القطامين : وزير السياحة يعلق جرسها .. ويعيد ” موضعة ” الاستثمار فيها
الابعاد الانسانية والثقافية واشباع القيم الروحية مسائل مهمة
عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب – رغم أنه جاء الى وزارة السياحة وحمل حقيبتها دون معرفة سابقة بعمل هذه الوزارة الهامة ودورها في الدخل الوطني الاّ أنه ما لبث أن انطلق بها وترك عليها بصمات لا تنمحي في اطار التنظيم واعادة البناء لعملها وتعريف مكونات العمل واقسامه وايضا لجهة اعادة ترتيب الموارد والانفاق وتوجيه موازنتها لما ينفع ويمكث في الارض ويعطي ثماراً ..
لقد اوقف الوزير القطامين النزف المالي على مشاريع وابواب لم يعد النظر فيها وتركت تكرر نفسها واجرى تفتيشا دقيقا على كل دينار ينفق وما اذا كان ينفق في الباب المناسب ام ينفق بداعي الروتين وتكرار العادة ..
كانت المخصصات المرصودة لتنشيط السياحة على قلتها لا تصب في مفاصل الترويج الاساسية وبالتالي لا تحصد العوائد المنذورة وكان لابد من اعادة موضعة هذه المخصصات وزراعتها في تربة مخصبة وقد فعل الوزير ذلك وآتت ثمارا ملموسة ومازالت حقول الترويج السياحي وتنشيطه تزرع بالمزيد من المشاريع ويجري قراءة كل ساحة وسوق وبلد على حده وبدرجات من التسويق تتناسب وتغيير الاسواق السياحية والعلاقات وامكانية وصول السياح ومجموعاتهم والتسهيلات المترتبة على ذلك وحتى جدوى كل مشروع ..
كنت استمع للوزير الذي كان ياتي الى هذه الوزارة لاول مرة ليحمل هذه الحقيبة ووجدته خبيرا في مجاله لديه من المعرفة ما يكفي وقد ادركت ان الوزير منصب سياسي قبل ان يكون فنيا واداريا فالذين لديهم الخبرة والفنية من قبل كانوا يفتقرون الى التصور والى القدرة على طرح وجهات نظر متكاملة شمولية والى اتخاذ قرار صائب وسريع ومدروس ..
ادرك الوزير نضال القطامين اهمية الحوار مع القطاع السياحي والاستماع الى مواقع الخلل والى امكانية مواصلة دعم هذا القطاع العريض والواسع وترك هامشاً واسعا للعاملين في القطاع ان يعبروا عن مشاكلهم وان يطرحوا تصوراتهم التي بنى منها وعليها الوزير الكثير من المنطلقات ليقطع دابر التصورات المسبقة والمسقطة والجاهزة لانه لايريد ان يمارس دور ” ابو العرّيف ” ولعل لقاء الوزير في اربد مع المعنيين بالقطاع نموذجا لما يجب ان يتكرر فالزيارة ارتبطت باتخاذ قرارات عملية في استكمال متطلبات السياحة في المنطقة الشمالية من خلال تقديم مشاريع لاستكمال البنية التحتية .. وبالتالي ترويج المنطقة التي لم تاخذ مكانها الحقيقي على خريطة السياحة الاردنية ..
كان الوزير من قبل حين زرته واطلع على بعض كتبي عن المدن الاردنية وقد شجع استمرار الكتابة عن المكان قد تحدث عن اهمية المكونات الاردنية في مجال السياحة الدينية فالاردن في هذا المجال لايباريه بلد آخر حيث المساجد القديمة والكنائس والمواقع القديمة لاديان ما قبل الديانات السماوية وحضارة تلك الفترة اذ يستطيع الاردن ان يشبع الرغبات الروحية لقاصدي الاماكن المقدسة حيث تشكل جغرافية الاردن جزءاً اساساً من الاراضي المقدسة ..
فالقيم الروحية الاصيلة وهي تجد معابدها واماكنها المكتشفة وغير المكتشفة او التي هي في طور الاكتشاف كما في موقع ام الرصاص ( فاتيكان الشرق ) واماكن عديدة اخرى على طول ارض المملكة وعرضها .. سوف تشكل جذبا هاما لهذا النوع من السياحة حيث مازال الاردن يتطلع لجذب الملايين خاصة لمنطقة المغطس وجبل نبو وغيرها من اماكن دينية وتاريخية هامة ..
ولعل الحوارات التي جرت والزيارات التي قامت والاتصالات ولقاء الوزير من الاباء الروحيين وممثلي الكنائس العالمية ممن زاروا الاردن لعل ذلك يصب الان في بلورة صورة السياحة المستقبلية لاحد اهم المواقع السياحية الدينية والتاريخية في البحر الميت وهو المغطس
لقد كانت لشهادات البطاركة والاساقفة وقادة الوفود السياحية وشهاداتهم اثراً كبيراً في المزيد من الجذب . وفي هذا السياق وفي أعقاب زيارة بطريك روسيا ماركو فلكوف الذي توج زيارة كانت سابقة للرئيس الروسي فلادمير بوتين ،كان تصريح الوزير القطامين وتوجيهاته العملية بوضع استراتيجية للعلاقات العامة والمبيعات وتطوير مجموعة من المواد الدعائية وتنويع اشكالها وتحديثها وتحديد لغة الخطاب ومضمون الرسائل وفاعليتها.. كل هذا أخذ يصب في المكان الحقيقي لتنشيط السياحة ووفرة محصولها..
واذا كان المكتوب يقرأ من عنوانه ورغبتنا في أن نأخذ فالنا مما فعله الوزير فإن ذلك معكوس في حجم الاشغال في الفنادق والذي سجل ارقاما قياسية لم تصلها سنوات الطفرة وهذا لم يكن لو لم يعد النظر في التسويق وربطه بجدوى الانفاق عليه.. فارتفاع أشغال الغرف زاد بنسبة 20% ليتجاوز في محصلته 70% وانعكس ذلك بصورة جلية على منطقة العقبة والبتراء حيث كانت هذه الفنادق والمرافق السياحية تعاني بشكل مزمن تراجع التسويق والاشغال واتخاذ مناطقها مقاصد سياحية ناجحة وفيها تضاعف الأشغال لاختلاف اسلوب الترويج في الساحات الغربية الأجنبية..
القطامين الذي لا يقدم نفسه عبقريا سياحيا او منظرا او ما بلغ ابن بطوطة من معرفة المكان ولا ياقوت الحموي في التوصيف والتفصيل استطاع ان يفعل أكثر مما فعله الأوائل مما تجسدت فيهم صفة السياحة او اشير اليهم بالبنان في ميادينها.
واعتقد أنه حان الوقت لاعراب جملة السياحة كما يحاول الوزير تقديمها فهي أهم الوزارات على الاطلاق وأقترح أن تصبح وزارة سيادية لفضلها على الاقتصاد بما يفوق فضل الوزارات السيادية التي تستهلك أكثر مما تعطي ،ومن هنا فإن أي استثمارات أوسع في السياحة برصد المزيد من الاموال لتغطية مشاريعها الترويجية هو استثمار افضل وانفع وأكثر جدوى وأصحاب التصورات الموضوعية والواسعة والوطنية هم من يدركون ذلك ويؤكدون ضرورة ذلك.
فالسياحة هي بترول الاردن كما قال سلطان ماليزيا “غزلان” الذي زار الاردن قبل أكثر من عقد من الزمن متسائلا وهو يزور البتراء :انتم لستم بحاجة الى النفط هذا هو بترول الاردن. ويظل كيف ننقب عن هذا البترول وكيف نبيعه وكيف نوسع فرص العمل فيه فالسياحة هي عنوان قطاع الخدمات وهي التي تأخذ النصيب الاخر من تشغيل الاردنيين بصورة مباشرة بألاف الوظائف وبصورة غير مباشرة بما يساوي العدد ويزيد..
ولعل فتح باب التعاون السياحي مع فلسطين هو عنوان جديد يشجع عليه نشاط الوزير بين البلدين وقدرتها على التعاون لما في ذلك من رسائل سياحية اقتصادية وسياسية،فالاردن هو بوابة فلسطين السياحية كما أكد الوزير القطامين ولا بد أن تمكن هذه البوابة السياح من التدفق الى فلسطين لزيارة الاماكن المقدسة في القدس وغيرها..وقد كنت استمعت الى الوزيرة رولا معايعة وزير السياحة الفلسطينية عن انطباعها حول دور وزارة السياحة الاردنية وما اسست له من توجهات جديدة في دعم السياحة مع فلسطين الشقيقة..
الوزير منفتح على كل الافكار وقد كان لحديثي الواسع والمتنوع معه حول البيئة السياحية وكيفية خدمتها تعليميا اوثقافيا ما جعلني ادرك ان السياحة قادرة أكثر من اي وقت مضى ان تلعب دورا اوسع وأكبر في دعم الاقتصاد الوطني..
صحيح ان الوزارة لا تصنع سياحة ولكنها توفر المناخات المناسبة ولعل تركيز الوزير المثقف على الابعاد الثقافية والانسانية في السياحة تحمل مدلولا جديدا لم يجر الاستثمار فيه كما يجب وقد حان الوقت الان ..
وهذا ما اكده الوزير بقوله ” ان السياحة ومالها من مدلول ثقافي وانساني تشكل ظاهرة تتطلب منا مواكبتها والخروج بافكار متطورة تسهم في ابراز مخزوننا السياحي والاثري المتنوع والمتفرد” ..
ولنا عودة على دور الوزارة في هذا المجال