اقليمية ودولية عديدة وهو الامر الذي لابد ان يؤكد على ضرورة دعم حكومة الوفاق الفلسطينية وتذليل الصعوبات امام انطلاقتها ..
لقد رتبت سفارة الكويت النشيطة في الاردن جوانب من هذه الزيارة وعملت على اسباب نجاحها وامتد هذا العمل داخل فلسطين ومع الجهات الفلسطينية فقد ظلت الكويت من خلال هذا الذراع الفاعل وشخص سفيرها في صورة ما يجري في القدس وما تواجهه من احداث كما ظلت الكويت في دعمها للاردن وقيادته وفي مباركتها لاي خطوات تنسيقية اردنية فلسطينية بخصوص القدس تدعم وتؤكد وتساند ..
هذه الزيارة فاتحة زيارات لاحقة حيث يقوم التمني ان يزور وزراء الخارجية العرب جميعا القدس وان يعقدوا لقاءهم في اروقة المسجد الاقصى لمتابعة الامة والمسح على جراحه وتعبه وان ينسحب ذلك على الخمس والاربعين دولة العربية والاسلامية ليشكل ضغطا على الاحتلال واسنادا للحقوق الفلسطينية في ان القدس الشريف عاصمة الدولة الفلسطينية المنتظرة ..
الزيارة تفتح لخطوات عملية عديدة في اسناد مدارس القدس والتعليم العربي فيها ومنع تسريب الطلاب وتجديد المدارس وفتح صفوف جديدة ودعم موازناتها لتبقى القدس عربية وتبقى الاجيال العربية على ارتباط بها ..
زيارة الشيخ وزير الخارجية جمعت الشخصيات والتيارات المقدسية وتعبيراتها العديدة السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية حوله لاطلاعه على ما يجري والاستماع منه الى الموقف الكويتي وهذه الخطوة مقدرة على المستوى الفلسطيني فالكويت كانت ومازالت مع وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة قيادته وقواه الوطنية والفصائلية دون تميز ولم تناصر جهة على حساب اخرى بل التزمت بالشرعية الفلسطينية وشجعت على ان تتقدم حكومة الوفاق الفلسطينية خطوات الى الامام ..
ان هذه الزيارة في اعتقادي تشكل هجوما تعرضيا يواجه هجوم من خطفوا الاسلام وشوهوه وزايدوا باسمه فالنظام العربي على اختلاف دوله ومسؤولياته فانه مالم يقدم القدس ويضعها من حيث الواجبات المترتبة عليه حيث يجب ان تكون فانه سيبقى يعيش حالة من التردي وزيادة منسوب التطرف وتغذيته ولان القضية الفلسطينية وقضية القدس تحديدا لو وجدت لها حلا عادلا ما كان يمكن ان يحدث الذي حدث ومازال يحدث من عنف وارهاب وعدوان وفوضى وخروج عن النظام والتحدي الذي وصل احتلال اراضي دول قائمة في سوريا والعراق على يد تنظيمات متطرفة ..
الكويت الان تذهب بالاتجاه الصحيح .. باتجاه القدس باتجاه دعم القضية الفلسطينية بعد ان زاغت بوصلة النظام العربي ووقع الخلط في ترتيب اولوياته وارقامه ..
تاتي الزيارة في وقتها وتدفع باتجاه تجسيد البرنامج الوطني الفلسطيني في ضرورة الانفتاح على القدس ودعمها ودعم صمود مواطنيها بزيارات عربية واسلامية واسعة للقدس .. كما تاتي في اعقاب العدوان الاسرائيلي على غزة وتاكيد وقوف الكويت الى جانب الشعب الفلسطيني من خلال قيادته الشرعية في رام الله .. وليس من خلال اي مسارب اخرى يمكن ان تؤثر على شرعية قيادته او تضعفها ..
الكويت الان تعيد انتاج تاريخها المشرق في دعم القضية الفلسطينية وبذا تستحق التقدير لمواقفها كما يستحق اميرها وقيادتها وبرلمانها وشعبها التقدير الموصول الى سفارتها في عمان وشخص سفيرها النشيط الدكتور حمد الدعيج الذي عمل كثيرا من اجل ذلك ..