عروبة الإخباري – ثمة دلائل كثيرة تشير إلى أن ثمة سياسة سعودية جديدة راحت تتبلور بخصوص التعاطي مع الملف السوري الذي تتفاقم تعقيداته بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على حرب طاحنة بين النظام والمعارضة.
وفي سياق هذه الرؤية الجديدة، يأتي الاجتماع بين وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي ينطوي على أهمية بالغة، إن لجهة التوقيت، أو لجهة الأبعاد والمعاني السياسية، فالعلاقة بين الرياض وموسكو تضررت كثيرا على خلفية الموقف من الأزمة السورية، ويبدو أن ثمة تفاهما جديدا يلوح في الأفق.
ومنذ أسابيع عدة يجري الحديث عن انفتاح بين السعودية، زعيمة العالم السني، وبين ايران، زعيمة العالم الشيعي والداعم الرئيس لنظام الاسد، وصدرت تصريحات مطمئنة؛ متبادلة من الطرفين تعبر عن استعدادهما لفتح صفحة جديدة والتنسيق معا في التصدي لأزمات المنطقة.
وقد ترجم هذا الانفتاح عمليا عبر عدة زيارات كان آخرها زيارة أمير الكويت صباح الأحمد الصباح إلى طهران حيث التقى الرئيس حسن روحاني والمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي. وينظر إلى الكويت على أنها جسر محتمل بين إيران ودول الخليج العربي لفتح صفحة جديدة والتعاطي برؤية مختلفة مع جملة من القضايا.
ويرى مراقبون أن الاجتماع الروسي السعودي الذي سيحضره، كذلك، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيركز على الأزمة السورية وسبل حلها ووقف الحرب الدائرة هناك.
ويضيف المراقبون أن سعود الفيصل يحمل تفويضا خليجيا للبحث مع الرئيس الروسي عن مخرج سلمي آمن للأزمة السورية، وهو ما يعني أن الرياض قد توصلت إلى قناعة أن تجاهل حلفاء الأسد لا يسهم في إيجاد أرضية مشتركة للانطلاق نحو تسوية شاملة.
ويأتي هذا الاجتماع عقب يوم واحد من إعلان دول مجلس التعاون الخليجي تأييدها للحل السياسي في سوريا.
وجاء ذلك في البيان الختامي للاجتماع الوزاري لدول الخليج الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض، الإثنين، إذ أعربت دول الخليج عن تأييدها للحل السياسي للأزمة السورية وفقاً لاتفاق (جنيف 1)، الهادف إلى تشكيل هيئة انتقالية بسلطات واسعة تمكنها من الحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها ووحدة ترابها الوطني.
واللافت أن السعودية بدأت تخفف نبرتها إزاء تسليح المعارضة السورية، ففي حين كانت تطالب خلال السنوات الماضية بتسليح المعارضة المسلحة كي تتمكن من اسقاط الاسد، فانها بدت في الآونة الأخيرة متناغمة مع المواقف الداعية الى حل سياسي، فضلا عن أنها أبعدت الأمير بندر عن الملف السوري، والذي كان يعد من أبرز داعمي تسليح المعارضة السورية حتى المتطرفة منها.
الغرب: محاربة الإرهاب لا إسقاط الاسد
في السياق ذاته، كشف مصدر عسكري غربي رفيع المستوى عن انعقاد اجتماع شارك فيه مسؤولون أمنيون وعسكريون على مستوى القادة من عدة دول، منها الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية مخصص لبحث “الوضع الأمني والعسكري في سوريا”، ووصف الاجتماع بـ”المحوري والهام للغاية للمرحلة المقبلة” في البلاد.
وبعدما أشار المصدر إلى “سرية الاجتماع”، أكد أن “جملة قرارات استراتيجية حاسمة اتّخذت ووضعت خطط تنفيذها”، مرجحا أن “تبدأ اعتباراً من شهر حزيران/يونيو الجاري”.
وأشار المصدر إلى أن “هذا الاجتماع لم تشارك فيه المعارضة السياسية السورية ولم يتم اطلاع أي فريق من قيادات المعارضة السياسية أو هيئة الأركان عليه”.
وشدد المصدر على أن “الحرب على الإرهاب لن تتوقف” وأن الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وجبهة النصرة وعدد آخر من الفصائل المتطرفة “باتوا يشكلون تهديداً مباشراً للولايات المتحدة وأوربا وحلفائهم” وفق قوله، واعتبر “الاستراتيجية الأمريكية الجديدة صفعة قوية وقاسية للنظام السوري وحلفائه” قبيل ما وصفه بـ “أضحوكة الانتخابات”، كما توقع “أن يشهد ملف تسليم الأسلحة الكيماوية تسخيناً وتصعيداً سورياً ولبنانياً” على حد تعبيره.
تعاون في الغرف المغلقة
على ذات الصعيد، كشف مصدر ديبلوماسي أمريكي رفيع المستوى معني بملف الشرق الاوسط عن أن “الملف السوري لا يشكل نقطة خلاف بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بعد أن توضحت الخطوط الاستراتيجية لكل من البلدين تبعاً لمقتضيات الامن القومي لهما”، مشيراً إلى أن “محاربة الارهاب وتقديم المساعدة للمعارضة المعتدلة هي نقاط اتفق عليها بين واشنطن والرياض”.
واضاف الديبلوماسي أن “القاعدة هي التي شنت الحرب على أمريكا في عقر دارنا وقد اخذنا عهدا على انفسنا بمحاربتها وليس بدعمها حتى ولو لبست غطاء مختلفاً واختبأت تحت عباءة الجبهة الاسلامية، او حتى ولو كانت تحارب داعش على الخلافة في بلاد الشام”.
واوضح المصدر ان “السعودية ليست فقط موافقة على هذه السياسة بل أنها انضمت – بعد أن أحدثت تعديلاً داخلياً في المناصب الرفيعة – إلى محاربة الارهاب، واعلنت بالتناغم معنا ومع سياسة المجموعة الدولية الحرب على مواطنيها اذا لم يعودوا من سوريا والعراق، ولهذا فان هناك تعاوناً ديبلوماسياً، سياسياً وامنياً على أعلى المستويات بين امريكا والسعودية بعيداً عن الاضواء وبتناغم تام وباتفاق على سياسة متينة مشتركة”./ارم