في عيد الاستقلال تعالَوْا نراجع انفسنا …هي فرصة ثمينة ومحطة في محطات مسيرة الوطن لاجراء مراجعة حقيقية، لما نحن فيه ولماذا وصلنا الى اوضاع شديدة الصعوبة في مناحي الحياة؟، اذ ربما نكون أسهمنا فيها، بخاصة وان المراجعة الفاحصة والمحايدة قد تشجعنا على التحول وتغيّر سلوكنا في العمل والانتاجية والنفقات، بخاصة واننا بحمد الله استطعنا بحكمة القيادة ان نضع ما يسمى بـ الربيع العربي بمخاوفه ونتائجه الوخيمة خلفنا، وتجاوزنا وافلاتنا من الانزلاق الى الفوضى التي وقع فيها اكثر من نصف ابناء الامة العربية.
التعثر والبطالة واتساع نطاق الفقر ليست حالة اردنية فريدة، فالعديد من الدول النامية والمتقدمة عانت وما زالت من ارتفاع معدلات البطالة والفقر من امريكا الى اوروبا واليابان، وتعثرت الاف الشركات العامة والخاصة، واقدمت حكومات في اربع اصقاع المعمورة الى تخفيض الرواتب وقلصت الخدمات، وتمت الاستغناءات بالجملة عن العمال والغاء الوظائف، ورافق هذه الاجراءات احتجاجات، الا ان هذه الاجراءات كانت بمثابة اخر الدواء وهو الكي، وبعد ( 3 – 4 ) سنوات بدأت بالتعافي، وهناك شواهد كبيرة على ذلك في مقدمتها ارتفاع الاسعار والتداولات في البورصات والاسواق، وعودة شركات كبرى ومتوسطة الى الربحية وتسريع وتيرة اعمالها، وهذا يؤكد بدايات توفير فرص عمل جديدة امام العمال…وهذه الى حد ما نتيجة طبيعية حسب قوانين ودورات الاقتصاد التي بعد ان تستنفد الانخفاض وبلوغ نقطة القاع تعود الى الارتفاع الى مستويات مريحة مع تسجيل الدروس والاستفادة من العبر.
وبالعودة الى الحالة الاردنية فان التحرك والمعالجات كانت اما متأخرة او لينة حد الارتخاء، وللحالتين اسباب وجيهة وهي محل توافق واختلاف، واليوم بعد ان عرفنا ما لنا وما علينا لابد من وضع خط واضح فاصل لما هو ممكن وما هو غير مكن، بحيث تعود الامور الى طبيعتها، في كافة القطاعات والتعبير عن الاراء دون تماد وضمن القنوات الطبيعية، وان لا نسمح لاي كان ان يعيق استمرار حياتنا، وان نقدّس العمل ونحتكم للانتاجية والجودة، فالانتاجية العالية هي مفتاحنا للخروج من عنق الزجاجة، وان نقف امام اي عابث او من يستهوي الصيد في المياه العكرة.
وفي نفس الاتجاه وبنفس الاخلاص والقوة علينا ان نعمل لاجتراح الحلول، وان يقوم كل مسؤول وقطاع بدوره، فالمصلحة الفردية و/ او القطاعية يجب ان تكون ضمن المصلحة الكلية للاقتصاد والمجتمع، لاسيما وان السنوات القليلة الماضية شهدت بعثرة الجهود وتشرذم الخط، وتعارض القرارات، ووقعنا في نوع من تبادل اللوم والاتهامات، وكانت النتيجة ضياع البوصلة، واهدرنا الوقت والمال…عيد الاستقلال فرصة للمراجعة والتشمير عن سواعدنا …عندها ستكون حياتنا افضل والاردن امتن واقوى.