عروبة الإخباري – عندما يكون الحديث عن تطبيق مبادئ الديموقراطية فإن الانتخاب الحر هو إحدى مكوناتها الرئيسية ، و عندما نتحدث عن عدالة القضاء فإن الحياد و الإستقلالية هو مكونها الرئيس ، و عندما نجمع ما بين القضاء و الديموقراطية قي قالب واحد فإننا نعرض كلاهما الى خطر وشيك .
لقد ذهب أغلبية النواب الى ضرورة إنتخاب أربعة مقاعد ضمن أعضاء المجلس القضائي ،في حين عارضة الأقلية و كنت أنا من ضمنهم ، و هنا يجدر أن نوضح الأسباب التي دعمت وجهة النظر المخالفة و المؤيده للمفاضلة بين مبدأ التعيين أو الإنتخاب لأعضاء المجلس القضائي .
فالمساندون لمبدأ الإنتخاب يرون أنه تحول نحو الديموقراطية ، و أنه تجديد في الية إختيار أعضاء المجلس القضائي يحاكي التطور المعمول به في كثير من دول العالم المتقدم ، و يعطي للقضاة الحق في إختيار ممثليهم ممن يرونه الأنسب لشغل المنصب على مبدأ ( أعطي الخبز لخبازه ) ، و أن القضاء هو سلطة بحد ذاته فلا يد تعلو عليه ولا سيما أن السلطة التنفيذية مستقلة إستقلال تام عن السلطة القضائية .
و إن بعض الذين إنسجمو مع آلية الإنتخاب يعكسون وجهة نظر بعض المنظمات الدولية التي تساند هذا الرأي من خلال إستمالة اراء أصحاب القرار و تكوين الصدى الإعلامي لبرامجها ،و تجتهد هذه المنظمات في تطبيق مفاهيم العولمة على مجتمعنا ، و تنقل تجارب دول أخرى الينا فتتدخل بطرق غير مباشرة في تغيير أنظمتنا و قوانينا و دستورنا و قضائنا و لكن دون أن تراعي خصوصية مجتمعنا و مفاهيمنا و مبادئنا المستقره .،
و قد يبدوا للبعض أن ذلك هو الخيار الأمثل في إلاطار العام ، و لكن الخطورة تكمن في التفاصيل ! ، فأي تعديل أو سن لقانون يجب أن يكون موجهاً دائماً للمصلحه الوطنيه العليا.
و هنا يأتي دور المتمحصون في تقدير الأبعاد الخطيرة لمثل هذا القرار و التي يجب دراستها بدقة و دراية بعيدا” عن العاطفة و التأرجح ، و ذلك لأن القضاء القويم هو رأس سنام الدولة السليم ، و ليس حقل للتجارب و لا الهفوات و لا يقبل التشكيك فيه .
فأن المأخذ الحقيقي على هذا القرار يكمن في أن الجسم القضائي يجب أن لا يتخلله أية شائبه ويجب الحفاظ على تماسكه من الإنقسام و التشرذم ، و لأن الإنتخاب سيؤدي الى الدخول في دوامة التصارعات و المصالح ، من خلال إيجاد تكتلات داخل الجسم القضائي ومحاولة الإسترضاء لتحقيق مصالح شخصيه للفوز بأصوات الناخبين والتي نحن بغنى عنها في ظل تحقيق الهدف المنشود الا و هو إستقلال وحيادية القضاء ، فنحن لا نتكلم هنا عن حزب سياسي أو نقابة بل نتكلم عن المجلس القضائي ، فالقاضي يمثل القانون والعداله والحياد ولا يمثل فئة أو حزب أو إتجاه معين سواء كان إتجاهاً سياسياً أو إقليمياً ،و ليس دوره أن يكون ممثلا” لفئة دون الأخرى التي لم تنتخبه ، و هل هنالك ضمانات أن الأكفئ هو من سيصل الى المجلس ؟ و هل سيتم مراعاة الخبرة و الأقدمية اذا ما تم الامر بالانتخاب ؟
و كما أن تعديل القانون بالإنتخاب لم يرد في مدونة التعديلات التي قدمتها اللجنه القضائية المعنية بألأمر أصلا” .
عوضا” عن أن الدستور الاردني لم يفتح باب الإنتخاب للأعضاء لا بالتلميح و لا التشبيه و بالتالي فأنه يمثل شبهه لم ترد في دستورنا ولم يأتي النص عليها في أي من المجالس القضائيه التي سبقت إقرار هذا القانون ، و أكتفى الدستور بذكر أيجاد المجلس القضائي و الأصل في القاعدة هو التعيين ضمن الاسس و القوانين و هو أولى أن يأخذ به ، فلا يجوز هنا أن نقدم شبهة دستوريه بغير نص يدعمها . و لو أراد المشرع لذكر ذلك صراحة.
مما سبق أرى أن الأجدر إذن هو وضع معايير و ضوابط واضحة للتعيين لمن هم أصحاب الأحقية ضمن الأسس الموضوعية و الحيادية .
و لأن في الحرص مأمن و في التهاون مغرم فإن تصويب الخطأ خير من التمادي فيه ، فأنني أدعوا زملائي النواب الى إعادة فتح المادة و نقاشها و التصويت عليها لتصحيح ما قد تدفع ثمنه الأجيال القادمة ، و أن نحافظ على تماسك قضائنا العادل و حياده و أستقلاله الكامل سواء من الداخل أو الخارج و أن نحميه من تداخل السياسة و الإتجاهات ، أو الفئوية و الإقليمية و المصالح الأخرى ما ظهر منها و ما بطن .
و هذا ما أجتهدت من رأي ، و فوق كل ذي علم عليم ،، و الله من وراء القصد.
معتز أبو رمان
نائب وطن