عروبة الإخباري – لن تمر ذكراه إلاّ وملأت سيرته وجدان كل كل من عرفوه .. فمثله يـُفتقدون وان طال الزمن على رحيلهم اذ أن معدنهم كالذهب لا يزيده الدفن الا احتفاظاً بجوهره..نفتقد مثله من الرجال الان ونقول فيه ما قاله الشاعر ابو فراس الحمداني:
«وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر..» وما قاله غيره «كلنا فاقد وأنت فقيد»..!
أكثر من عقد من الزمان يمضي وما زال رحيله موجعاً، فقد كان شجرة مثمرة تفيأ تحتها الكثيرون وطالت ثمارها كل من اقترب منها أو تعامل معها..
نتذكره فنتذكر العطاء والخير والأريحية والصدق والوفاء والاخلاص نتذكر الفتى الهاشمي..صاحب الامارة والدولة.الجندي والقائد والقريب من الراحل الحسين دماً وصلة وخدمة ونصحاً واسناداً..
زيد بن شاكر سجلّ ناصع من العطاء..كان عسكرياً محترفاً وخريج كلية سانت هيرست ورافعة ديموقراطية حين حدا الركب باتجاه الديموقراطية وتوسيع المشاركة والاشراف على أنزه انتخابات عاشتها المملكة بعد استئناف الحياة الديموقراطية عام 1989..والسؤال..كيف يكون قائداً عسكرياً برتبة مشير ومدافعاً عن التجربة الديموقراطية في نفس الوقت؟..تلك الصفة لا تجتمع الا لأمير أو لشخصية مميزة تعتبر السلطة عندها تكليفاً فقد كان والده الامير شاكر من قبل هو من يسعى بين القبائل والعشائر بالصلح وهو من صهرها في بوتقة الدولة حين كان الأمير المؤسس عبد الله بن الحسين يضع حجر الأساس في بناء الدولة الأردنية الجديدة والواعدة..
جاء الامير زيد بن شاكر على خطى الهاشميين وظل واحداً من فتيانهم الذين آثروا العمل من أجل الأمة والترفع عن الصغائر والمماحكات والانقسام..
الذين زاملوه وعاشروه وشاركوه المسيرة يشهدون له بحسن السريرة وصفاء النية وطيب المعشر وعفة اللسان ونظافة اليد والصبر والتحمل والترفع عن الصغائر..
كان صارماً في الحق لا تأخذه فيه لومة لائم وكان لينا في العفو وحين القدرة..اعتمده الحسين واستند اليه يوم انفض كثيرون وغدر كثيرون فكان ذراعه وسنده في يوم الزرقاء المعروف حين ترجم اخلاصه وولاءه للحسين القائد وتقدم الصفوف لانهاء التمرد..فكان ملء عين الملك وقرة عينه..ومن يومها سجل الامير زيد في السجل العسكري باسم كل زملائه الجنود والضباط ولسنوات طويلة وحتى حين كان قائداً للجيش ورئيساً لاركانه وقد أخذ رتبة مشير..سجل طهارة السلاح وانضباطية ومناقبية الجندي المحترف..
في زمن العقوق والنكران وادارة الظهر لمن بنوا وعملوا يظل اسم زيد بن شاكر يذكر بالخير فما ان يذكر حتى يترحم السامعون عليه فقد كانت له أيد بيضاء كثيرة مسحت أسى المتألمين ودموع المحتاجين والمنكوبين..كان يكظم الغيظ ولا يحمل الضغينة حتى ازاء من أساءوا أو حاولوا النيل من عمله أو التطاول على شخصه ليؤكد اخلاق الهاشميين وحسن سيرتهم..
لا يذكر أمام رفاقه من المخلصين الا اغرورقت عيونهم بالدمع فقد كان ناظمة العقد وحادي الجماعة..ومع رحيله المفجع الذي تتكرر ذكراه في كل عام وقد بلغ عقداً من الزمان..فإن ذكراه تشع ونكاد نسمع صوته الهادىء فينا يدعونا الى مزيد من رص الصفوف والصبر على التحديات ونرى ابتسامته الآسرة وايماءاته المعروفة لاصدقائه وحتى دوران حركة الخاتم في اصبعه..
كان من تقاليده في السلام بسط اليد لمن يرضى عليهم ولهم ومد الاصبع الواحد أو جزء من الكف لمن يعتب عليهم أو يغضب منهم..لكنه في كل المناسبات ظل دائماً يضع عينه على مصلحة وطنه وظل دائماً يعتبر الحسين العظيم ملهمه وكان يقول بعد رحيل الحسين «كنت «أتمنى دائماً أن يكون يومي قبل يومه حتى لا يقتلني الحزن عليه»..
رحل زيد بن شاكر في 30 آب عن (68) سنة وقد كان يوم مولده بعد يوم رحيله بأربعة أيام فقد كانت ولادته في الرابع من ايلول عام 1934..لك الرحمة أيّها الراحل الكبير ولسيرتك العطرة فينا المزيد من الانتشار والعبق والخلود..ولأصدقائك من ذكرى رحيلك ما يحفظ الوفاء والود..