عروبة الاخباري – خاص – سلطان الحطاب – ( العبدلي .. أخيراً .. إجا الصبي .. صلوا عالنبي !!) رغم تأخر الولادة عليه .. جاء وسيماً ، فقد كان أفرح الكثيرين وأغضب القليلين ولكنهم أمس من كانوا معه ومن كانوا اعترضوا عليه حضروا تحت خيمة الانجاز حين دشن الملك المشروع . فقد انبهر به المعترضون على فكرته قبل المؤيدين لاقامته ..
كانت ابتسامة الملك عريضة ومريحة وقد رأيتها من المرات القليلة التي كانت على هذا الاتساع ، فقد راهن على هذا المشروع ومشاريع أخرى معدودة على الاصابع أبرزها مشروع العقبة ( المنطقة الاقتصادية الخاصة ) ..كانت الاطلالة الملكية ( صاحبا الجلالة ) قد أعطيا افتتاح العبدلي رمزية عامة مشتركة وأطلقا الصافرة لبداية صيف جميل ينعم العمانيون فيه بهذا الانجاز الكبير الذي يضعهم مجدداً على خريطة المدن الفارهة والتي توفر لقاطينيها أشكالاً اضافية من المتعة بوليفارد العبدلي ..هو سوليدير الأردن وقد يزيد على نظيره السولدير بأن أيامه ستكون الأجمل واندفاعته هذا الصيف ستكون عامرة بالسياحة ..
البعض حاول احباط المشروع منذ اليوم الأول وقبل وضع حجر الأساس سواء بالتشكيك بثمن الأراضي التي كانت في الأصل للقوات المسلحة أو بالطريقة التي أقيم فيها المشروع وتداولت عليه الشراكات منها من انسحب ومنها من استقر أو شارك أو باع أو استفاد . ولكن كل ذلك الشغب لم يؤثر على روح الفكرة واندفاعها والقدرة على تحقيقها رغم الظروف الاقتصادية العالمية والمحلية التي مرت منذ بداية المشروع وحتى اليوم ..
حين بدأ مشروع العبدلي تحمست للفكرة والتنفيذ وتخيلت كيف سيكون العبدلي بعد أن استمعنا الى تخطيط عن المشروع يوم وضع حجر الأساس . وقد كتبت عن ذلك أكثر من مرة في عمودي اليومي بجريدة الرأي . وحاججت الكثيرين ممن لم يرون ما رأيت .. ولم يحبطني التعثر الذي أصاب البرجين جوار فندق كراون بلازا عمره بعد أن أشرف بناؤها على الانتهاء
لم تكن العبدلي حيث أقيم المشروع الجميل الذي افتتح أمس سوى مساحات مشوهة من أكشاك وغرف صغيرة متناثرة أشغلتها مديرية الأمن العام لمكاتب الاقامة وشؤون الأجانب وبعضها للشرطة العسكرية وفي الطرف مكاتب للقيادة العامة . ومواقف عشوائية للسيارات وكلية للتدريس وبعض المحلات التجارية .. لم تكن المنطقة حيّة ولا منظمة ولا منافسة حتى جاء ” العبدلي ” المشروع الجديد ليعطي الاسم العام دلالته ومعناه ..
لم تكن الولادة عسيرة ولكن ما أعقبها من أيام وظروف كانت صعبة وأذكر أنني استمعت وأنا أعبر الى فندق الفورسيزنس الى اللوبي الشيخ بهاء الدين الحريري صاحب الملكية الأولى والأكبر في مشروع العبدلي وهو يجالس مجموعة كانوا حوله قوله : ” اذا استمرينا على هذا الشكل من العمل فان المشروع لن يقوم ولن يرى النور هذا ليس عملاً ” كان يناقش .. كان غاضباً ومتضايقاً تظاهرت أنني لم ارى ولم أسمع وعبرت الى آخر اللوبي وأخذت مقعداً وبدأت اقلب دفاتر قديمة وضعها أحد مالكي الفندق السيد محمود ملحس على الرف وهي حسابات لدكان والده في بداية الأربعينيات من القرن الماضي كنت أدمن على قرائتها لأنها تكشف عن الأسعار آنذاك وعن أسماء المشترين وأصحاب الدكاكين في عمان وخارجها بقيت لأكثر من نصف ساعة حتى هدأ الحريري ووصلت القهوة للجالسين فقمت وسلمت عليه وهي ليست المرة الأولى فقد كنت التقيته في الافتتاح وفي توقيع اتفاقية للمشروع مع دولة عبد الكريم الكباريتي عشية وقوع انفجارات فنادق في عمان ..
كان بهاء الدين الحريري حريصاً على سرعة الانجاز وأن يخرج العبدلي الى النور لأكثر من سبب بعضها استثماري اقتصادي معلن وبعضها غير معلن أبقاه في نفسه وأراد من خلال المشروع العبدلي آنذاك أن يقول شيئاً مختلف عن كل ما قاله في مشاريعه الأخرى . ولذا كان التصاقه بمشروع العبدلي كثيراً ورهانه عليه متجدداً وحين تراجع الصرف والدفع والانفاق وتعثرت الكثير من المشروعات لم يغلق يده ولم يتوقف بل تدبر الأمر لتسير الأمور بشكل كان وراء الولادة التي رأيناها أمس ..
كان بهاء الدين الحريري يصر على أن لا تغادر شركة سعودي أوجيه الشركة المنفذة الى أي عمل قبل أن تستكمل مشروع العبدلي وفي هذا السياق تحمل خصومات حتى من أقرب الناس اليه وأحبهم الى نفسه لأنه كان يؤمن أن الالتزام الذي قطعه للملك يوم الموافقة على المشروع يجب أن يظل قائما ويجب أن يظل وفياً له . وأن على سعودي أوجيه الشركة النشيطة المعروفة أن تواصل العمل وأن لا تشتت جهدها حتى تنتهي وقد كان له ذلك فقد كنا نرى الكرينات دائبة الحركة ليلاً ونهاراً حتى في أشد الفترات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية صعوبة وقد تبدل على المشروع الكثير من المنفذين الذين كان بطء عملهم سبباً في الاستغناء عنهم حين لم تكن التقارير الصادرة عن المشروع تعجبه .
ثمة شخصية لعبت دوراً في الانجاز وقد ارتبط اسمها بالانجازات الكبيرة في سرايا العقبة وفي العبدلي انه علي قولا غاصي نائب رئيس مجلس ادارة سعودي أوجيه التي أنجزت العبدلي والتي عملت في سرايا العقبة . وعلي قولا غاصي ظل دائماً يحافظ على شعلة المشروع أن لا تطفىء بكل الوسائل وحتى يفضل الركض الموضعي ان لم تكن هناك مساحة الركض على أن لا يتوقف الراكض مهما كانت الاسباب وهذه فلسفة من اللياقة لا يملكها الا رجال الادارة النابهون ..
كان يحدثني دائما ً على قدرة شركة سعودي أوجيه على العمل وكان ينحاز الى مشروع سرايا العقبة ويرى أنه قلب العقبة النابض .. كما أسمي العبدلي الان بانه قلب عمان النابض .
11/6/2014 كان يوماً جميلاً مميزاً وقريباً من عطلة نهاية الأسبوع الذي سيقرر فيها كثير من الاردنيين التجوال في بوليفارد العبدلي ليمشوا هناك ويصحبوا أطفالهم وسوف يبدأ من عاصر منطقة العبدلي من قبل يشرح للصغار ولمن لم يعاصروا الفرق الهائل الذي حدث .
هذه هي البداية والمشروع الذي دشن أمس سيتواصل ليبلغ كلفته في كل المراحل والتي تتجاوز (5) مليار دولار لمشروع انمائي متعدد الاغراض هو الأكبر في عمان حيث يوفر مع اكتماله مئات الاف فرص العمل ( يقدرها من كتبوا عن المشروع بـ 200 ألف فرصة ) وهذا المشروع يمتد على مساحة 384 الف متر مربع وبمساحة أبنية 1.8 مليون متر مربع تشمل مكاتب وفنادق وشقق مخدومة ومحلات تجارية ومرافق ترفيهية مع بنية تحتية متطورة من الاتصالات يوفر حلولاً للطاقة المركزية وأنظمة مركزية للغاز لضمان بيئة صحية مناسبة ويساعد على التوفير في الطاقة .
الاسئلة تزاحمت على المدير التنفيذي الذي شرح للملك والملكة وولي العهد والضيف الكويتي ممثل بعض المالكين ..
على الشيخ بهاء الدين الحريري مالك شركة هورايزن ، كان سؤالا الملكة وسؤال ولي العهد قد استجلبا اجابة واضحة من الحريري عن الصيغة التي سيعمل بها المشروع وعن قدرته على التواصل لاستكمال مراحله ..
حدادين .. منذر حدادين المخضرم الذي عبر أكثر من مشروع وراكم خبرات عديدة ابرزها في المياه حدد المالكين للمشروع الذي يمثل نموذجاً ممتازاً للشراكة بين القطاع العام والخاص فالموارد الوطنية من جهة التمثيل الحكومي مع شركة هورايزن ( الحريري ) وشركة العقارات المتحدة الكويتية التي جاء لتمثيلها الكويتي “محمد السقاف ” ..
علي قولا غاصي الأكثر ابتهاجاً بالانجاز نائب رئيس مجلس الادارة في سعودي اوجيه قال: انه بالرغم من التصميم المعقد والطبيعة الجغرافية للمكان والظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها المنطقة نجحت شركة سعودي اوجيه بتخطي كافة الصعاب وانجزت المشروع على أكمل وجه وبأفضل المواصفات المطلوبة حيث يعد من اضخم المشاريع التي انشئت في العاصمة عمان واضاف قولا غاصي ان شركة سعودي اوجيه تقدم شكرها لشركة العبدلي على الثقة في تكليفها بتنفيذ وانشاء مشروع البوليفارد وتعاونها الكبير في مواكبة سير العمل للوصول الى الاهداف المنشودة في هذا المشروع ..
الملك عبدالله الثاني يستمع لنائب رئيس مجلس إدارة سعودي اوجيه علي قولاعاصي