عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب – ملأ عُمان وشغل الناس .. له منهج مختلف يقوم على الواقعية والتعامل مع معطيات القضايا بصبر وروية ، وله رؤية تأخذ بالاسباب وتحاول ادراك النتائج يعيش في قلوب العمانيين نبضاً يدفعهم الى التمسك بسلامة وطنهم والحفاظ على مكاسبه وانجازاته فقد اكد فيهم الوطنية وحب التراب العماني . كما جعل طريقهم الى تاريخهم سالكة ليبقى اعتزازهم بهويتهم عالياً واستظلالهم بها قائماً ..
حين وصل خبر مرضه اليهم تداعى له سائر الجسد العماني قلقاً وخوفاً واحساساً بالابوة وتطلعاً الى رب العائلة . واذا كانت بعض المصطلحات ينفر منهم اتباع الفكر الغربي فان عمان مازالت على بركتها تؤمن بالاسرة الواحدة ورب الاسرة كما تؤمن ان التاريخ بعث لها من ابنائها من يسهر ويحرص ويبني ويوصي بهم خيراً ..
قيل ان السلطان الذي يعاني مرض السكري انتقل الى العلاج في المانيا فانتقلت معه انظار العمانيين وكثير من العرب الذين راقبوا وتابعوا تجربته الفذة في بناء وطنه وحمايته من الاستقطاب والتبعية والانفعال الذي اودى بكثير من استقرار البلاد العربية ..
في عُمان يحس الزائر مثلي حب الشعب العماني لقائده وتقديره العالي له لدرجة عالية من التبجيل الذي يقرن ذكر اسمه بانبل الصفحات واكثرها اشتقاقاً من العدالة حين يرون قصصاً عاشوها وشكاوى اطلقوها لم تتجاوز سمع السلطان وتوجيهه السريع بايجاد الحلول لها ..
السلطان في اجازة غير عادية تخطت اجازته السنوية الوحيدة التي يمضيها خارج البلاد .. انها هذه المرة للعلاج والراحة وسط ابتهالات عمانية ودعاء تلهج به الالسنة ان يحمي الله السلطان وان يحفظه لتواصل عمان رحلتها باتجاه التقدم والتطور . ففي الوقت التي تتراجع فيه دول المنطقة والاقليم بفعل عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية جرى التعبير عنها باشكال مختلفة من الاحتجاجات فان عمان التي احتواها حب السلطان وحرصه ورؤيته لمستقبل بلده ظلت تتقدم وهاهي تسجل اعلى نسبة استقطاب استثمارات في المنطقة بفضل الاستقرار الامني والاجتماعي ووجود حماية للمستثمرين من قوانين وعادات وتقاليد ..
لن تقف عمان على مفترق الطرق وان كان من حق العمانيين ان يقلقوا على مسيرتهم التي عمق السلطان مجراها ورسم ملامحها وحدد اهدافها .. فالهندسة السياسية العمانية متينة القواعد قوية البنية . لن يضل العمانيون بها وفيها في مواصلة الوصول الى اهدافهم . فالعمانيون لا يعرفون العنف ولا يؤمنون به ، ولا يعتقدون بعقلية الردة او الانقلاب على الواقع منذ خاطبهم الرسول قائلا ً ” آمنوا بي قبل ان يروني : ومنذ تمتعوا بالحكم والنظام والحضارة قبل الاسلام والى اليوم ..
السلطان الذي يلهج العمانيون الان بالدعاء لسلامته وعودته اليهم ليواصل قيادة مسيرتهم مازال لديه الكثير ليعطيه ويفعله ومازالت صحته مطمئنة وارادته في الامساك بالحياة من اجل وطنه قوية ..
العمانيون شعب متفائل وغير متطير ، وهم يؤمنون بالواقعية ولا تهزهم الاشاعات ، لديهم ايمان عميق بتاريخهم وبلدهم وقيادتهم ويرون الاشياء محكومة بالقضاء والقدر تعلموا ذلك من الواقع والبناء والتاريخ وحتى من المذهب ..
مرض السلطان فرصة لفتح سجل انجازاته العظيمة والمسيرة التي بدأها من الصفر فهو الباني الرئيس والاصيل لتطور النهضة العمانية منذ اطلقها من عقالها وارتقى بها خطوة خطوة ومرحلة مرحلة بصبر وجلد وتراكم دون قفز او ادعاء او حرق للمراحل فقد استطاع بوسائل حضارية من التعليم والتثقيف والتدريب والتذكير بالتاريخ ودحض الجهل والخرافة والتعطيل ان يضع يده بيد العمانيين جميعا وان ياخذهم باتجاه التقدم والبناء دون خوف او حذر او انتقاص من حقهم في ان يكونوا في افضل منزلة ..
قد لا يتحدث العمانيون عن ذلك . وهم يستمعون الى ما يقال وما تنقله الاخبار . ولكنهم يحافظون على بلدهم سواء كان السلطان يقود مجلس وزراء او في اجازة او علاج فالمؤسسات السياسية التشريعية والتنفيذية والامنية والعسكرية منظمة بصورة تثير غيض الاعداء وتلفت انتباه الاصدقاء …
قد تكون هذه اول تجربة عاطفية للعمانيين تختبر حبهم لقائدهم ولكنها تجربة لابد ان تؤكد لهم عمق ما صنعوا من انجاز وصلابة ما بنوا من مؤسسات وهي بالتاكيد ستزيدهم ادراكا لدور القائد قابوس في سيرة نهضتهم وقدرة على استشراف هذه المسيرة والنظر اليها مجددا ستكون عودة السلطان الى بلده مشافى و معافى فرصة للعمانيين لاعلان حبهم العميق له واحتفالهم به وايضاً تبريد خوفهم ووحشتهم من غيابه او احتساب المخاطر لذلك .. وقد تشهد عودته جملة من الخطوات القانونية والتشريعية ورسائل عملية لطمأنة العمانيين بوضع ملامح جديدة على الطريق الموصل وتعبئة اي فراغ كان موجوداً او مسيطرأ ..
حرص السلطان قابوس الذي امضى كل عمره في خدمة بلده واوفى دائماً بما وعد فلم يخذل احداً من شعبه ولم يكذب اهله بل بقي الرائد فيهم . هذا الحرص سيدفع السلطان لتبديد اي قلق بخصوص وراثته او بخصوص المرحلة القادمة من المسيرة العمانية التي لم تشهد في تاريخها صعودا كما تشهد الان .
هناك جهات ودوائر واتجاهات ومذاهب في الاقليم والجوار وخارجه حاولت ان تنال من عمان ومن صورتها الواضحة الجميلة وحتى من استقرارها فبثت الاشاعات مجددا عن صحة السلطان وسلامته . هذه الجهات كانت مغرضة ويعرفها العمانيون ولن يعيروها اهتماما او يسمحوا لها ان تنال من صمودهم وتراكم انجازاتهم ولن تجد هذه الاشاعات بيئة او مناخا مناسبا لها في عمان فاوراق اعتماد السلطان لدى شعبه هي في انجازاته وليس خطاباته وفي بناء المدرسة العمانية وليس تاخير بنائها ..
الدعاء الذي تلهج به السنة العمانيين ومحبي عمان من العرب والعالم هو “ان يحفظ الله السلطان ويعيده سالما ويمكن العمانيين من الاستمتاع بنهضتهم وانجازاتهم انه سميع مجيب الدعاء” ..