الفراغ الزاحف الى قصر بعبدا قد يستمر طويلاً، وبين نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان في ٢٥ ايار الجاري وموعد الانتخابات النيابية في تشرين المقبل مدة خمسة اشهر، هي اقل من عمر الفراغ الذي استمر سبعة اشهر بعد انتهاء ولاية اميل لحود الممددة.
إذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية فقد نصل الى تشرين لنقع في فراغ آخر، هو عدم انتخاب مجلس جديد للنواب الذين يمكنهم التجديد لأنفسهم مجدداً، لكن سنكون قد استنسخنا الفراغ بما سيشجع البعض على التشكيك في صلاحية النظام السياسي الذي نطبقه بطريقة مبتورة منذ اتفاق الطائف!
إن المؤتمر التأسيسي الذي سبق ان لمّح اليه السيد حسن نصرالله، والذي دعا اليه طلال ارسلان صراحة قبل أيام، في ما يشبه الرد على الرئيس نبيه بري، قد يصبح مطلباً واضحاً وعلنياً، على اساس السعي الى تعديل النظام على قاعدة السعي الى إحلال المثالثة مكان المناصفة التي اقرها مؤتمر الطائف، انطلاقاً من القول ان الواقع السياسي يراوح في التعطيل وهو ما يثبت فشل النظام، وهذا ما أدى الى شلل مستديم يضرب في مؤسسات الدولة ويمنع السلطات من القيام بواجباتها الطبيعية ويحول دون الانتظام العام في البلاد إن على مستوى السلطة او على مستوى الفرد!
صحيح ان الرئيس بري سارع الاثنين الماضي خلال جلسة هيئة الحوار الوطني الأخيرة، الى الرد على تحذيرات الرئيس سليمان من مغبة الذهاب الى مؤتمر تأسيسي يدعو اليه البعض، فنفى باسم كل المسلمين، شيعة وسنّة ودروزاً وعلويين، وجود اي اتجاه او تفكير في مثل هذا الأمر وفي الخروج من دستور اتفاق الطائف، لكن تراكم الفراغ واستنساخه واستمرار حال الشلل في البلاد نتيجة تعطيل الدولة ومؤسساتها، ستجعل المطالبة بهذا المؤتمر اكثر حدة من ذي قبل على ما يتوقع الكثيرون!
ولكن ليس خافياً ان سياسات التعطيل المتعمّدة والمستمرة والتي يمارسها البعض منذ اعوام، هي التي أدت عملياً الى شلّ الدولة وسلطاتها والى ما يشبه الانهيار في المؤسسات العامة والى افشال الحكومات، وهي التي أرست شعوراً بالقنوط والاحباط لدى المواطنين حيال الدولة وسلطاتها، وعلى اساس هذا الشعور المتنامي تبرز الذرائع والمبررات التي يراهن عليها هؤلاء لتشكل اساساً للمطالبة بتغيير النظام في اطار المؤتمر التأسيسي الذي تم قذفه الى التداول!
وإن لم تكن الطرق سالكة الى هذا المؤتمر، فمن غير المستبعد ان يمضي هؤلاء في سياسة التعطيل وصولاً الى ترسيخ المعادلة الخانقة:
عليكم ان تختاروا إما دولة معطّلة واما دستوراً معدّلاً!