عروبة الإخباري – يبدأ دوام المدارس اليوم في جميع محافظات المملكة وفق التقويم المدرسي الذي حددته وزارة التربية والتعليم، فيما تؤكد نقابة المعلمين استمرار إضراب هيئتها العامة المفتوح إلى حين تلبية جميع مطالبها، داعية أولياء الأمور إلى عدم إرسال أبنائهم إلى المدارس.
ومن المقرر أن ينتظم اليوم نحو مليون و850 ألف طالب وطالبة في مختلف مدارس المملكة التابعة لمديريات وزارة التربية والتعليم، والتعليم الخاص، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، والثقافة العسكرية، إيذانا ببدء العام الدراسي الجديد.
وعقد مساء أمس اجتماع بين وزير التربية محمد الذنيبات ومجلس نقابة المعلمين بحضور رئيس وأعضاء لجنة التربية النيابية للوصول إلى تفاهمات لإنهاء الإضراب. ولم يتم التوصل لنتائج، إلا أن النائب خليل عطية المشارك في الاجتماع، أكد أن الاجتماع لم يسفر عن شيء جديد فيما يخص الإضراب، إلا أنه بين أن الحوار مع النقابة سيتواصل اليوم. وكانت هناك جهود نيابية لفك الاضراب، حيث توصلت لجنة التربية النيابية الخميس بعد اجتماعات مكثفة إلى تفاهم أولي حول تحقيق مطالب المعلمين تدريجيا، إلا أنه لم يكتب لها النجاح.
بدوره، أكد نقيب المعلمين الأردنيين حسام مشة أن قرار الإضراب هو “آخر القرارات التي لجأنا إليها مرغمين وكارهين بفعل المماطلة والتسويف وعدم الجدية من الحكومة في التعامل مع واقع التربية والتعليم ومطالب المعلمين”، مشيرا إلى أن “استمرار الحكومة في تبني هذا النهج يدفعنا مرغمين الى الإعلان عن استمرارنا في الإضراب”.
وجاء حديث مشة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته النقابة في مجمع النقابات المهنية أمس للحديث حول آخر المستجدات بشأن إضراب المعلمين، والتطورات اللاحقة للتوافق الأولي مع النواب بحضور نائب النقيب غالب المشاقبة وعدد من أعضاء مجلس النقابة.
ودعا مشه أولياء الأمور الى عدم إرسال أبنائهم وبناتهم الى المدارس “تجاوبا مع مواقف نقابة المعلمين، وذلك حرصا على سلامة الطلبة”، مؤكدا أن النقابة “ترفض إنهاء إضرابها إلى حين تلبية مطالبها المتمثلة بتعديل نظام الخدمة المدنية، وتحسين خدمات التأمين الصحي، وإحالة صندوق الضمان إلى هيئة مكافحة الفساد، وإصدار تشريعات رادعة حول الاعتداء على المعلم، وإقرار علاوة الطبشورة، ونظام المؤسسات التعليمية الخاصة”.
ولفت إلى أن المعلمين سيتوقفون اليوم عن القيام بأي مهام تتعلق بالعمل الوظيفي، في جميع المراحل والصفوف، دون استثناء، والامتناع عن إعطاء الدروس للطلبة، لافتا الى ضروة التزام المعلمين بالتوقيع على سجلات الحضور وعدم مغادرة المدرسة إلا بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي.
وأشار إلى فشل جولات الحوار بين النقابة والحكومة ممثلة ببعض وزرائها المعنيين، وبرعاية لجنة التربية في مجلس النواب، والذي استمر على مدى أسبوع كامل وتوّج بالتوصل إلى تفاهمات بين النقابة ولجنة التربية في جميع الملفات، غير أن الحكومة “أفشلت هذه الوساطة من خلال تصريح حكومي على لسان وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات تنكرت فيه للتفاهمات ورفضت ما تم التوصل إليه منها، رغم مشاركة بعض وزرائها في جلسات الحوار المختلفة”.
وأضاف أنه “بالرغم من أن مطالبنا في نقابة المعلمين في غالبيتها مطالب تشريعية وإجرائية (تعديلات على نظام الخدمة المدنية والتأمين الصحي ونظام صندوق ضمان التربية ونظام التعليم في القطاع الخاص وأمن وحماية المعلم)، والأصل أن يتم إنجازها دون أدنى تعقيدات، كما صرح بذلك العديد من النواب، فإن رفض الحكومة للتجاوب مع هذه المطالب المحقة وباعتراف رئيس الوزراء عبدالله النسور، يدل وبما لا يدع مجالا للشك على العقلية الحكومية العرفية والمماطلة في التعامل مع القضايا الوطنية بشكل عام، والقضايا التربوية والتعليمية بشكل خاص”.
وقال مشة “إظهارا للجدية وحسن النوايا والتعامل الإيجابي مع التفاهمات التي تم التوصل إليها مع لجنة التربية في مجلس النواب، فقد عزمت النقابة وفور التوصل إلى التفاهمات على دعوة الهيئة المركزية لدراستها ومناقشتها، إلا أن التنصل الحكومي وبعد ساعة واحدة فقط من انتهاء الاجتماع مع النواب، أدى إلى إلغاء اجتماع الهيئة المركزية للنقابة، الأمر الذي تتحمل الحكومة مسؤوليته كاملة، والذي أدى في النهاية إلى إفشال جهود مجلس النواب والاستخفاف بما تم التوصل إليه من تفاهمات”.
وبين أن النقابة “تعاملت بمسؤولية وطنية عالية مع الجهود النيابية، مقدرة الظروف الاقتصادية والعبء المالي الذي تعاني منه الخزينة، وقد تجاوبت النقابة وبمرونة عالية مع ما طرحه رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب بعدم القدرة على إدراج المتطلبات المالية في العام 2014، ثم سحب الأمر على عام 2015، الأمر الذي تقبلته النقابة، وقبلنا بمبدأ الجدولة لعلاوة التعليم وعلى مدى ثلاثة أعوام ابتداء من العام 2016 حتى العام 2018، ولو كانت النقابة معنية فقط بالجانب المادي لما قبلنا بالجدولة، الأمر الذي يدلل وبصورة واضحة على المسؤولية الكاملة للحكومة في إفشال جهود الوساطة النيابية بجميع تفاصيلها”.
وأشار إلى أن الحكومة “تعاملت مع الإضراب بعقلية سلبية وغير مسؤولة، حيث باشرت بالتحشيد الإعلامي والمجتمعي ضد النقابة، والذي تجلى بتجريم الإضراب والطعن بوطنية وانتماء المعلمين الأردنيين فقط لمطالبة المعلمين ونقابتهم بوقف تدهور التعليم وتلبية مطالبهم التي تصب في النهوض بالعملية التربوية والتعليمية”.
وأضاف: “ورغم المسؤولية المباشرة لوزارة التربية والتعليم في النهوض بالتعليم ووقف التدهور فيه، فقد تعاملت الوزارة بمنطق العداء مع ما طرحته النقابة من مطالب ترتقي بالتعليم والمعلم وتنهض به، وقد تجلى ذلك من خلال تصريحات الحكومة المناهضة للمطالب العادلة، بل وأخذت تكيل التهديدات باتخاذ الإجراءات العقابية ضد المعلمين المضربين واستبدالهم، وبطرق استفزازية تدل على قصور في القدرة على التعامل مع الأزمات وتعميقها بدلا من البحث عن حلول حقيقية وجدية بعد إغلاقها باب الحوار ونسف ما تم التفاهم عليه”.
ولفت مشة الى أن المعلمين والمعلمات “يمارسون حقهم الدستوري والقانوني بالإضراب”، محذرا من أساليب “الترهيب ضد المعلمين والضغط عليهم أمنيا أو إداريا”.
وأكد أنه “لا بديل عن المعلم الأردني الذي كنا وما زلنا نفخر به وبدوره الوطني والتربوي”.
وقال: “إننا نؤكد على أننا في نقابة المعلمين لن نقبل باستمرار الوضع التعليمي والتربوي الحالي المتدهور، والذي تبدت معالمه المؤلمة بنسب الأمية المخيفة في صفوف أبنائنا الطلبة وأوضاع المدارس الذي وصل بعضها إلى الحضيض التربوي والتعليمي، الأمر الذي يتطلب موقفا مجتمعيا ووطنيا وتربويا لصالح أبنائنا ومستقبلهم من خلال دعم وإسناد النقابة في موقفها الرامي إلى إحداث تغييرات جذرية وحقيقية في السياسات التربوية والتشريعية الناظمة للعملية التربوية والتعليمية لإنقاذ أبنائنا ومستقبلهم من السياسات التعليمية الفاشلة التي مورست على القطاع التربوي على مدى العقود الأخيرة”.
ودعا مشة المجتمع والدولة بكل مكوناتها إلى “المبادرة إلى فتح ملف التعليم المدرسي والجامعي بكل تفاصيله والقيام بالمسؤوليات اللازمة للنهوض به من خلال خطة وطنية شاملة تراعي واقعنا التربوي والتعليمي وتنطلق منه للنهوض به بعيدا عن البرامج الجاهزة المستوردة والتي أوصلتنا إلى واقع مؤلم تربويا وتعليميا”.
وقال إن “أبوابنا في نقابة المعلمين ما زالت مفتوحة للحوار الجاد والحقيقي لمعالجة الاختلالات في الواقع التربوي والتعليمي مع الحكومة ووزارة التربية والتعليم، وعلى أرضية جديدة تحقق متطلبات النهوض بالتعليم وتلبي مطالب المعلمين وحقوقهم”.