سميح القاسم
قبل كل ما سنقول ،عاودت إسرائيل هجومها الوحشي على غزة في نفس اليوم الذي رحل فيه الشاعر الكبير سميح القاسم. “غزة التي كلما انفجرت خدشت (بل شوهت) وجه العدو لأن الزمن في غزة ليس عنصرا جامدا”.فهل هناك حد لعدوانية هذا الكيان الإستعماري البغيض الذي لا يشبع من دماء الفلسطينيين؟ فيقتل ألأطفال والنساء، و يدمر المدارس والمستشفيات ،و يهدم الحجر و يقتلع الشجر، و يقتل الشعراء حزنا و كمدا على وطنهم الذي تمضغ أحشاءه آلة الموت والحقد الإسرائيلية الصهيونية. رحل سميح القاسم وقبله محمود درويش و توفيق زياد وغيرهم الكثيرون. ولكن كلماتهم لا زالت محفورة في قلوب و ضمائر كل فلسطيني و كل عربي: “منتصب القامة أمشي”، و” بأسناني سأحمي كل شبر من ثرى وطني، و لو علقوني من شريان شرياني”، “لا تسلم ..لا تستسلم… فالأرض لك، والغد لك، حتى بعد سنين”. هل يمكن إطلاق إسم الشاعر الراحل على أحد شوارع العاصمة؟.
الرسالة الأولى
لا تزال مسألة النقل الداخلي عموما وفي عمان بالذات، تعاني من ارتباك وارتفاع الكلفة على المواطن وعلى الاقتصاد. حيث تصل كلفة المحروقات اللازمة للنقل إلى أكثر من 1600 مليون دينار سنويا. والعاصمة تزداد ازدحاما لتتجاوز أعداد السيارات فيها (900) ألف سيارة، بكل ما يرافق ذلك من الاختناقات المرورية والتلوث والوقت الضائع والحوادث . وتتوزع التوجهات في الأمانة: بين عدم التدخل وترك الأمور على حالها، باعتبار أن المواطن قد اعتاد على ذلك ،أو العودة إلى الباص السريع، وهل سيتم تمويله من الفرنسيين أم من مصدر آخر؟ أو الأفضل التوجه نحو الترام الكهربائي أو القطار الخفيف؟ وفي واقع الأمر أن القفز من مشروع ضخم إلى مشروع أضخم دون توفر الأساسيات لن يساعد على حل المشكلة.
إن الخطوة الأولى التي ينبغي السير فيها هي إنشاء “شركة مساهمة عامة أو أكثر للنقل العام” تسير حافلات منتظمة، وتحسب اقتصادياتها الكاملة، لتحل تدريجيا معمل التاكسي والكوستر. وكما هو في عواصم كثيرة يخصص المسار الأيمن لحافلات النقل العام. أما الباص السريع فيمكن التفكير فيه لاحقا بعد تأسيس و نجاح النقل العام،و لخطوط معينة.
الرسالة الثانية
تنشغل الأمانة “بالبسطات” والباعة المتجولين. ألا يمكن تخصيص مساحات معينة في كل حي لتتحول إلى سوق شعبي دائم، تتجمع فيها جميع البسطات بشكل منظم و صحي ونظيف، ووفق شروط والتزامات معينة. ويمكن أن تنظم فيها نشاطات خاصة في أيام العطلات الأسبوعية والوطنية أو أيام معينة من الأسبوع. ويراعى فيها الرقي و النظافة والترتيب. ولدينا تجربة جيدة في شارع الرينبو، وهي قابلة للتعميم كما هو الحال في كثير من العواصم العالمية.
الرسالة الثالثة
العاصمة تكاد تختنق. لا مساحات خضراء فيها ولا حدائق أو منتزهات إلا أقل القليل. ولولا أنه تم تخصيص هذه المساحات منذ (20) أو (30) سنة ،لكانت عمان بدون حدائق على الإطلاق. عندما تم تنظيم المدينة قبل (30) سنة لم يكن أحداً يتوقع هذا الانفجار السكاني والانفجار العمراني والهجرة إلى عمان. وما كان مخصصا من أرض و خدمات و طرق لبيت اعتيادي خاص أصبح الآن يضم عمارة عدة طوابق تقطن فيها عشر عائلات . كيف سيكون حال المدينة عندما يتم بناء جميع المساحات الخالية اليوم ؟ و قد ارتفعت أسعار الأراضي إلى أرقام فلكية. ستصبح خانقة. لا حدائق في الأحياء، لا مساحات مخصصة للمدارس، ولا مساحات مخصصة للنشاط الاجتماعي، طبعا ولا مساحات كافية لوقوف السيارات على جانبي الشارع. أما الأطفال فليس لهم إلا أن يلعبوا في الشوارع بين السيارات. ألا يمكن النظر في تخصيص المساحات غير المبنية لتكون مناطق خضراء حتى لو كانت مساحتها صغيرة . التجربة الصينية في هذا المجال رائعة. فلا توجد زاوية أو قطعة أرض مناسبة إلا ويتم تحويلها إلى حديقة. هل يمكن الاستفادة من هذه التجربة؟
الرسالة الرابعة
الأرصفة محتلة. يحتلها إما الباعة المتجولون أو السيارات أو الأشجار غير المناسبة التي يزرعها المواطنون كل أمام بيته. أما المشاة، فلا مكان لهم إلا مع السيارات. بعض المواطنين جعلوا الأرصفة حدائق خاصة مليئة بالأشجار والأزهار. وأغلقوها أمام المشاة ،وبعضهم زرع أشجارا غليظة السيقان وضخمة، لم تترك مسافة للمشاة.
ألا يمكن أن تدرس الأمانة الأشجار المناسبة، وتتوافق على مجموعة منها تصلح للزراعة على الأرصفة دون أن تفسدها أو تبتلعها؟ ألا يمكن للأمانة أن تحدد للمواطنين موقع الشجرة المزروعة على الرصيف ؟ هل يمكن إصدار “دليل للرصيف” يبين التزامات الأطراف المختلفة و يكون متاحا للمواطنين؟
الجهود التي تبذلها الأمانة ويبذلها الأمين كبيرة ومضنية،و تستحق الثناء دائما ، ولكن عمان العاصمة تحتاج إلى لمسات تجميلية وتنسيقية و تنظيمية، وتحتاج إلى رئات خضراء تتنفس من خلالها. وهي تستحق ذلك.