عروبة الإخباري – أقام المركز المجتمعي المسكوني أمسية ثقافية رمضانيّة في مقرّه بكنيسة الراعي الصالح، تخللها إشهار مبادرة (معاً لأجل الخير) التابعة للمركز، واشتملت على كلمات وقصائد وأغنيات وطنية.
استهلّ الحفل راعي المركز القس سامر عازر بوقفة صمت حداداً على جميع ضحايا العنف والقتل والإرهاب ولا سيما شهداء غزة هاشم، داعياً الله أن ينصر كلّ المظلومين ويفرج كرب كل المكلومين، ويضمد جراح كل المتألمين.
وقال عازر إنّه يتناغم ما جاء في الكتاب المقدس «أن الله لا يحابي الوجوه، بل في كل أمة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده» ( أع 10: 35) مع الآية القرآنية «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» ( سورة الحجرات، آية 12).
واستعاد عازر ما يدلل على الأخوّة بين أبناء الوطن الواحد، ذاكراً ما قاله الدكتور مروان سليمان الموسى من أنّه في الخمسينات من القرن العشرين في إحدى قرى إربد وعند موعد الافطار لم يكن هناك مسجد في القرية يرفع الآذان، فكانت الكنيسة الموجودة تقرع أجراسها عند حلول موعد الإفطار.
وزاد القس عازر: (البارحة وأنا في طريقي ساعةَ الافطار إلى أبو نصير استوقفني شابان وقدموا لي عبوة ماءٍ بارد على اعتبار أنني صائم وفي طريقي للإفطار. فهذه عادة جيدة أصبحنا نراها عاماً بعد عام، .. لكن أن يقوم بعض الشبان المسيحيين في الزرقاء مثلاً وفي نابلس وغيرهما بتوزيع الماء على الصائمين في ساعة الافطار، فهذه ظاهرة تستدعي التدقيق والنظر).
وقال إنّه في الوقت الذي يقدم فيه البعض ما يروي عطش المؤمنين بالله، ويعكس روح المحبة والاحترام وقبول الآخر، تشهد المجتمعات نوعاً من التعصب وصعوبة قبول الآخر، مبيّناً أنّ الرد على ذلك هو بالمبادرات التي تعيد لنا ألق الحياة المشتركة معاً في القرية والمدينة والبادية، وبالسياسات الحكيمة في الإعلام والمناهج التربوية والنهج العام الذي يعزز المواطنة والعدالة للجميع. وأضاف أنّ ما يقوم به أعضاء مبادرة شابّة تسمى «معاً لأجل الخير» تتبع للمركز المجتمعي المسكوني «الخيمة» تؤكّد الجانب النظري في ذلك، معرّفاً بمجموعة من شباب وشابات مسلمين ومسيحيين برئاسة الناشطة الاجتماعية الكاتبة ربيكا ملكيان، قامت بإعداد وجبات رمضانية لأطفال أيتام في مادبا قبل فترة وجيزة، عدا توزيع طرود الخير للمحتاجين في الطفيلة يوم الجمعة، وأعمال تطوعية، مبيناً أنّ ذلك هو إصرار على وحدتنا وحاضرنا ومستقبلنا، وأن أمتنا العربية لن تقوم بدون جناحيها المسيحي والإسلامي، وأن خروجنا من الفوضى الخلاقة هو بوحدتنا وتقاسمنا رغيف الخبز وتشاركنا في الصرّاء والضرّاء.
وتحدث عازر عن نشاطات المركز المجتمعي المسكوني الذي تلون شعاره ألوان العلم الأردني- رمز العزة والكرامة والاستقلال والفخر، واجداً سعادةً لخدمته في الكنيسة اللوثرية في الأردن منذ العام 1996، وكذلك لزيادة معرفته بالمثقفين. وأعرب عن شكره عمدة الكنيسة المتعاونة مع رؤيته في خدمة المجال الثقافي الأردني، لما للثقافة من قدرة على بلورة عقول نيرّة وقلوب لينة وعزيمة غير منثنية لبناء عالم يسوده المحبة والسلام.
بدورها ألقت رئيسة المبادرة ومشرفتها الكاتبة ربيكا ملكيان في فقرة تكريم أعضاء المبادرة التي أدارها عضو المبادرة الزميل حسين نشوان، كلمةً استهلتها بقول محمود درويش (على هذه الأرض ما يستحق الحياة)، مبيّنةً فكرة مبادرة «معا لأجل الخير»، وهدفها في زرع الأمل وإضاءة الدرب ورسم الفرحة على الوجوه.
وقالت إنّ المبادرة المؤلفة من الشباب الأردني الوطني الغيور الذي يحمل مشاعر الإنسانية هي شمعة أوقدتها مجموعة من الأصدقاء الذين أحبوا أن يؤكدوا القيم النبيلة والأصيلة في مجتمعنا، الذي كان أساساً يقوم على التكافل والتعاون، بما تحمله المبادرة من هدف مواجهة الفقر وتقديم يد العون للأسر العفيفة والحالات الخاصة.
كما قالت ملكيان : من هنا جاءت مبادرة معاً لأجل الخير، لنزرع الأمل،ونضئ الدرب، ونرسم على الوجوه الفرح بألوان قزح..
معربة عن سعادتها بهذا الحفل الذي تشهر فيه مبادرة معاً لأجل الخير، ولأن المبادرة من كل الأردنيين لكل المحتاجين دون تمييز في اللون أو الدين أو العرق أو الطائفة أو الجنس..
الفقرات الثقافية، التي نسّق لها عضو اللجنة الاستشارية للمركز الكاتب عبد القادر الحداد، قرأ فيها الشاعر أديب ناصر أبياتاً مؤثرةً استعار فيها النهر المقدس في أمانه وانسيابه وطفولته، وضفافه التي يملؤها الحب، ليقرأ محمود عبده فريحات قصيدة مدح فيها المركز المجتمعي المسكوني (الخيمة) واحةً للمثقفين، فيما قرأ الشاعر الدكتور راشد عيسى مقطوعات ذات قفلات حلوة طلبها الجمهور استوحاها من اليومي في المقاهي وعند طبيب الأسنان، وحمّلها بعض الشعور الحزين. الشاعر الصحفي الفلسطيني جودت مناع ألقى قصيدة عبرت عن صمود الشعب الفلسطيني وثباته ووحدته. وألقى الكاتب في التنمية الاجتماعية وقضايا المواطنة الدكتور فيصل غرايبة كلمة عبّر فيها عن شكره للمركز المجتمعي المسكوني في أمسياته وأهدافه الثقافية وجمعه ضيوفه على المحبة والمثاقفة والمعرفة. كما شاطره في ذلك الخبير العسكري نواف حامد قطيش متحدثاً عن الثقافة والمنطلقات الوطنية والعربية، وأهمية ما يقوم به المركز في هذا المجال. ليلقي الدكتور عبدالفتاح البستاني كلمة بيّن فيها رمزية الاحتفال الرمضاني في الكنيسة وما يؤكده ذلك من شعور بالمحبة والأخوة والإنسانيّة، وقرأ قصائد لنزار قباني، مؤكّداً دور الفعل الثقافي في تواصل المبدعين.
وكانت قدّمت عبلة جميل علوش مقطوعات عذبة لقصيدة (موطني) وسط تفاعل الجمهور، ومشاركة من الفنان عيسى مضاعين في أغنيات لعبدالوهاب والطرب الأصيل على العود، لتؤدي الفرقة الموسيقية بقيادة سلطان العشي أغنيات وطنية متنوعة، في الحفل الذي زاد حضوره على مئتين.
«المسكوني» يقيم أمسية رمضانية ويشهر مبادرة معاً لأجل الخير
26
المقالة السابقة