حالة الاحباط التي تسيطر على السواد الاعظم من المواطنين سببها تراجع مستويات المعيشة، وعدم ملائمة الدخول لتكاليف الحياة، وزاد الطين بلة ضعف قدرة قائمة ليست بالقصيرة من الشركات لاتنتظم في دفع الرواتب، وتأخير مخل في دفع مستحقات الاخرين، بحجج واهية تارة ولها اسبابها تارة اخرى، الا النتيجة واحدة بالنسبة للموظفين والعمال واصحاب الاعمال، والاصعب من ذلك كله شيطنة البعض في الامتناع عن دفع الحقوق بدعوى ضعف التدفقات النقدية، ويذهب بعضهم بالتذرع وهو صاحب مال وموجودات كبيرة، بأنه لايملك حتى تدبير احتياجاته الاساسية، وبعد قليل تجده ينفق بعشرات الالاف من الدنانير.
حالة التذمر هذه تكاد تكون شاملة، صاحب الاموال يشتكي لسبب ما ربما لانخفاض ايراداته وارباحه التي تعود عليها، اما اصحاب الدخول المحدودة يشتكون لعدم الحصول على رواتبهم وتدني قدرتهم الشرائية، والنتيجة الصعبة ان غالبية المشتغلين يلتحقون اعمالهم بتثاقل وبدون عزيمة، لذلك نجد تدني مستويات الانتاجية، ومعها تباطؤ الاعمال، وان ترك هذا الوضع دون معالجة حقيقية قد نصل الى مستويات غاية في الصعوبة.
ومن المتناقضات المؤلمة موجة الاضرابات والاعتصامات التي طالت معظم القطاعات باستثناء البنوك، وتطالب بزيادة المكاسب والدخول بينما نجد شركات ومؤسسات والاقتصاد على المستوى الكلي ما زال يعاني من تفاقم العجوز المالية والدين العام والفقر والبطالة، وارتفاع الاسعار، ونجد في نفس الوقت مسؤولين متنمرين، يقلبون الحقائق ويطروحون تصورات لايمكن ان تتوافق مع ما نراه ونشهده يوميا، اي اننا نشهد مفارقات نتائجها لاتقاس بكافة المقاييس والاوزان.
وحتى لانخوض في جدلية سلامة السياسات المالية والاقتصادية الكلية، لابد من الاحتكام الى العمل والانتاجية، اي ان تقصير مسؤولين في القطاع الخاص والى حد ما في القطاع العام يجب ان لاينسحب على العمل باعتبار الالتحاق بالعمل يعني الانتاج (سلعة و/او خدمة) وكلما حسنا الجودة ينعكس ايجابا على الشركة و المؤسسة، ونضع الادارة والمسؤول في خانة التقصير، ونحاول تبديد الاحباط الذي يتسلل الى نفوسنا، اي نسحب اي مبرر لدى المسؤولين اينما كانوا.
قد يقول البعض…عليهم ان يدفعوا لنا حقوقنا لقاء العمل… وهذا صحيح ..لكن تأخر الراتب يجب ان لايدفعنا للتراجع عن العمل وإضعاف الانتاجية لان الحقوق مصانة، وهي في قائمة الحقوق حسب القوانين النافذة، وتجربة الدول الاوروبية في التعامل مع الاخفاق الهائل جراء الديون السيادية وتداعيات الازمة المالية، كان الرد مواصلة العمل، وخلال سنوات قليلة بدأت اقتصاداتها وبورصاتها تتعافى بينما نحن ما زلنا مسؤولين وموظفين وعمالا نحاول حل لغز هل الدجاجة من البيضة او العكس…الحلول الحقيقية هي بأيدينا…لا بأيديهم