عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب – استوقفني قبل أيام وأنا أقرأ تصريحات الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد بن علي كومان “عن تقديره العالي للدور الذي تقوم به مديرية الأمن العام في مكافحة الجريمة والحد منها داعياً الى مزيد من التعاون والاستفادة من الخبرة الاردنية في هذا المجال وفي مجال التدريب المتميز، ودعا كافة الاشقاء العرب الى قراءة هذه التجربة والاطلاع عليها والتعاون معها “
حين قرأت ذلك احسست بالاعتزاز وادركت ان جهاز الأمن العام يحتفظ بخبرات متراكمة لم تقم بين يوم وليلة وان هذه الخبرات يجري الاستفادة منها في التطور وادخال اساليب جديدة في مكافحة الجريمة وهو ما كنت استمعت اليه من الفريق أول الركن توفيق الطوالبة حين تحدث لي عن ذلك ..
لا شك ان منسوب الجريمة في كل بلدان العالم حتى المتقدم تزداد نتيجة التطور الاجتماعي والصناعي وتعقيدات الحياة المعاصرة وازدياد تحدياتها .. ومع ما يواجه الاردن من تحديات تتسع نتيجة الاضطراب في الاقليم والذي وصل الى اوضاع سيئة جداً كما في سوريا والعراق مع ما يرافق ذلك من عدم قدرة حكوماتنا المتعاقبة على حل بعض المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والتي تصنع التوتر وترفع كلفة الأمن وتدفع باتجاه توسيع رقعة الجريمة وتنوعها..
لقد عملت مديرية الامن العام ومنذ اصدرت استراتيجيتها الجديدة الممتدة حتى عام 2016 على تطبيق مراحل هذه الاستراتيجية والوفاء بمراحلها وقد واجهت احيانا سوء فهم من خلال اطراف مزايدة او مناقصة وحتى في مواقع المسؤولية ولكنها تمضي الان في انفاذ هذه الاستراتيجية التي نجحت الى درجة عالية في سد الكثير من الثغرات رغم الحاجة المتزايدة للتمويل والادامة ..
ولولا الحاضنة الشعبية الواسعة المؤيدة لجهود مديرية الأمن العام في كل محافظات المملكة بدون استثناء لما استطاعت اجهزة الأمن العام ان تنجز اعمالها وان تحقق الكثير من اهدافها ..
منذ حوالي سنة اعاد مدير الأمن العام وبوعي موضعة الكثير من المرافق الأمنية وانضجت مديرية الأمن العام أساليب أحدث للتعامل مع القضايا والأزمات مستفيدة مما توصلت إليه المعالجات الأمنية لقضايا عديدة على المستوى الدولي ومن هذا المنطلق عظّم مدير الامن العام دور المراكز الامنية واعتبرها المدماك الصلب والبوابة الاولى والاساسية لحمل مشاكل المواطنين والاستماع اليها من خلال الشكوى وايجاد الحلول لها وقد كانت آخر الحلقات في هذا المجال وفي الميدان افتتاح مراكز نموذجية في اليادودة وجبل التاج والرصيفة مع تنشيط كافة المراكز الامنية وتجديد طاقاتها ..
وعلى المستوى الوطني ظل جهاز الامن العام وبتوجيهات من مديره العام حريصاً على التواصل الاجتماعي مع كافة الفئات الشعبية والمهنية والثقافية والحزبية وحتى العمالية والنقابية ..
ففي آخر لقاء بين مدير الامن العام ومجلس نقابة الصحفيين وضع مدير الامن العام اعضاء المجلس في صورة الانجاز والتحديات وشدد على ان الرهان ايضا هو على المواطن الذي يستمد الشرطي منه طاقة خلاقة حين تكون كل الاطراف شريكة في حماية الوطن وامنه ..
ومع الدعم المعنوي والمباشر الذي يقدمه جلالة القائد الاعلى لجهاز الامن العام فان المزيد من النتائج يجري تحقيقها ولذا كان لابد دائما من النظر الى معظم الكاس المليئة بدل النظر الى اي نقص يمكن ان تؤدي اليه التحديات المتتالية والمتزايدة نتاج الظروف الموضوعية الطارئة القائمة من الهجرات القسرية وتدفق اللاجئين والحمولة الزائدة التي تتحملها الاردن .
ان ضعف منسوب الحالة القيمية في المجتمع نتاج التبدلات السريعة التي يعيشها مجتمعنا ونتاج خلخلة منظومة القيم تضعف التعليم كمحصن للمجتمع يستجلب مهمات اوسع على جهاز الامن العام (الذي لا يجوز ان يظل في الميدان وحده او يتراجع مستوى خدمته) وهذه من مهمات مجلس النواب ايضا وكذلك المجتمع المدني بكل مكوناته وتنظيماته وقواه الحية.
امام لغة الارقام وليس الانطباع فان مديرية الامن العام انجزت الكثير، وما زالت واستطاعت ان ترد على كثير من التحديات وان تجابهها وان ترتقي باساليب جديدة في مكافحة الجريمة سواء في مجال سرقة السيارات التي تراجعت بعد هُدم الكثير من دوافعها واغطيتها وانفاذ القانون الذي كان يجري تعطيله او عدم تنفيذه باساليب مختلفة. وكذلك مكافحة المخدرات التي يحتاج انتشارها السريع والواسع الي اساليب جديدة ذات طابع هجومي وليس وقائي فقط وان تخصص الموازنات الاضافية لوسائل المكافحة الوقائية والمسبقة
مديرية الامن العام الان اكثر انفتاحا على المجتمع واسنادا لمتطلباته الامنية رغم محاولات النقد والضجيج المفتعلة بعض الاحيان وبدل ان نضيء شمعتة ونسند قراراً وموقفاً ايجابيا وتوجها وطنيا جديدا حازما في حماية امننا ومنع الخروج على القانون يجلس هناك من ينظّر ومن يحاول ان ينال من هذا الجهد الكبير الطيب.
واذا كانت الفترة الماضية قبل حوالي سنة قد استهلكت الكثير من جهود جهاز الامن العام في الحراكات والمخالفات والتظاهرات قبل ان يعيد الجهاز موضعة نفسه ويجدد خططه ويعيد بناء مؤسسيته. فان المرحلة الحالية والتي تتعاظم فيها تحديات من اشكال اخرى مختلفة تستدعي ان يكون القانون حكما والخطط الاستراتيجية وسائل للوصول الى الاهداف تفرض ان تتوقف سياسات الطبطبة ورشوة بعض الفئات على حساب القانون وهوالنهج الذي ساد قبل بضع سنوات ليضعف جهاز الامن العام والدولة بكل اجهزتها ووسائلها التقليدية .. جهاز الامن العام الان في افضل مراحله وهو ظهير ممتاز لقواتنا المسلحة والاجهزة الامنية الاخرى، نراهن عليه ونتطلع الى ان تبقى اسوارنا محمية من الخارج وان لا يسمح لاي أحصنة غريبة ان تعبر حرماتنا الوطنية فقد عاهد هذا الجهاز قائده على ان لا يكون لطروادة في قلعتنا اي احصنة مهما تعكرت الحدود ويبقى الرهان على الجبهة الداخلية فالوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية هما رافعتا الامن الحقيقيتين..