– انجازات ملموسة اوضح وخطط يجري الاحتكام اليها ..وتحقيق الكثير منها .
– جهاز الامن العام يعيد بناء نفسه لمهمات اوسع .
– اعادة الهيبة للجهاز من خلال تطبيق القوانين .
– لم يعد الجهاز وسيلة لتسديد فواتير سياسية او مصلحية او منصة للقفز ..
– الاحترافية هي السمة الغالبة ومناقبية الجهاز جزء من عقيدته التي يعاد تأكيدها .
– استلهام اوسع للظروف الاجتماعية والاقتصادية ووعي على الواقع والمساعدة في حل مشاكله .
عروبة الاخباري – خاص – سلطان الحطاب
الجوع والخوف غريزتان اساسيتان وهما مرتبطتان بالامن وغياب الامن احد ابرز اسبابهما وغالبا ما يكون ذلك في زمن الاضطراب او الحروب او الكوارث الطبيعية …ولهذا جاء النص القرآني الكريم (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ )ومن هنا تبدا مسيرة الحياة البشرية التي لا تبنى الا بالأمن الذي يميز الحضارة عن ما سبقها من أساليب عاشها الانسان منذ كان في الغابة ..
هذه المقدمة تنبه الى ضرورة الأمن والذي في ظله تقدمت البشرية وقام العمران كما قال ابن خلدون في مقدمته ..
والأمن نوعان أمن قائم كثمرة للبطش وهو أمن خطر مفروض تستعمل فيه القبضة الحديدية ويخضع له الجميع /عنوة ، وأمن قائم من الرضى وتوفير اسباب الحياة وهو ثمرة للاستقرار والبناء والتنمية ..
في خضم ذلك وبعيد عن التنظير فان المنسوب الأمني في بلادنا مستقر وجيد ليس نتيجة القمع وانما التوافق والتراضي والاحساس بخطر قد يقع في غيابه …ولذا احببت ان اشير انه لا يوجد أمن ناعم وأمن خشن وإنما أمن فالأمن يمكن تشبيهه بالماء في درجة حرارة عالية او منخفضة حد التجمد، لكن لا حواجز او تصنيفات كما يحلو للبعض ان يطلق صفات النعومة والخشونة فلا أمن مع النعومة ولا نعومة مع الأمن حين يكون ذلك على حساب القانون وتطبيقه ..
استطيع القول من خلال مراقبة ومتابعة ان جهاز الأمن العام في بلادنا ومنذ بداية هذا العام استطاع ان يحقق جملة من الخطوات الملموسة .
اولا: الانحسار في نسبة المشاجرات التي كانت تقوم في الجامعات والتجمعات السكانية وخاصة ذات الطابع العشائري باعادة ضبط كثير من المعطيات وعدم السماح بتجاوز القانون والحزم ازاء ذلك ..
ثانيا: تراجع نسبة الجريمة التي اخذت مظاهرها تتزايد وذلك بجهود كبيرة بذلها جهاز الأمن وما زال حيث جرى عكس ارادة تطبيق القانون بشكل افعل، وتوفير أسباب الأمن كعامل وقائي والمتابعة الدقيقة والتقصي والبحث والكشف عن مواقع الجريمة ومحاصرتها كعامل علاجي ..وقد ظهر ذلك بشكل جلي في الاشهر الأخيرة .
ثالثا :اعادة الاعتبار لاداة الامن الاساسية وهي جهاز الأمن العام الذي جرى تسديد هيبته في السنوات السابقة مقابل مواقف غير مدروسة ولا ملموسة وتحت حجج وذرائع مختلفة وكان لهذا النزيف في ادارة الجهاز وهيبته وصورته اثاراً سلبية احتاجت معالجتها الى جهد كبير ومعاناة مستمرة ..
ويسجل لقيادة جهاز الأمن الآن القدرة على استعادة هذه الهيبة بالتدريج دون استعمال العنف او جعله عنوانا في اعادة البناء وانما التزام بالقانون وعدم التساهل في تطبيقه او السماح باختراقه، وفي هذا السياق كانت خطة ادارة الامن العام والتي نجحت الى حد كبير ذات مردود ايجابي في هذه النقطة وقد حسمت خيارات ادارة الامن العام الجدل الذي كان يدور والذي اعتقدت بعض الاطراف فيه انه بالنعومة وغض البصر عن تطبيق القانون يمكن تجنيب البلاد التوتر وعدم الاستقرار وهذه النظرية سقطت وثبتت هشاشتها وعدم استنادها الى اي معطيات عملية او واقعية وخاصة في مجتمعات لم يترسخ فيها القانون ولم تثمر الديمقراطية في بناء ثقافة احترام القانون وعدم تجاوزه ..
رابعا: العمل على تجانس السلوك مع الثقافة السائدة فالثقافة السائدة تحترم القوة وتزدري الضعف وترى ضرورة ان تكون هناك مرجعيات ماثلة لذلك في الشارع لأن المظهر الشرطوي له اعتبارات ملموسة في عملية الردع لسلوك الخارجين على القانون وهذا تطلب توفير حماية مادية ومعنوية لرجل الشرطة وعدم تسديده فاتورة سياسية او تعبوية او استهلاكية لتجميل مواقف محددة او تجاوز مواقف اخرى من المفترض ان تسدل بمواقف ادارية او سياسية او خطوات اصلاحية وليس من خلال دور او هيبة رجل الأمن .
لقد سالني احد الصحفيين الاجانب في مقابلة معي للتلفزيون الكندي في “تورنتو” لماذا يقدم رجال الشرطة عندكم الماء والعصائر للجمهور في الشارع هل هي لمناسبة وطنية او احتفالات او لعيد تحتفل به المؤسسة الامنية ؟ فقلت : لا ، فقال : لماذا ؟ قلت : لتغيير صورة جهاز الأمن العام ، فقال : لماذا ؟ قلت : ليصبح اكثر قربا من المواطنين …قال : كيف ؛ هل تريدون الشرطي عازف او فنان حين يكون هناك اضطراب ؟ …صمت فقال : لا اعتقد ان ذلك مناسبا يمكن لهذه التقدمة ان تكون ايجابية وضرورية في حال وقوع كوارث او حروب وليس كما رايت ..وكان يعلق على لقطات طالبت بعرضها اثناء المقابلة لرجال شرطة اردنيين يقدمون الماء والعصير للمواطنين العابرين في الشوارع ، الصحفي الاجنبي ذكرني برواية كافكا الاسباني (الصرصار) وقال اراد الغراب ان يكون حمامة فلم يستطع ولم يستطع ان يعود غرابا ..كل شيء لما صنع اليه والشرطي هو شرطي ومقدار الاستثمار في تدريبه هو الاصل لكن لا يطلب منه ان يتهاون او يغمض عينيه عن تطبيق القانون ..كنت اتذكر وهو يتحدث عن الشرطة البريطانية التي استعملت الهراوات بقسوة حين تحولت التظاهرات السلمية وسط لندن الى اعمال عنف .
وكيف ان سيدة رأت ابنتها وهي تهشم واجهات المحال فاتصلت بالشرطة لتخبر عن ذلك حين عادت ابنتها الى البيت ..هذه ثقافة مختلفة ومع ذلك لم تتهاون الشرطة في قمع الفاعلين ومعاقبتهم حسب القانون . في حين ان ثقافة مجتمعاتنا
مازالت في بعض جوانبها ولا اقول دائما تؤي المجرم وتتستر عليه وتناصره وتنتصر له على الطريقة الجاهلية انصر اخاك ظالما او مظلوما ..
لقد عانى جهاز الامن العام كثيراً ليسترجع صورته ويضبط ايقاع عمله وكان لذلك ضحايا لم يستقم الامر الا باخراجهم او تحييدهم او توقف شراء افكارهم .. وقد اثبتت التجربة في الاشهر الستة الاخيرة نجاعتها وسلامتها ..
اليوم الجهاز اكثر احترافا واقل تسيسا ولم يعد يقبل ان يكون مطيّة لرفع هذا الشخص او ذلك او قبوله لدى شرائح او مراكز قوى في المجتمع السياسي او حتى المدني فالرضى صيغة عامة وليست فردية او جهوية او فئوية حين يكون الجهاز كله في الاختبار ..
لقد تم شكم الكثيرين ممن تجاوزوا القانون او خرجوا عليه وشكل ذلك رضى لدى اوسع الجماهير التي عادت للاحساس انها محمية مؤسسيا وليس عائليا او جهويا ..
لقد مضت فترة من الزمن شل فيها عمل جهاز الامن العام حين كانت المحاكم تطلب المجرمين والمطلوبين لها ولا يصلون وحين عادت الصيغة المؤسسية للجهاز بصورة فاعلة مع بداية حملات قام بها الجهاز وجدنا كيف يجد ذلك ارتياحا عاما في الشارع وان كان ذلك قد ازعج بعض الفئات القليلة جدا والتي لبعضها نفوذ في رسم الصورة او تشويهها ولكن الجهاز الذي وجد دعما من قائده الاعلى من سيد البلاد استطاع ان يعبر المرحلة الصعبة وان يعيد بناء ارادته وان يموضع قراراته فكان عمله في الاطراف والبوادي والاماكن البعيدة وقد استرجع دورا ملموسا منذ بداية العواصف الثلجية بداية العام وفي محاصرة الخارجين على القانون وسد المنافذ في وجوههم وحتى مطاردتهم عبر الحدود وفي اكثر من مكان وموقع ..
والفعل في الميدان كان ملموسا ومدير جهاز الامن العام بحكم وعيه وثقافته وتأهيله الاكاديمي العالي لم ينس الجانب التعبوي والتحفيزي فقد اولى الجهاز الذي يقوده كل اهتمامه وراح ينصف المنتسبين اليه بزيادة تحسين اوضاعهم ما استطاع الى ذلك سبيلا وقد استمال لهم القرار ولم يستمله عليهم كما كان يحدث احيانا وتحركت ارادة التثقيف والتوعية وتجديد العقيدة الامنية وتأكيدها لتكون في خدمة المواطن وخدمة تطبيق القانون في الدرجة الاولى ..
وقد تتابعت مع ذلك كل اطراف الجسم الامني بكل مكوناته ومديرياته معا ولذا راينا وسمعنا قادة الجهاز على مختلف تخصصاتهم وهم يتحدثون في المؤتمر الصحفي الذي عقد قبل عدة اشهر لتبدا مرحلة جديدة من المتابعة والعناية لا تقوم في عملها على ارضاء المراتب المختلفة الاقل لمن هو اعلى منه ولكن لاعادة صياغة جسم جهاز وطني على اسس علمية وموضوعية
ولعل العلاقات المختلفة التي بناها الجهاز مع الدول الصديقة والشقيقة حيث شكل نموذجا للحرفية وتقديم الخبرات في التدريب والتاهيل لعل ذلك كان الابرز في المرحلة الماضية وخاصة عام 2014 فقد تعززت العلاقات مع دول في الجوار وخاصة مع المملكة العربية السعودية واجهزتها الشبيهة ومع المحطات الجامعية والاكاديمية والشرطية وكذلك اضطراد التعاون مع دول صديقة كبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وسويسرا والمانيا واسبانيا ودول اخرى شهدت دورات وتبادل خبرات وتدريب وزيارات متبادلة مما انعكس على قدرات جهاز الامن العام ومنزلته على الخارطة المحلية والاقليمية والدولية ..
وفي هذا السياق فان جهاز الامن العام يحظى الان بقبول اوسع وتفهم اعمق في اوساط السادة النواب الذي تحركت غالبيتهم من اجل انصاف دوره الرئيس وتوفير كل اسباب الدعم المناسب خاصة وان مهمات هذا الجهاز توسعت وتنوعت وازدادت وقد صاحب هذا النمو في الجهاز وهو نمو نوعي قدرات وجدناها واضحة في صورته التي لفتت الانتباه في مخيم الزعتري ومخيمات اللاجئين السوريين والاسلوب الحضاري المتبع والذي شهدت به اوساط فرنسية وحتى اميركية في بعثات متخصصة زارت المخيمات وايضا مع وصول منظمات حقوق الانسان في بعثاتها المتتالية .. اضافية لما اصبحت عليه السجون التي تدربها مديرية الامن العام من تطور ومن مراعاة للاشتراطات الدولية في مواصفات المكان وفي التعامل مع السجناء وتصنيفهم ولعل التحدي الابرز الذي يواجه جهاز الامن العام هو في مكافحة المخدرات التي ازدادت ممارساتها اتساعا وازدادت الجرائم المصاحبة لهذه الممارسات وخاصة نشاطات التهريب والتوزيع والتفشي وهو ما رتب على جهاز الامن العام مسؤوليات اكبر واشمل وهذا يستدعي حث المجتمع الاردني بقوة وحافزية للتصدي لهذه الظاهرة كل حسب اختصاصه وقدراته وخاصة الدور الذي يمكن ان تلعبه المؤسسات الاخرى والاجهزة الاخرى والجامعات وكل مكونات المجتمع المدني وان يكون مجتمعنا اكثر شفافية واكثر قدرة على ادارك المخاطر المترتبة والتعاطي معها وتوفير كل الاساليب الوقائية والعلاجية وفتح المزيد من المراكز .. للفطام والمعالجة ومراكز الرهاب ليس للذكور فقط وانما للاناث ايضا حيث يفتقر بلدنا لمثل هذه المراكز المتخصصة التي عرفت لبنان بعضها دون سائر البلاد العربية ..
ان على قوى المجتمع الحيّة والقادرة ان تنهض بمسؤولياتها الاجتماعية في هذا المجال وخاصة ان المخدرات تضرب في كل فئات وطبقات المجتمع دون استثناء ولذا يصبح من اللزوم والاوليات الاساسية ان تتصدى المؤسسات المالية والاجتماعية من خلال قدراتها لاسناد برامج محددة وتاهيل المتعاطين واعادة اشراكهم في المجتمع ..
التقارير التي نقراها تجعلنا اكثر خوفا واحتسابا مع ازدياد التفشي حتى لدى الفئات الفقيرة وفي الارياف ولا يستطيع جهاز الامن العام ان يتحمل المسؤولية لوحده ..
فالمكافحة لدى العديد من الدول هي عمل مدني محض تنهض به المؤسسات المدنية والمالية والاقتصادية ويرعاه شخصيات بارزة لها دور تستثمر في اعادة تنظيف وبناء مجتمعات خالية من المخدرات ..
لابد من تخصيص وقفيات عديدة فمكافحة المخدرات اولى احيانا من بناء المساجد ولذا على الساعين لاعمار المجتمع وجعله اكثر فضلا ونظافة وصلاحا ان يعمدوا الى هذه المهمات وان تقوم النساء تحديدا بدور اكبر واوسع لحماية ابنائهن وبناتهن من هذه الآفات وان يتوسع بناء جمعيات ولجان المكافحة بشكل يتناسب مع التحديات الكبيرة الماثلة من انتشار المخدرات ..
ان متابعتي للدور الكبير الذي يقوم به جهاز الامن العام في هذه المرحلة حيث يبلغ ذروة دوره ونشاطه وعمله يحتاج الى دعم المكونات الاساسية والواعية في مجتمعنا وان تتوسع صداقات الجهاز مع اطراف مدنية كالجامعات واساتذتها وروابط وهيئات ومنظمات المرأة ومع النقابات والاحزاب والاتحادات ومع الوزارات وخاصة التربية والتعليم ومع المثقفين والكتاب والفنانيين ليقدم كل طرف تصوراته وانجازاته واسلوبه في المكافحة ..