عروبة الإخباري – ذكرت وسائل اعلام حكومية والشرطة أن الجيش العراقي طرد مسلحين سنة من مسقط رأس الرئيس الراحل صدام حسين في إطار حملة لاستعادة مساحات واسعة استولى عليها مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية في شمال وغرب العراق.
وكان تنظيم الدولة الاسلامية المنشق عن القاعدة أعلن اقامة خلافة اسلامية لا تعترف بالحدود بين العراق وسوريا وهدد بالزحف على العاصمة بغداد للاطاحة بالحكومة المركزية التي يقودها الشيعة.
وقالت وسائل اعلام محلية والشرطة وسكان محليون إن القوات الحكومية التي تشن حملة مضادة إلى جانب متطوعين من الشيعة مدعومين بطائرات هليكوبتر استعادت قرية العوجة الليلة الماضية.
وأضافوا أن ثلاثة مسلحين قتلوا في معركة استمرت ساعة وان الجزء الأكبر من المسلحين فر جنوبا على طول الضفة الشرقية لنهر دجلة على الجانب الآخر من العوجة.
ونقل التلفزيون الرسمي عن قاسم عطا المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية قوله إنه تم “تطهير” العوجة تماما وقتل 30 مسلحا. ولم يتسن التحقق من أعداد القتلى من جهة مستقلة.
وذكر الجيش إنه يسيطر حاليا على 50 كيلومترا من الطريق الرئيسي الذي يتجه شمالا من مدينة سامراء – على بعد 100 كيلومتر شمالي بغداد – إلى العوجة.
لكن المجتمعات المحلية وغالبيتها من السنة التي تعيش على طول هذا الممر لا تزال تضمر العداء للقوات الحكومية التي تتعرض قوافلها لهجمات المسلحين المتشددين بينما لا تزال مدينة تكريت الواقعة على بعد بضعة كيلومترات شمالي العوجة في قبضة المسلحين.
وسقطت تكريت في بداية الهجوم المباغت الشهر الماضي الذي مكن المتشددين الجهاديين الذين تقودهم الدولة الاسلامية -التي كانت تعرف في السابق باسم الدولة الاسلامية في العراق والشام – من السيطرة على معظم المناطق ذات الأغلبية السنية الواقعة إلى الشمال من بغداد.
وخلال حكمه الذي امتد عقود حتى اسقطه الغزو الأمريكي عام 2003 أحاط صدام حسين نفسه بأقارب من العوجة وتكريت ليشكل بطانة من عشيرته البو ناصر السنية العربية.
ومن بين المقاتلين الذي طردوا من العوجة أفراد من جيش النقشبندي الذي يتشكل من ضباط سابقين في الجيش وأنصار حزب البعث العراقي الذي يعود لعهد صدام.
وبالرغم من ان الاسلاميين والبعثيين وحدوا صفوفهم لمحاربة عدو مشترك يتمثل في حكومة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي تظهر التصدعات في تكتلهم الفضفاض إذ لا يتبنى الأعضاء القدامي في حزب البعث وجهات النظر الجهادية.
ففي بلدة الحويجة قرب مدينة تكريت الشمالية قتل 15 شخصا عندما اندلع قتال قبل أسبوعين بين الدولة الاسلامية وأعضاء في جيش النقشبندي.
ويعتقد كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين الذين أرسلوا مستشارين إلى العراق لتقييم حالة الجيش إنه باستطاعة الجيش الدفاع عن بغداد لكنه لن يستطيع على الأرجح استعادة الأراضي نظرا لصعوبات لوجيستية في الأساس.
وقال رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي للصحفيين في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) “إذا سألتموني هل سيتمكن العراقيون في وقت ما من التحول للهجوم لاستعادة الجزء الذي فقدوه في العراق… على الأرجح لن يستطيعوا ذلك بأنفسهم”.
وأضاف ديمبسي “المستقبل قاتم جدا” بالنسبة للعراقيين ما لم يتمكنوا من رأب الخلافات الطائفية داخل الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة. وأضاف أن غياب حكومة تضم كل الأطياف تتيح لكل الجماعات المشاركة في شؤون الحكم يساعد في فهم غياب أي معارضة تقريبا للهجوم الذي شنه تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام الشهر الماضي.
وطلب رئيس اقليم كردستان العراق من برلمان المنطقة أمس الخميس الاعداد لاجراء استفتاء على الاستقلال الكردي في اشارة الى نفاد صبره تجاه حكومة المالكي المحاطة بالمشكلات.
وجاءت دعوة مسعود البرزاني بعد أيام من انسحاب الأكراد والسنة من الجلسة الأولى للبرلمان العراقي الجديد في بغداد شاكين من أن الأغلبية الشيعية فشلت في تسمية رئيس للوزراء خلفا للمالكي.
ويدير حوالي خمسة ملايين كردي عراقي أمور حكمهم في سلام نسبي منذ التسعينات ووسعوا منطقتهم بما يصل الى 40 في المئة من مساحتها في الاسابيع القليلة الماضية في حين يهدد الاقتتال الطائفي بتقسيم البلاد.
ويريد كثير من الأكراد منذ وقت طويل اعلان الاستقلال ويشعرون الآن بوجود فرصة ذهبية مع ضعف بغداد وسيطرة جماعات سنية مسلحة على مدن شمالية مثل الموصل وتكريت.
لكن المخاوف المتزايدة من التهديد الأوسع الذي قد يشكله تنظيم الدولة الاسلامية على الأمن الاقليمي والضغوط من الولايات المتحدة وايران والأمم المتحدة ورجال الدين الشيعة في العراق نفسه لم تجد نفعا في انهاء الانقسامات بين الكتل العرقية والطائفية الرئيسية في العراق.