نجحت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بتغيير قواعد اللعبة في فلسطين للمرة الأولى خلال 5 أيام فقط من التصدي للعدوان الإسرائيلي الجديد على قطاع غزة.. وباتت تملك جزءا مهما من أوراق القوة في مواجهة الغطرسة اليهودية الصهيونية، تتمثل بوضع المفاعل النووي الإسرائيلي “ديمونة” في مرمى نيران صواريخها، واستخدامه “رهينة” لتهديد الكيان الإسرائيلي، إلى جانب قصف مطار اللد المحتل “مطار بن غوريون” والموانئ والمصانع ومرافق اقتصادية أخرى.
في “بنك أهداف” حماس يبقى مفاعل ديمونة النووي هو الأهم، فقد عمدت إلى قصف منطقته مرتين، دون أن تصيبه مباشرة، على الرغم من قدرتها على إصابته بدقة متناهية إذا أرادت، فخطوط الطول والعرض معروفة تماما، وحتى لو حاول الكيان الإسرائيلي التصدي للصواريخ الفلسطينية فإنه لن يفلح بوقفها مع إستراتيجية “الرشقات الصاروخية” التي عطلت قدرات الدرع الإسرائيلي المسمى “القبة الحديدية”، الذي أنشئ بأموال وتكنولوجيا أمريكية. فقد تعمدت حماس أن تقصف محيط المفاعل فقط لإيصال رسالة للكيان الإسرائيلي وحلفائه، أن المنطقة كلها يمكن أن تكون في مهب رياح الإشعاعات النووية التي يمكن أن تنطلق من هذا المفاعل القديم والمتهالك، وهذا تهديد حقيقي وليس مجرد خيال.
حماس خلخلت الإستراتيجية الإسرائيلية القائمة على التفوق العسكري، وخاصة سلاح الجو، ونجحت بجر الكيان الإسرائيلي إلى المربعات الصغيرة التي تجيد اللعب فيها ببراعة منقطعة النظير، وهذا يعتبر من أساسيات الحروب غير المتكافئة، حيث يلجأ الطرف الضعيف عسكريا إلى تقسيم الميدان إلى مربعات ويجبر الطرف الأقوى على النزال في أحدها، وحماس اختارت مربعات مؤثرة للغاية مثل “مفاعل ديمونة، ومطار بن غوريون، والموانئ، والمصانع” ومحطات توليد الكهرباء”، وفي حال نجحت بتكثيف هجماتها الصاروخية على هذه الأهداف “الرخوة” فإنها ستدفع الكيان الإسرائيلي لكي يجثو على ركبتيه، وهو ما عبرت عنه ببراعة حنين الزعبي، عضو الكنسيت الإسرائيلي بقولها: “لا نتائج عسكرية لما يجري، ولن تقضي إسرائيل لا على حماس ولا على دوافع المقاومة ولا على دوافع التحرر من الاحتلال، ولن تحسم إسرائيل شيئا بالقوة العسكرية وبالقتل وبالتدمير.
ما سينتج عن هذا العدوان، هو بدء إدراك إسرائيلي بأن حدود القوة واضحة، وبأن الصواريخ البدائية لا تقتل البشر، بل تقتل التصور الإستراتيجي الذي بنت عليه إسرائيل وضعها الأمني والسياسي، والذي مفاده بأنه بالثالوث القاتل: الحصار والجدار والتنسيق الأمني تعيد إسرائيل تثبيت حالة”.. الاحتلال السهل”، وهذا بالضبط ما تقتله صواريخ حماس.. تقتل حماس قناعة إسرائيل بأنها استطاعت عبر منجزاتها الثلاثة الأهم خلال السنوات العشر الأخيرة: الجدار، والحصار والتنسيق الأمني، السيطرة على الوضع، وتثبيت حالة احتلال دون محتل.
المقاومة تعيد للإسرائيلي الحضور الفلسطيني كمحتَل، الذي غاب عن الواقع والذهنية الإسرائيلية.. وتذكر الإسرائيلي باحتلاله، بواقع يريد الإسرائيلي أن ينساه وأن يعيش بأمن وطمأنينة، حتى دون أن يتذكره.