عروبة الإخباري – انتظرت القارة الاوروبية 84 عاما لكي تقول كلمتها في القارة الاميركية وذلك بفضل المنتخب الالماني الذي اضاف النجمة الرابعة الى صدره بفوزه على نظيره الارجنتيني 1-صفر بعد التمديد اليوم الاحد على ملعب “ماراكانا” الاسطوري في المباراة النهائية لمونديال البرازيل 2014.
وسجل ماريو غوتسه هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 113.
وعجزت المنتخبات الاوروبية عن الفوز باللقب العالمي في القارة الاميركية باجزائها الجنوبية والوسطى والشمالية في سبع محاولات سابقة، لكن “ناسيونال مانشافت” تمكن من فك عقدة القارة العجوز وتوج بلقبه الاول منذ 1990 والرابع في تاريخه بعد اعوام 1954 و1974 و1990، بعدما تفوق على ارجنتين ليونيل ميسي بفضل هدف من البديل ماريو غوتسه في الدقيقة 113، لتصبح اوروبا القارة الاولى التي تتوج بثلاثة القاب متتالية (فازت ايطاليا عام 2006 واسبانيا عام 2010).
وبعد ان انتهى مشوار الالمان في النسخات الثلاث السابقة على يد منتخب توج باللقب (في النهائي عام 2002 امام البرازيل وفي نصف النهائي امام ايطاليا عام 2006 وفي نصف النهائي ايضا امام اسبانيا عام 2010)، نجح “ناسيونال مانشافت” اخيرا في تأكيد مشواره التصاعدي واحراز لقبه الاول منذ ان توج بطلا لكأس اوروبا عام 1996، وجاء عن استحقاق وجدارة خصوصا بعد ان حجز بطاقته الى النهائي الثامن في تاريخه بسحقه البرازيل المضيفة 7-1 في الدور نصف النهائي.
والملفت ان سبعة من اللاعبين الموجودين حاليا في المنتخب الالماني لم يكونوا قد ابصروا النور عندما فازت المانيا بلقبها الاخير وهم اندريه شورله وكريستوفر كرامر وشكودران مصطفي وايريك دروم وماريو غوتسه وجوليان دراكسلر وماتياس غينتر (جميعهم من الاحتياطيين).
وجدد الالمان تفوقهم على الارجنتين التي كانت تخوض النهائي الاول لها منذ 1990 حين خسرت امام “ناسيونال مانشافت” بالذات بهدف لاندرياس بريمه، وذلك بعد ان اخرجوهم من الدور ربع النهائي في نسختي 2006 بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1 في الوقتين الاصلي والاضافي، وربع نهائي 2010 بنتيجة كاسحة صفر-4.
وهذه كانت المواجهة الثالثة بين المنتخبين في المباراة النهائية (رقم قياسي في كأس العالم) لانه سبق ان خسر الالماني في مكسيكو 1986 امام دييغو مارادونا ورفاقه، كما انها المرة السابعة التي يتواجه فيها الطرفان في النهائيات (رقم قياسي بالنسبة لعدد المواجهات بين فريقين في كأس العالم مشاركة مع مواجهة البرازيل-السويد).
وتعود المواجهة الاولى بينهما الى 1958 حين فازت المانيا 3-1 في دور المجموعات ثم تعادلا صفر-صفر في الدور الاول عام 1966، قبل لقائهما في نهائي 1986 الذي حسمته الارجنتين 3-2، ونهائي 1990 وربع نهائي 2006 و2010.
كما تواجه الطرفان في دور المجموعات من كأس القارات عام 2005 في المانيا وتعادلا 2-2.
وبالمجمل، حملت مواجهة اليوم بينهما رقم 21 وحققت المانيا فوزها السابع مقابل 9 هزائم و5 تعادلات.
وقد فشلت الارجنتين التي احتاجت الى ركلات الترجيح لكي تتخطى هولندا (صفر-صفر في الوقتين الاصلي والاضافي) في اول وصول لها الى دور الاربعة منذ 24 عاما وتحديدا منذ مونديال 1990، في تحقيق ثأرها من المانيا التي يعود تتويجها الى كأس اوروبا 1996.
وتدين المانيا بحصولها على نجمتها الرابعة الى الاداء الجماعي الرائع لرجال المدرب يواكيم لوف الذين جعلوا من “ناسيونال مانشافت” المنتخب “الاجنبي” الاول الذي يتوج باللقب العالمي في القارة الاميركية التي عجز اي من منتخبات القارة العجوز ان يعود من اراضيها بالكأس الغالية، حيث فازت الاوروغواي بالنسخة التي استضافتها عام 1930 ثم في نسخة 1950 على الاراضي البرازيلية، قبل ان تفوز البرازيل بنسخة 1962 في تشيلي و1970 في المكسيك ثم الارجنتين على ارضها عام 1978 وفي المكسيك عام 1986.
واستضافت الولايات المتحدة نسخة 1994 وتوجت البرازيل باللقب للمرة الرابعة في تاريخها.
والملفت ان الاوروبيين لم يتوجوا باللقب سوى مرة واحدة خارج القارة العجوز وكانت في النسخة السابقة التي احرزتها اسبانيا في جنوب افريقيا، علما بانها كانت المرة الثانية فقط التي تقام فيها البطولة خارج اوروبا او اميركا، والاولى كانت عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان واحرزتها البرازيل.
ولم تتمكن الارجنتين بقيادة المدرب الفذ اليخاندرو سابيلا والنجم الكبير ليونيل ميسي من تكريس العقدة الاوروبية بعيدا عن القارة العجوز والى تحقيق ثأرها من الالمان واحراز لقبها الثالث في العرس الكروي العالمي بعد عامي 1978 و1986 من اصل خمس مباريات نهائية، والاول لها في كافة البطولات منذ 1993 حين توجت بكوبا اميركا في الاكوادور.
وبدأ لوف اللقاء دون اي تعديل على التشكيلة التي اكتسحت البرازيل في نصف النهائي لكنه اضطر الى استبدال سامي خضيرة بلاعب بوروسيا مونشنغلادباخ كريستوف كرامر بعد تعرض لاعب وسط ريال مدريد الاسباني لاصابة خلال الاحماء.
كما لعب ميروسلاف كلوزه الذي حطم رقم البرازيلي رونالدو من حيث عدد الاهداف في النهائيات (16) اساسيا مرة اخرى، ليخوض بالتالي مباراته ال24 في النهائيات ويصبح على بعد مباراة من الرقم القياسي الذي يحمله مواطنه لوثار ماتيوس قائد منتخب المتوج عام 1990.
كما حطم كلوزه في مباراة اليوم رقما قياسيا جديدا كان مسجلا باسم برازيلي اخر هو بيليه، وذلك من حيث عدد الايام الفاصلة بين مباراتين نهائيتين (4396 يوما بين نهائي 2002 و2014 بالنسبة للالماني و4375 يوما بين نهائي 1958 و1970 بالنسبة للاسطورة البرازيلية).
وفي الجهة المقابلة، عاد انخل دي ماريا الى المنتخب الارجنتيني بعد تعافيه من اصابة تعرض لها في ربع النهائي امام بلجيكا لكنه بدأ اللقاء على مقاعد الاحتياط في حين لعب انزو بيريز اساسيا مرة اخرى.
وبقي سيرخيو اغويرو ايضا على مقاعد الاحتياط بعد دخوله في الدقائق الاخيرة من الوقت الاصلي امام هولندا اثر تعافيه من اصابة ابعدته عن الفريق منذ المباراة الاخيرة في الدور الاول امام نيجيريا، فيما لعب غونزالو هيغواين كالعادة وحيدا في المقدمة ومن خلفه ميسي وبمؤازرة من ايزيكييل لافيتزي.
وبدأت المباراة بوتيرة سريعة ودون اي حذر من الطرفين وكان الارجنتينيون الاقرب الى افتتاح التسجيل اثر ركلة حرة فاشلة من الالمان انطلق على اثرها رجال سابيلا بهجمة مرتدة وصلت على اثرها الكرة الى هيغواين الذي توغل في الجهة اليمنى بعد ان سقطت الكرة امامه مجددا اثر اعتراض خاطىء من الدفاع فسددها قوية من زاوية ضيقة لكن محاولته مرت من امام باب المرمى وواصلت طريقها الى الجهة الاخرى من الملعب (4).
وانتقلت الافضلية الميدانية بين الفريقين اللذين تبادلا الهجمات دون تشكيل خطورة فعلية على المرمى حعتى الدقيقة 21 عندما اخطأ توني كروس باعادة الكرة لحارسه مانويل نوير فخطفها هيغواين وانفرد بالمرمى الالماني لكنه تسرع بتسديدها بجانب القائم الايمن رغم انه كان وحيدا.
ثم تعرض الالمان لضربة بعدما اضطر لوف الى الزج باندري شورله بدلا من كرامر الذي دخل قبيل صافرة البداية بعد اصابة خضيرة (32)، وذلك بسبب ضربة تعرض لها في رأسه اثر اصطدامه بكتف المدافع ايزيكييل غاراي.
وكاد شورله ان يفعلها بعد دقائق على دخوله اثر هجمة مرتدة سريعة وتمريرة متقنة من توماس مولر لكن الحارس سيرخيو روميرو وقف في وجه محاولة لاعب وسط تشلسي الانكليزي (37).
وردت الارجنتين بفرصة خطيرة جدا لميسي الذي قام بمجهود رائع على الجهة اليمنى وتوغل بالمنطقة بعد ان تخطى ماتس هوملس لكن جيروم بواتنغ تدخل في الوقت المناسب ليقطع الكرة (39)، ثم انتقل الخطر الى الجهة المقابلة بتسديدة من حدود المنطقة لكروس لكن روميرو كان في المكان المناسب (43).
وكاد الالمان الدخول الى استراحة الشوطين وهم في المقدمة لكن الحظ عاندهم بعدما ناب القائم الايسر عن روميرو ليقف في وجه رأسية صاروخية من بينيديكت هوفيديس اثر ركلة ركنية (45).
وفي الشوط الثاني، زج سابيلا باغويرو بدلا من لافيتزي بحثا عن تعزيز خط هجومه والوصول الى الشباك الالمانية وكاد ان يتحقق له ما اراده عبر ميسي الذي كسر مصيدة التسلل وتوغل في المنطقة لكن تسديدته مرت بجوار القائم الايسر (48).
وعاد الالمان ليفرضوا ايقاعهم وسط تراجع ارجنتيني واعتماد على الهجمات المرتدة.
وحصل الالمان على فرصتهم الاولى في الشوط الثاني في الدقيقة 59 اثر كرة رأسية من كلوزه لكن محاولة مهاجم لاتسيو الايطالي كانت ضعيفة ولم يجد روميرو صعوبة في التعامل معها.
وواصل الالمان اندفاعهم لكن دون خطورة على مرمى روميرو حتى الدقيقة 71 واثر لعبة جماعية وتمريرة بينية من مولر الى شورله الذي كان بامكانه التوجه مباشرة الى المرمى لكن الكرة طالت عنه، ما حرم بلاده من فرصة افتتاح التسجيل.
ثم انطلقت الافضلية للارجنتين التي حصلت على فرصة لميسي بعد ان توغل في الجهة اليمنى وتلاعب بالدفاع قبل ان يسدد الكرة من حدود المنطقة وبنفس الطريقة التي سجل فيها هدف الفوز على ايران (1-صفر) في الوقت بدل الضائع من مباراة الفريقين في الدور الاول، لكن محاولته مرت هذه المرة بجانب القائم الايمن (75).
وحاول سابيلا ان يحسم اللقاء في الوقت الاصل وتجنب الاحتكام الى التمديد للمباراة الثانية على التوالي والثالثة في البطولة من خلال ادخال رودريغو بالاسيو بدلا من هيغواين (78).
لكن الهدف كاد ان يأتي من الجهة المقابلة عندما سقطت الكرة امام كروس على حدود المنطقة فاطلقها قوية لكن محاولته مرت بجانب القائم الايسر (82).
وشهدت الثواني الاخيرة من الوقت الاصلي خروج انزو بيريز من الارجنتين لمصلحة فرناندو غاغو (86)، وكلوزه من الجهة الالمانية لمصلحة ماريو غوتسه (88)، دون ان يغير ذلك في نتيجة اللقاء ليحتكم الطرفان الى التمديد، المانيا للمرة الثانية بعد لقائها في الدور الثاني امام الجزائر (2-1) والارجنتين للمرة الثالثة بعد لقاءي سويسرا في الدور الثاني (1-صفر) وهولندا في نصف النهائي، لتعادل رقم انكلترا (1990) وبلجيكا (1986) اللتين اضطرتا لخوض التمديد ثلاث مرات ايضا في نسخة واحدة.
وهذه المرة الثانية التي يخوض فيها المنتخبان التمديد في المباراة النهائية، الارجنتين عام 1978 على ارضها حين فازت على هولندا 3-1، والمانيا عام 1966 ضد انكلترا وخسرتها 2-4.
كما انها المرة الحادية عشرة التي تلجأ فيها المانيا الى التمديد في تاريخ مشاركاتها في كأس العالم لتعادل الرقم القياسي المسجل باسم ايطاليا، فيما خاضت الارجنتين التمديد 8 مرات سابقا وتأهلت فيها الى الدور التالي سبع مرات وهزيمتها الوحيدة فيها كانت في ربع نهائي 2006 ضد… المانيا بالذات.
كما هي المرة الثالثة على التوالي التي يتم فيها حسم اللقب العالمي بعد الوقت الاصلي (ايطاليا على فرنسا بركلات الترجيح عام 2006، واسبانيا على حساب هولندا بعد التمديد).
واستهل الالمان الشوط الاضافي الاول بفرصة خطيرة جدا لشورله بتسديدة من داخل المنطقة لكن روميرو تألق في الدفاع عن مرماه (91).
وردت الارجنتين بانفرادة لبالاسيو لكن مهاجم انتر ميلان الايطالي حاول ان يلعب الكرة فوق نوير فاخفق في محاولته ومرت الكرة بجانب القائم الايمن (97)، ثم غابت الفرص تماما عن المباراة حتى الدقيقة 113 عندما توغل شورله في الجهة اليسرى قبل ان يلعب كرة عرضية للبديل غوتسه الذي وجد نفسه وحيدا بمواجهة روميرو فيسطر عليها بصدره قبل ان يسددها “طائرة” في الشباك الارجنتينية، موجها ضربة قاضية لامال ميسي باضافة كأس العالم الى سجله الاسطوري على صعيد الاندية فتأجل حلمه بالتتويج على اكبر مسرح كروي الى 2018 في روسيا.