شو يعني ! ليس مهما أن يقوم النائب بمداخلة تحت القبة، بخاصة حين يكون ملتزما بكتلة نيابية ما، لها رأيها الخاص المنسجم حول كل القضايا التي تطرح في اجتماعات المجلس تحت القبة أو بجوارها، ولا يمكن أن يكون هذا مقياسا على سلامة وقوة أداء النائب، وسبق أن حضرت جلسات لنواب المجلس الحالي، وكنت برفقة نقيب الصحفيين في إحدى هذه الجلسات، وكنت أضحك بسبب بعض المداخلات النيابية، حيث يقوم نواب برفع أيديهم لتقديم مداخلة وأحيانا يؤشر بأن لديه نقطة نظام، لنكتشف أخيرا بأن غرضه من كل ما قام به هو التشويش فقط على رأي قدمه زميل له او زميلة، واقتناص دقائق من وقت الجلسة..وأحيانا يتقدمون بمداخلات لا تتجاوز قول «نكتة».. فهل هذه هي المداخلات التي يتقصاها مركز «راصد»، ويخرج على الإعلام الأردني بأخبار تهدف الى الإثارة لا غيرها؟.
سيخرج علينا «راصد» بأخبار كثيرة كهذه، بسبب تعديل النظام الداخلي الذي طال موضوع مناقشة القوانين المطروحة للنقاش، حيث أصبح النائب لا يمكنه مناقشة القانون تحت القبة، بل يمكنه مناقشةِ اللجنة القانونية أو غيرها، وهذا تعديل جدلي في مجالس نيابية معظم أعضاؤها مستقلون لا حزبيون، ويكمن الجدل في حقيقة تفيد بعدم اهتمام النائب أو قلة اطلاعه على شأن أو قانون ما، بسبب ضحالة ثقافته أو تواضع اهتمامه بالشأن العام، وبعض هؤلاء يحاولون الاستعراض او المناكفة تحت القبة حين يقدمون مداخلات، وأحيانا يأخذون من وقت الجلسة والمجلس لمناقشة شأن لغوي عجز عنه «سيبويه» نفسه، والوجه الآخر من الجدل حول هذا التعديل، متعلق بانشغال النائب، وعدم تمكنه من المرابطة في المكتب بانتظار اجتماع لجنة ما، ليطلع على القانون ويقدم وجهة نظره حوله، فالقاعات ضيقة، ولا تتسع الى أعداد قد تصل 100 نائب، حين يكون القانون المعروض للنقاش والدراسة قانونا محلا لاهتمام الرأي العام، ولا أنكر أنه ثمة في المجلس رجالا خبراء، لديهم وجهات نظر هامة، جديرة بالاهتمام والاستماع لها من خلال مناقشة قانون ما تحت القبة..
التقييم الموضوعي المتوازن لأداء مجلس النواب يفيد بأنه أداء ضعيف، لا يرضى عنه الناس لو كانت الظروف السياسية والاقتصادية مختلفة، لكننا نتفهم هذا النسق من الأداء لأنه يأتي في سياق عام مزعج، يصبح معه البحث عن أداء رشيق للمجلس ترفا، إذ لا نتوقع أداء مثاليا لمجلس تم انتخابه وفق قانون انتخاب مختلف فيه وعليه، ولا يمكننا أن نطالب نائبا ليس حزبيا أن تكون لديه قاعدة بيانات ووجهة نظر «برامجية» في كل شأن.
باختصار شديد؛ قانون الانتخاب وقانون الأحزاب المناسبان، هما المقدمة الموضوعية العلمية لمراقبة أداء وإنجاز سلطة تشريعية في بلد ديمقراطي..