المحادين : نعمل بعقلية الدولة بعيدا عن الانفاس المتقطعة .. والعقبة تواصل رحلة البناء ..
غانم : اوراق اعتمادنا هي الانجاز ونبني على ما بدأه الرواد .. وجرد الحساب وفير .
الميناء الجديد نموذج لموانيء المنطقة وهو ابرز انجازات العقبة الاقتصادية ..
الميناء يأتي في زمانه ومكانه .. رافعة للاقتصاد الوطني .
عروبة الاخباري – خاص – سلطان الحطاب رغم الحرارة المرتفعة في يوم رمضاني طويل الا ان الرغبة في رؤية ميناء العقبة الجديدة كانت اقوى من تبريرات البقاء في غرفة الفندق المكيفة .
كان المهندس غسان غانم مدير عام شركة تطوير العقبة الذي وضعني في صورة الانجازات التي واصلتها الشركة قد اغراني لزيارة الميناء والوقوف على ما تم انجازه.
وحتى افهم المراحل وما تحقق منها واطلع على حجم الانجاز وسرعته والقدرة على تنفيذه باعلى المواصفات والمعايير الدولية فقد رغب المهندس غانم ان ياخذني بسيارته الى الموقع وفعلا وصلنا في الرابعة بعد ظهر يوم الثلاثاء 22/7 بعد ان خرجت من مكتب رئيس هيئة المفوضين في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة معالي الدكتور كامل محادين الذي تحدث عن حجم التحديات التي واجهت منطقة العقبة وعن تذليلها والامساك بالفكرة ومواصلة تجسيدها والعمل بعقلية الدولة لا الحكومات ( متقطعة الانفاس ) والتعبير من عندي والرغبة في مواصلة الصعود بهذا المشروع الملكي الرائد وهو ان تكون العقبة كجغرافيا نموذجا يجسد الرؤية الملكية التي انطلقت منذ وضع الملك عبدالله الثاني حجر الاساس قبل اكثر من عقد من الزمان ..
“جاء الصبي ” وعلى اللاهجين بالنقد ان ” يصلو على النبي ” وان يتوقفو في عرقلة ارادة الجنود المخلصين الذين يعملون “لتؤتي العقبة اكلها وثمارها الطيبة ” فقد زرع من قبل رواد مخلصون بذور الفكرة الملكية وتعهدوها لتقوم ولتستوي على سوقها وما زلت اذكر جهودهم وانا ازور العقبة وانحاز لفكرة المنطقة الاقتصادية الخاصة و ابشر بها فقد احصيت اني كتبت من اجلها ما وصل الى49 مقالة غير هذه وظللت ارى انها حلم اردني اطلقه جلالة الملك عبد الله الثاني بعد ان ظل الحسين الباني رحمه الله يحلم ان تكون العقبة على ما هي عليه الان .
فقد دشن الحسين البداية التي جسدها عبد الله الثاني ..واذا كانت العقبة الان رغم السنين العجاف التي عبرت عنها الازمة الاقتصادية العالمية وهروب الاستثمارات وتعطل المشاريع في مناطق عديدة من العالم فان الاصرار والارادة والعزيمة الوطنية التي عبر عنها الدكتور كامل محادين في لقائي معه ظلت تميز عمل هذه النخبة الادارية والتقنية والعلمية التي تقود العقبة الان .
اذن هذا هو الميناء الجديد ..اصبح قائما وملموسا ومجسدا ومستقبلا لاول سفينة رست فيه وها هي اول رسوم محصلة .فقد ذهب التشكيك والرطانة والحملات الفاسدة الاعلامية ومن ساندها كالزبد الذي يقذفه البحر دائما فلا يمكث ولا ينفع الناس .
وها هي ثمار الجهود الاردنية المخلصة مجسدة في مستودع هام هو الميناء بمواصفات حديثة لا تملكها الا موانيء عالمية حديثة يقول رئيس السلطة “ان ميناء العقبة الجديد يعد اكثر المشروعات حيوية للاقتصاد الوطني في المنطقة الخاصة والذي من شأنه توفير مرفق مينائي يعتمد على احدث ما توصلت اليه التقنية في عالم مناولة البضائع .وحين سالته كيف ، قال : ” انه سيعزز من قدرة العقبة التنافسية في المجال البحري مقارنة بهذا القطاع على مستوى الاقليم بالاضافة الى قدرته على تلبية احتياجات المملكة من النقل المينائي لمدة خمسين عاما قادمة ..
في الميدان كان الشرح اعمق واوضح فقد سالت عن التفاصيل حين نزلت من سيارة الجيب التويوتا التي حملتني ايضا رفقة ” ابو نجيب” عماد فاخوري الى ميناء الحاويات بداية بدء مشروعه قبل عدة سنوات حين كانت الحملة عليه قائمة واذا به في حسابات اليوم ينجز افضل ميناء حاويات في المنطقة في مواصفات المناولة العالمية فبعد ان كانت الحاوية تستغرق شهرا او اقل لتخرج اختصرت المسافة الزمنية لتصل الى ساعات وهي ارقام قياسية لم تكن لتصنع لولا العزيمة والارادة وحسن التدبير وعمق البصيرة .. ذكر لي ذلك غسان غانم وهو يستعرض ما زرع الرواد وما يجري حصر ثماره الان وانتظار الموسم الذي سياتي مع الميناء الجديد وقدراته وتكرار موانىء اخرى متخصصة بالغاز او المواد السائبة ونموذج ذلك الفوسفات ومساهمتها الكبيرة مع البوتاس في اقامة ميناء متخصص ..
سألت ما هذا الذي يشبه اعمدة مدينة الاقصر فقال هذه صوامع الحبوب الجديدة وهي آية في المعمار الهندسي وجماليته وهي جاهزة الان لتضم الاف الاطنان من مخزون القمح او ما يشبهه ..
العمل على قدم وساق .. هناك خزانات للنفط اقامها القطاع الخاص بكفاءة بعد ان ظل المخزون الاستراتيجي مرهونا في سفينة قديمة عائمة وهناك الخزانات التابعة للحكومة حتى لا يوضع البيض كله في سلة واحدة .. وهناك التنافس لتقديم الاجود .. هناك ايضا موانيء عديدة جرى حصرها في المنطقة الجنوبية التي كسرت حدة تجهمها بالموانيء والصناعات مناطق سياحية فيها مشاريع هامة ونموذجية كمشروع السندباد الترفيهي وهو منتجع غوص وسياحة ومطاعم وبرك جميل وبتكاليف دخول زهيدة وفي متناول الجميع اذ ان رسوم دخوله واستعماله هي اربعة دنانير فقط وقد دخلته لاجده ينافس افضل المنتجعات السياحية وهو الاول من نوعه في الاردن بهذه المواصفات ..
وما يقدمه من خدمات وما يتمتع به من شط وعلى بعد آخر الى الجنوب منه شاطىء اليمنية الترفيهي المجاني حيث المرافق وقد اكتملت وحيث لا يجد الزائر الى العقبة ضرورة لاستمرار التسكع في الشوارع او النوم فيها كما كان يحدث في الماضي اذ ان هذا الشاطىء الكبير يتسع للالاف ويقدم لهم خدمات المرافق الصحية والمظلات وكل اسباب الراحة ..
في عبورنا الى الميناء من جهة الشمال وقد جئنا من الطريق الدائري في عودتنا كان لابد ان ان نتوقف عند اكبر قناة جرى حفرها وسقفها وهي تحت الارض تستطيع ان تمشي داخلها شاحنة كبيرة وقد انجزت بقدرات متخصصة وبكلفة قليلة حين كان احتسابها باكثر من ثلاثين مليون وقد جرى انجازها بربع هذا المبلغ حين توفرت الارادة والعزيمة وكانت هذه القناة لتصريف الامطار التي تتحول الى سيول من اعالي الجبال باتجاه الميناء الجديد ومرافق اخرى عديدة لتصب في البحر بامان وهي القناة التي جرى اعداد واحدة اخرى اصغر منها وليست مسقوفة شمال مدينة العقبة لحماية المطار والمرافق المحيطة وقد انجزتها شركة تطوير العقبة بامكانياتها الذاتية حيث يعتز المهندسون فيها وعلى رأسهم مديرهم العام انهم من بنوا الجسور والانفاق لهذه القناة وانجزوها ليجري اختيارها هذا في امطار العام بكفاءة ..
ابقى في الميناء واستمع الى الشرح عنه .. فهنا اربعة ارصفة متخصصة بطول 800 متر قادرة على استقبال مختلف انواع السفن والبضائع ..
نظرت الى السيد غسان وهو يشرح مستبشراً بما انجز ” هذا الميناء اهم المشاريع الاقتصادية التي نفذتها سلطة العقبة الاقتصادية من خلال ذراعها التنفيذي شركة تطوير العقبة . وهو سيحول العقبة الى بوابة لوجستية والنقل متعدد الوسائط وسيرفع القدرة الاستيعابية وبالتالي سيشكل رافعة قوية واساسية للاقتصاد الاردني من خلال دفع عجلة القطاعات الاقتصادية العديدة التي تخدم السوق الاردنية ” ..
” العقبة الان بالميناء الجديد على الخريطة العربية والاقليمية والدولية في وضع متقدم وبارز وهي الى جانب هذا ستتحول الى مقصد سياحي واستثماري نشط وفاعل ” ..
كان الوقت يمر بسرعة قبل ان يحين موعد الافطار الذي يعلنه غياب شمس العقبة في سقوطها البرتقالي خلف الماء وفي مشهد جميل يتزامن مع التوقيت دون حضور للمدفع . فقد صمتت مدافع رمضان ولم يبق منها الا ما هو منصوب امام القلعة يجسد اثراً تاريخياً للثورة العربية الكبرى حين وصلت العقبة بعد انطلاقتها عام 1916 .
مضى غسان غانم يقول ويشير بيديه .. ” اريد ان يدرك الجميع ان ما زرعه الذين سبقونا يثمر الان بعد ان تعهدنا ذلك بامانة ودفعنا بكل جهدنا لرفع كل العقبات وازالة التحديات وكسب الوقت ومسابقته ..لم نلتفت للرطانة والتشكيك فقد مضينا ولان ثقافته واسعة فقد قال :
” انا نجاهد كي يرضى الجهاد بنا
لسنا نجاهد كي يرضى بنا عمر”
فابتسمت وقلت هذا هو الجهاد الاكبر .. جهاد التنمية واطعام الافواه وتوفير فرص العمل للشباب ..!!!
وقال انظر هنا ” هذا الميناء بارصفته الجديدة ومرفأ الخدمات البحرية ومنزلق الصيانة الثقيلة يعتبر احد العناصر الرئيسة لمنظومة الموانىء الاردنية الجديدة التي تواكب المعايير الدولية الحديثة ومتطلباتها وهي ايضا الشريان الاساسي للخطة الشمولية لمنطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ..
قبل ايام كانت الباكورة .. فقد قطعت جهيزة قول كل مشكك ومزايد حين رست السفينة مشروع الخليج على هذا الرصيف رقم ( 4) هنا ..
هذا الميناء لمن يريد المعرفة تم بناؤه ذاتيا من شركة تطوير العقبة بما فيه من معدات انشائية وقد احتوى .. 23 طن حديد وانابيب ستستخدم في بناء ميناء الغاز الطبيعي المسال وميناء الغاز النفطي ( غاز المنازل ) .
وحين كنت استمع لهذا النموذج من الابداع الاردني والذي يعبر عن قدرات الاردنيين حين تتميز وتنطلق وتتحدى . قال ” سفينة مشروع الخليج ” جاءت من تركيا عبر قناة السويس واصطفت هنا على الرصيف المخصص للسفن المحملة بالبضائع العام وقد تم تفريغ حمولتها باستخدام المواعين العائمة في البحر ثم نقلها الى موقع الغاز الطبيعي المسال بواسطة قاطرات شركة ميناء العقبة للخدمات البحرية ..
وكانت هذه الشركة نفسها من تكفل بادخال اول باخرة ( مشروع الخليج) الى ارصفة الميناء كاختبار ناجح لينطلق الميناء بعد ذلك بمهماته كاملة ..
العقبة باختصار تعاود الوقوف على اقدامها وتبدا الركض في سباق الضاحية لتصل الى اهدافها وقد قطعت الكثير منها وعلى مختلف الاصعدة .. العقبة ستكون مع تقدم مشروع المعبر شيئاً آخر تماما وسيضاعف عدد سكانها ليصل الى ربع مليون نسمة في المدى القريب المنظور .. في منطقة مشروع المعبر وقفت امام مسجد الراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان وهو طبق الاصل عن مسجده الكبير في ابو ظبي الا انه اصغر حجما وهو الان في العقبة تحفة معمارية .. سمح لنا الحارس بالعبور اليه وهو مسجد مكتمل بانتظار افتتاحه في عيد الاضحى حيث سيشرف جلالة الملك المشروع بحضور راعي اماراتي من احد ابناء الشيخ زايد .. هذا ايضا يتزامن مع المشروع الجمالي الكبير المدهش مشروع ” واحة ايلة ” الذي لم يتوقف العمل في انشاءه حتى في احلك الظروف وقد تكاملت مرحلته الاولى التي تجاوزت كلفتها ربع مليار دولار وسيكون معلم العقبة السياحي الاول .. كما عاود مشروع سرايا انطلاقته بعد تعثر مؤقت جرى معالجته بارادة صلبة من جانب ادارة الشركة التي عاودت ضخ اكثر من 600 مليون دولار وقد رايت العمل في مشروع سرايا وراقبت ذلك من نافذة غرفتي في فندق انتركونتننتال الجميل ..
العقبة ورشة تتكامل ومدينة ذات هوية متفردة وهي تعبر الان عن نفسها بالتطور وتقدم اوراق اعتمادها بالانجاز بعد ان اعياها الجدل وكثرة وضع العصي في دواليبها ولكن المخلصين من الرواد ممن آلت اليهم المسؤولية عن ترجمة الرؤية الملكية فيها يمضون مستبشرين بما انجز وبما هو على نار الانجاز الان ..
عدت من العقبة مستبشرا فهذه المدينة التي احببتها وكنت عضوا في جمعية اصدقائها التي يراسها السيد سامي قموه تعاود نضارتها وتستكمل اسباب جمالها لتظهر بشكل اكثر القا فالعقبة بعد خمس سنوات من الان ستكون شيئا اخر وستطرح اشجار استثماراتها المزروعة منذ عشر سنوات اكلها طيبة حلوة كما اكد لي المهندس غانم ” نريد الوقت وعلينا الانجاز ” . !!!
العقبة .. مرحلة تفتح المشاريع واستكمالها وطرح ثمارها
16
المقالة السابقة