جاءت زيارة امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الى ايران على خلفية مؤشرات ايجابية مستجدة بعد انتخاب حسن روحاني، يفترض انها ستفضي الى تغيير في سياسات التأزيم، وتوقف وتيرة التصادم المتزايد في الاقليم، الذي يأخذ بعداً مذهبياً مقلقاً نتيجة الاندفاعات الايرانية المتهورة وغير المحسوبة في المنطقة.
من المعروف ان امير الكويت صانع المصالحات وراعي الوئام وعميد المخمل الديبلوماسي منذ نصف قرن، وقد عرفناه جيداً في لبنان فحسب، وهو الآن الرئيس الدوري لمؤسستي القمة العربية وقمة دول مجلس التعاون الخليجي. وليس خافياً ان العلاقات الاشكالية والخلافات الخليجية والعربية المتصاعدة مع طهران، كانت في صلب المناقشات التي ادارها الشيخ صباح خلال انعقاد القمتين العربية والخليجية أخيراً في الكويت، وعلى هذا بدت تلبيته الدعوة لزيارة ايران، وكأنها رافعة او مهمة ملحّة لإعادة تصحيح العلاقات مع طهران بالنيابة عن دول المنطقة كلها!
هكذا هبط الشيخ صباح في طهران متأبطاً ملف العلاقة الكويتية مع ايران وهي جيدة اصلاً، اضافة الى ملف العلاقات التصادمية الاقليمية، مراهناً على مؤشرات انفتاحية وملامح عقلانية ايرانية مستجدة برزت في تصريحات المسؤولين الايرانيين أخيراً وقابلتها تصريحات سعودية بالمثل، وكان آخرها الترحيب بزيارة محمد جواد ظريف الى الرياض.
على خلفية كل هذا واضح تماماً ان امير الكويت لم يذهب الى طهران ليقول “ان علي خامنئي هو مرشد المنطقة كلها” على ما نسبت اليه وكالتا “فارس” و”مهر” الايرانيتين، وهو ما اضطر وكالة “كونا” الكويتية الى التصحيح بلياقة واضحة، عبر القول ان اللقاء مع خامنئي “ركّز على ضرورة تعزيز نهج الاعتدال والعقلانية وعكس روح الصداقة وعمق العلاقات المتميزة التي تربط الشعبين الصديقين والبلدين، والعمل على تعزيز مسيرة التعاون في كل المجالات”.
من منطلق التاريخ المضيء للشيخ صباح وسهره على ترتيب المصالحات وتسوية العلاقات، ومن موقعه الراهن رئيساً لمؤسستي القمة العربية والخليجية، قرر ان يزور طهران ليشجع على الانفتاح والحوار بين دول الاقليم، وليقول صراحة ان المرشد الوحيد لسياسات دول المنطقة، يجب ان يكون التعاون والتفاهم والوئام وحسن الجوار، وان سياسات التدخل ومحاولة الاستثمار عبر السعي الى اثارة الاضطراب عند الجيران ترتد سلباً على دول الاقليم كلها.
خامنئي اعلن بعد لقائه الشيخ صباح ان ايران مستعدة لفتح صفحة جديدة وأنها تسعى دائماً من اجل بناء علاقات سليمة مع جيرانها في الخليج وهي تتابع الآن السياسة عينها، ومن المؤكد ان هذه الصفحة تحتاج، لكي تنجح، الى ان تسترشد بالقواعد التي ارساها كتاب الديبلوماسية الدافئة والذكية الذي وضعه امير الكويت، وقد كان وزيراً للخارجية لنصف قرن، ويقوم دائماً بمهمة متعهد المصالحات وصانع التفاهم عربياً واقليمياً.