عوبة الإخباري – رسام الكاركتير، الذي يصادف اليوم الذكرى 27 على اغتياله، يعتبر من أهم الفنانين الفلسطينيين، وله أربعون ألف رسم كاريكاتوري.
عاش مأساة وطن.. لا يمتلك إلا ريشته، كانت سلاحه ضد ظلم واستبداد الكيان الصهيوني.. جسدت ريشته أفكاره ورسمت بخطوطها واقعا مريرا فرض نفسه على عقول وقلوب الجميع.. إنه الرسام الفلسطيني المناضل ناجي العلي «حنظلة»، حيث يمر اليوم 27 عاما على قتله وتجفيف ريشته إلى الأبد.
ولد ناجي العلي عام 1937، في قرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة، وبعد احتلال اليهود لفلسطين حيث هاجر مع أهله، عام 1948 إلى جنوب لبنان وعاش في مخيم عين الحلوة، لم يعرف في حياته سوى الاعتقالات المتلاحقة بسبب نشاطاته المعادية للاحتلال وقضى أغلب وقته داخل الزنازين يرسم على جدرانها.
تبلورت النزعة التمردية لدى ناجي العلي من خلال معاناته التي كانت معاناة شعب ووطن، فبإتمام العلي لسن العاشرة عام 1948 وبدخول اليهود إلى فلسطين تم تهجيره مع أسرته الفلسطينية غيرها من الأسر لمخيم عين الحلوة بلبنان، وعاش حياه اللاجئين، حيث قاس هؤلاء المهجرين حياة غير آدمية فلا بنية تحتية ولا شيء يحميهم شر الطبيعية التي لن ترحم شعب قسى عليه الزمان.
بدأت ملامح موهبة ذلك الفتى تتكون فقد حاول رسم كل ما رآه من حزن على وجه أسرته وغيرها من الآسر الفلسطينية على جدران المخيمات الباردة، وفي ظل تلك الظروف التحق العلي وانتظم بصف دراسي في هذا المخيم، بدأ يدرك فيه ورفقائه معنى الوطن وتتفتح فيه مدراكهم السياسية، ولفت العلي من خلال حبه للرسم نظر معلمه، الذي بدوره قال له “ارسم يا ناجي بس دائما ارسم عن الوطن” وقد كان.
ابتكر عددا من الشخصيات التي كانت تعبر عن واقع القضية الفلسطينية وأشهرها شخصية “حنظلة” الذي يمثل صبيًا في العاشرة من عمره أدار ظهره للقارئ وعقد يديه خلفه تعبيرا عن رفضه للحلول الخارجية كما كان يتميز “حنظلة” بملابسه المرقعة وقدميه الحافيتين بما يرمز إلى الفقر الشديد.
كانت شخصية “حنظلة” الأقرب إليه، مثلت “الصبي ذو العشرة أعوام حين أجبر على ترك فلسطين ولن يزيد عمره حتى يستطيع العودة إلى وطنه”، كما أنه اتخذه بمثابة التوقيع للدرجة التي جعلت الشخصية الكريكاتيرية رمزا للهوية الفلسطينية والتحدي حتى بعد موت مؤلف الشخصية.
وتكلم ناجي عن حنظلة أيضا وقال “هو يشبهني داخليا وإن كان ليس له علاقة بشكلي الخارجي، إنما هو تعبير ذاتي عن نفسي، وأنه أصبح رمزا لكل إنسان بداخله الدفئ والحميمية ذاتها ويشاركه في نفس الهم الذي يشعر به”.
وفي فترة ما بعد حرب أكتوبر وتحول السياسية المصرية إلى سياسة التصالح والاتفاق، ومع عدم مهاجمة قيادات الحركة الفلسطينية للسياسة المصرية، بدأ ناجي في شن هجوم على الجميع واشتبك ثقافيا مع كل الأطراف لظنه أن الحركة الفلسطينية تسير في نفس الاتجاه.
عاش ناجي الحرب الأهلية اللبنانية وعبر برسوماته عن رفضه القاطع لهذه الحرب ورفضه لتورط الفصائل الفلسطينية فيها.
وظل رمزا للقضية الفلسطينية حتى تم اغتياله في 22 يوليو عام 1987 بعدما أطلق شاب النار عليه، ليصاب أسفل عينه اليمنى ويظل في غيبوبة حتى التاسع والعشرين من أغسطس من نفس العام لتكتب كلمة النهاية في حياة مناضل لم يملك سلاح سوى ريشته الحادة اللاذعة، ليدفن في لندن على الرغم من وصيته أن يدفن بجوار والده في مخيم عين الحلوة.