في أقل من أسبوع؛ راحت بعض الصحف العربية في المهجر ويتبعها مواقع إعلام التواصل الاجتماعي- تؤجج نار الفتنة في الخليج العربي بين دول مجلس التعاون، وقد أحسنت القيادة السياسية في المملكة العربية السعودية عندما أصدرت بيانات تكذيب لتلك الأنباء التي تناولتها تلك الصحف، وكنا كتبنا سابقا مناشدة لأهل القلم والقائمين على الصحافة بكل أنواعها أن يعملوا جاهدين لتقريب وجهات النظر بين الأطراف العربية المختلفة في أي شأن من شؤون هذه الأمة وأن نكون عونا لقياداتنا لتهدئة الأجواء بدلا من تسميمها بسبق صحفي قد يكون كاذبا.
لا جدال أن هناك خلافات بين القيادات السياسية في دول مجلس التعاون حول قضايا عربية وخليجية، وعلى وسائل الإعلام على كل المستويات أن تتناول تلك الخلافات بموضوعية بهدف تقريب وجهات النظر وليس تأجيج تلك الخلافات، وتأليب الرأي العام العربي ضد نظام بعينه.
إن أمتنا العربية تعيش أسوأ أحوالها، حروب في معظم أقطار الوطن العربي وقلق في بعض الأقطار.
بعض الدول العربية مع الأسف الشديد تعمل جاهدة لتأجيج الصراع في الدول التي اجتاحها “الربيع العربي”، لتثبت لشعبها أن حالها أحسن من حال تلك الأقطار والبعض الآخر ينتظر إلى أين تتجه الأمور.. في مصر العزيزة اضطرابات سياسية غاية في الخطورة والناس يساقون بالترغيب والترهيب إلى صناديق الانتخابات للتصويت لصالح شخص بعينه ولا غيره، ليكون رئيسا لمصر العزيزة. مصر رغم أنها مثقلة بالديون، أكثر من 2 تريليون جنيه، إلا أنها صرفت على هذه الانتخابات في خلال فترة قصيرة من الزمن أكثر من 20 مليار جنيه، ويقينا الشعب المصري في حاجة لتلك الأموال طالما أن الشخص المنتخب أمر مسلم به ولا يحتاج شعب مصر أن يقف في طوابير للإدلاء بصوته فقط من أجل أن تقول أجهزة الحكم إنها دولة ديمقراطية وأن الرئيس انتخب ولم يعين.
كنت أتمنى لو أن المشير السيسي تولى قيادة مصر لفترة انتقالية مدتها سنتان ومن بعدها يسلم القيادة لإدارة مدنية كما فعل سوار الذهب في السودان بدلا من الإنفاق على الدعاية والإعلان من أجل انتخابه..
(2)
اليمن تعيش حالة حرب ضروس وتدخلات أجنبية عسكرية ومالية ودعوات انفصالية وخاطف ومخطوف، والحالة اليمنية ليست بعيدة عن أصابع عبثية خليجية أحيانا وعلى رأسها المبادرة الخليجية التي لم تحل المشكلة اليمنية من جذورها، الأمر الذي أدى إلى تشعب الأزمة اليمنية واشتعال حروب هنا وهناك تارة بهدف تحجيم دور الإسلام السني في اليمن، وتارة أخرى بالحد من نفوذ الإسلام الشيعي المؤيد من إيران كما تقول بذلك مصادر يمنية.
لا شك أن الأوضاع في اليمن ستؤثر على أمن ومستقبل الخليج العربي، ولابد من جهود خليجية جماعية تضامنية تخرج اليمن من المأزق الذي يعيش فيه الشعب اليمني الشقيق وحكومته.
إن محاربة الإرهاب والقضاء عليه في اليمن أو أي مكان في الدنيا لا يمكن أن تتم بقوة السلاح، وإنما بالقضاء على أسباب تلك الظاهرة وعلى رأسها الفقر والأمية بكل معانيها، والظلم الاجتماعي ويجب رد الحقوق إلى أصحابها وتعويضهم عما خسروه وتأكيد استقلالية القضاء وبناء مؤسسات الدولة على أسس حضارية.
إن إخواننا في اليمن جميعا، عليهم واجب يجب أن يؤدوه من أجل اليمن، وهو الإيمان بأن الوحدة هي السبيل إلى بناء يمن جديد يقوم على العدل والمساواة، والتفكير في مصلحة الشعب اليمني كله وليس أفرادا منه أو جماعات، وبذل الجهود من أجل تحسين صورة اليمن عمليا في وسائل الإعلام والمحافل الدولية، ويتأتى ذلك بتسليم السلاح للدولة وتحرير المدن من مظاهر حمل السلاح.
(3)
اليوم.. معارك دامية تجري بين الجيش اليمني وجماعة الحوثي، والهدف الوصول إلى العاصمة والسيطرة عليها ومن ثم فرض إرادة المنتصر.
سؤالي للقيادة الشرعية اليمنية أليس بيدكم قرار من مجلس الأمن الدولي قضى بتطبيق الفصل السابع على المعوقين لقيام يمن آمن بعيدا عن الاقتتال، فلماذا لا تطالبون بتفعيله؟ ولماذا لا تتدخل دول مجلس التعاون الخليجي صاحبة المبادرة لمساعدة القيادة السياسية على إحلال الأمن والاستقرار في اليمن..
الحوثيون بالأمس هاجموا مقرات حزب الإصلاح وهم في مواجهة مع الجيش، الأول حركة إسلامية شيعية والآخر إسلامي سني فهل يظن أحدهم أنه قادر على حكم اليمن في هذه الظروف الدولية والعربية المعادية لأي تنظيم ديني سياسي.
يمكن القول إن الحركات والمنظمات الإسلامية لم تتعلم من التجارب السابقة لكل الحركات الدينية، ومصرة على أنها القادرة على إحداث تغيير حضاري في الوطن العربي.
أذكّر تلك الحركات والمنظمات الإسلامية بأن الزمان ليس زمانها وأن الأوضاع في العالم العربي لم تنضج بعد لقيام الدولة الإسلامية أو أن تحكم المنظمات الإسلامية، التجربة الجزائرية الإسلامية في مطلع تسعينيات القرن الماضي، كادت أن تسيطر على الحكم والدولة لا عن طريق الثورة، وإنما عن طريق صناديق الاقتراع لكن الجيش الجزائري أحبط ذلك النجاح ودخلت البلاد في دائرة الحرب الأهلية لسنوات.
الإسلاميون في السودان رغم تسلمهم مقاليد السلطة منذ ثمانينيات القرن الماضي، إلا أنه لم يسمح بنجاحهم في إدارة الدولة وهم يعانون من حروب أهلية وانفصال وتنازع على السلطة والبلاد تسير إلى تفكك وانهيار اقتصادي.
في غزة نجحت الحركة الإسلامية بقيادة حماس بالفوز في الانتخابات وتسلمت مقاليد الأمور في غزة، ولكنها تعيش حالة حصار ظالم ومعاناة ولن يسمح لها بالاستمرار من قبل كل القوى.
وهذه مصر العزيزة، فاز التيار الإسلامي في الانتخابات دون تزوير ومنذ الساعة الأولى لتسلمهم مقاليد الحكم والمؤامرات تحبك للإطاحة بهم وهذا ما حدث.
(4)
أقول إن الزمن ليس زمان قيام دولة إسلامية في الوطن العربي، وعلى كل التيارات الإسلامية في كل مكان أن يدركوا ذلك والعودة إلى مرحلة التنشئة والتثقيف بعيدا عن التعصب أو التحريض أو العنف.. إن ما يجري في سورية الحبيبة من معارك بين الإسلاميين وما يفعل بعضهم ببعض من تمثيل بقتلاهم، يحرض المجتمع المحلي والعربي والدولي ضدهم والنفور منهم، وكذلك ما يجري في ليبيا أنها صورة محزنة وكلها أعمال تدعو للكراهية والنفور من هذه التيارات.. فهل أنتم تعقلون؟!