سواء كنت هنا أو هناك.. لا يمكن أن تتجاهل كون زيارة الرئيس لضحية التحرش وتقديم الاعتذار لها، هو اعتراف من الدولة بالمشكلة، وتعهد بنفاذ القانون بحسم، تقديم اعتذار الرئيس يعنى اعتذار الدولة بكل أجهزتها، وتعهده بعدم التكرار يؤكد مواجهة هذه الجريمة. وكان مشهد تقديم الاعتذار لكل نساء مصر، وهو ما يتجاوز الاعتذار إلى تحرك كامل من الدولة، ومن الشرطة والقضاء والحكومة، وهو أمر مخاطبة الرئيس للجنود والضباط، والمجتمع بالا يسمحوا لهذا أن يتكرر.
وقد سبق وأعلن الرئيس أنه سيعمل بشكل متواز، وجريمة التحرش الجماعى والفردى، ليست منفصلة عن جرائم قطع الطرق والبلطجة والترويع، وغالبا من يرتكب التحرش بلطجى، وفى القلب من كل هذه الجرائم المخدرات، التى اتسعت فى السنوات الأخيرة بشكل جاوز كل الحدود، تجارة المخدرات والأسلحة، أصبحت تدور علنا، وتحتاج لمواجهة مع رؤوس العصابات.
البلطجة الجماعية وفرض السلطة، ظاهرة لاتنفصل عن التحرش، ومعها انتزاع مساحات من الشوارع والأرصفة بالقوة، وكلها لا علاقة لها بأن هؤلاء يبحثون عن رزقهم. فمن حقهم أن يأكلوا عيش، ودور الدولة أن تبحث لهم عن فرص وأماكن، لكن لا يعنى هذا أن يحتلوا الشوارع ويهددوا المواطنين.
ولا يمكن أن يستقيم الأمر من دون أن يكون القانون هو السيد، ولا يفترض أن يكون القانون أداة للانتقام، ولهذا يفترض أن يتوقف بعض الذين يطالبون بالإعدام أو القتل للمتهمين بالتحرش، أن ينتظروا التحقيقات، حتى لا يضار برىء، وهذه مهمة القضاء، لكن دور الدولة أن تكون موجودة فى الشارع وبالقرب من المواطنين، وأن تستمر الجهود ليس بشكل موسمى، لكن بخطط متواصلة، وأن تجد كل ضحية للتحرش أو الترويع أو البلطجة، استعدادا من الشرطة للتحرك والاستجابة والإغاثة، قبل وليس بعد وقوع الجريمة.
يتضمن إنهاء دولة المخدرات والبلطجة، أن تمتد الجهود إلى ما خلف الشوارع الرئيسية، فالأطراف فى الأحياء والمحافظات بعيدة حتى الآن عن أيدى الأمن. والقانون يجب أن يصل إلى كل مكان، مع العلم أن المناطق المهملة من الأمن والخدمات، تتحول إلى مفارخ للجريمة والخارجين على القانون. والمخدرات.
الاستمرارية والحسم هما الطريق لفرض الأمن بشكل واضح، وحتى يمكن للمواطن أن يشعر بأنه آمن من الخطر المحتمل، والتحرش والترويع والبلطجة. ولعل هذه هى الرسالة التى تقدمها زيارة الرئيس لضحية التحرش. وباقى ضحايا التهديد والسلاح، وهى بداية تحتاج للمزيد من الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية التى تمثل الجناح الأهم للقانون. ولهذا فإن اعتذار الرئيس للضحية، هو أكبر من مجرد اعتذار.