عروبة الاخباري – بصراحة – خاص – كتب سلطان الحطاب – ظل شعار وزير الدولة للشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي وهو يتعاطى مع الاعلام ” قل حقاً أو فاصمت ” ولما كان قول الحق معدوما او شبه معدوم او لنقل قليلا فقط ظلت عمان تصمت حتى لا يحسب عليها انها لم تقل حقا او انها ساهمت في خلط الحابل بالنابل او شيعت جنازة كانت شاركت في قتل صاحبها ..
لكن عمان اليوم وقد وصلت النار الى الاطراف وبدات تلتهم بيوت الجيران وزادت ضراوة الريح في انتشارها .. قامت لتحذر وتضع المصدات الحامية لمصالحها ورات ان الساكت عن الحق شيطان ، ولكنها خشيت من الضجيج وتكاثر الفضائيات والطلب على الاخبار والتحليلات ما صح منها ومالم يصح ان يذهب صوتها او ان تعرب جملة مواقفها اعرابا غير صحيح . فلجات الى اسلوب ” خير الكلام ما قل ودل ” واخذت بمقولة علي بن ابي طالب كرم الله وجهه . ” ليس كل ما يعلم يقال وليس كل ما يقال جاء وقته او حضر اهله “وادركت “ان لكل مقام مقال” ..
ولذا جاءت التصريحات الجديدة المنسوبة الى وزير الدولة للشؤون الخارجية والتي تسربت من جلسة وزراء الخارجية العرب الثامن عشر . حيث نقلت المصادر الاخبارية عن الوزير بن علوي تصريحات اعتقد انها تتطابق مع الموقف العماني الذي سمعته منه دون ان انشر منه شيئا لحرص الوزير وعدم رغبته في النشر حتى لا يفهم كلامه على غير اهدافه ومراميه .. واخيرا نشرت مواقع ما سرب عن كلام الوزير.. وقد كان التسريب حال القول “واذا اراد الله نشر فضيلة طويت اتاح لها لسان حسود” فهل الناقل لتصريح الوزير حسود او صديق وهل تصريح الوزير او لنقل على الادق مداخلته في مؤتمر وزراء الخارجية الـ ( 18) فضيلة سيما وان الوزير لا ياخذ بمبدا “ضع راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس “او القول ” الموت مع الجماعة رحمة ” فتلك حالة سلبية استسلامية لم يخترها الوزير وانما وضع كثيرا من النقاط على الحروف ..
التصريحات لفتت انتباه جهات عديدة تعرف ان الموقف العماني قد تغير منذ فترة دون ان يغطي هذا التغير بتصريحات لان اللغة في المجموعة الخليجية كما عند العرب التقليدية تكتسب حساسية خاصة ناتجة من تاريخ طويل في استعمال اللغة والاستعمال لمفرداتها ودلالاتها ولكن اللغة العمانية وصلت لتشير الى موقف مستقل عبر عنه الوزير العلوي الذي لم يكن يرغب فيما اعتقد في ان يصل الى وسائل الاعلام ولم يسع لذلك ولكن طبيعة الموقف الجاد فرضت على وسائل الاعلام ان تاخذ عنه وتعلنه فمجلس التعاون الخليجي يواجه تحديات حقيقية منذ عدة سنوات وهذه التحديات ازدادت مع المتغيرات التي جلبها الربيع العربي والذي ظل الوزير بن علوي يرى ان هذا الربيع ” ليس لوجه الله ” وان كانت الرغبة فيه عربية الا ان التوظيف والنتائج لم تكن كذلك بل دخلت قوى خارجية عليه وحرفته او استفادت من اعادة توظيفه وهو يرى ان تخبط سياسات دول في المجموعة الخليجية وفي جوار عمان تدعو للتنبيه من انعكاساتها وتستحق النقد للتصحيح وليس الهدم وللتنبيه وليس الشماتة ورغم ان سلطنة عمان ظلت تقرا نصا واحدا يدعو لاستقلال دول الخليج وانتباهها الى ان التدخل الخارجي والاعتماد عليه خطير وقد يصل الى درجة الادمان وبالتالي التسليم لهذه التدخلات التي تودي الى العبث باستقرار هذه الدول ومستقبلها ..
فبعض دول الخليج ومنذ حرب الخليج الثانية والدخول الغربي وخاصة الاميركي على خط الحرب اخذت بعضها العزة التي وفرها التدخل حين هزمت العراق بالاثم وراحت تلتفت الى التدخل الخارجي والرغبة في الاستعانه به كلما ” دق الكوز بالجرة ” كما يقولون الى ان اصبح الاعتماد على الدول المتدخلة “عادة سرية” وعلنية لها اعراض جانبية ضارة على الواقع والمستقبل . وسبب احساس الواهم بالعزة ارتكاب المزيد من الاثم حين قالت بعض دول الخليج ان التدخل طوع بنانها وتحت امرها متى شاءت طلبته ومتى رغبت رفضته دون ان تتاكد من الحالة الاخيرة وهي رغبتها في الطرد فالذي يدخل لا يخرج والذي يتدخل يجلس في البيت حين يرى ضعف صاحب البيت وحاجته وقد كان لسان حال طالبي التدخل كقول الشاعر يفتخر بقوة غيره على زعم انه قريبه ..
“هذا ابن عمي في دمشق خليفة لو شئت ساقكم إليّ قطينا ” فابن عمه الخليفة لن يسمع كلامه ولن يسوق الناس اسرى وضعافا من اجله !!! ..
فالمستعان بهم وهم الاميركان يبحثون عن مصالحهم فقط ويصنعون المناخات والاسباب لخدمة هذه المصالح حتى وان تعارضت مع مصالح طالبي المساعدة وهذا ما اثبتته الوقائع في الخليج والعراق ودول اخرى طلبت العون الاميركي وندمت عليه او منه ..
وحين يقول بن علوي ان الاميركيين يخدمون انفسهم في سياق التعليق على تدخلاتهم فهذا قول صحيح تماما . وحين يقول “انهم لا يلتفتون الى مصالحنا في دول الخليج ” فهذا صحيح ايضا فمصالح دول الخليج ليست مع المزيد من السلاح وهدر الاموال وصناعة الاعداء ودخول حروب او صراعات لا تمسها مباشرة . فالحرب التي تدور في سوريا ورطت الشعب السوري حين تدفقت الاموال الخليجية والتي كان منسوبها يتقدم ويتراجع ويمول السلاح بتعليمات اميركية لا تريد الحسم في الصراع مع النظام لان مصالح الاميركيين في الحرب في سوريا تتطابق مع المصالح الاسرائيلية اكثر من العربية . الاميركيون لم ياخذوا بعين الاعتبار ما تعتقده دول الخليج في سوريا ولذا اصبح موقف هذه الدول كبالع الموس لا يبتلعه ولا يستطيع اخراجه ..
ويبدو ان نقد بعض دول الخليج لسياسات عمان في التعامل مع ايران كجارة للسلطنة وحيث الخط سالكا بينهما اذ ان وساطات مختلفة كبيرة قامت بها سلطنة عمان لدى ايران نجحت بما فيها الوساطة بين الاميركيين والايرانيين وحتى بين بعض دول الخليج وايران وحتى الطلب من ايران ان تسعى لدى سوريا لتخفيف الضغط على مخيم اليرموك الفلسطيني في سوريا والتخفيف من دور حماس في استمرار الانفصال عن الشرعية الفلسطينية وفي مهام عديدة كان يقدر مثلها الراحل الملك فهد الذي كان يقول “ان علاقة عمان مع ايران تخدم مصالح دول الخليج وهي جسر لنا “وهذا ما يجب ان يقال الان لان الحاجة اليه اصبحت اكثر ولان التعاون الاقتصادي ما بين بعض دول الخليج التي تنتقد العلاقة العمانية – الايرانية علاقات واسعة لا يكفي الكلام السياسي في تغطيتها ..
كان موقف سلطنة عمان منذ بدء الازمة السورية قبل اكثر من ثلاث سنوات واضحا وقد غطيته في مقابلة تلفزيونية مع وزير الدولة للشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي في برنامج حوار مع كبار وقد حدد بالضبط حينها موقف عمان وموقعه من بين المواقع والمواقف وقد اثبتت الايام صحة وسلامة الموقف العماني وصوابية رؤيته . فسوريا اليوم تدمر ويزداد التدمير فيها فلمصلحة من هذا ؟ سواء كان التدمير من المعارضة ام النظام السوري ؟. ولمصلحة من كما يسال الوزير العماني ان يكون هناك (80) طرفا ودولة يقاتلون على ارض سوريا وهناك من دول الخليج وغيرها من يدعم الجماعات التي تقتل السوريين واكثرهم من الشعب الاعزل ..
ويسال الوزير بجراة ويكسر صمت الجلسة الثامنة عشر في منتصف ابريل 2014 او يستوقف الضوضاء فيها حين يقول “هل تريدون جبهة النصرة وداعش” ؟ .. مالذي نستفيده من التكفيرين الذين يشنون ارهابا في مصر ؟ مالذي نستفيده من داعش في العراق ؟ .. الوزير لا يخاطب مجهولين ولكنه يخاطب في الجلسة دول بعضها يضع النصرة كما الاخوان على قائمة الحظر والارهاب وبعضها يدعم هذه المجموعات بالمال والسلاح فكيف يلتقي ذلك ؟ . ثم اليس ذلك اسفين يدق في مجلس التعاون الخليجي واصابع ديناميت لنسفه دون الحاجة لقول ذلك فالفعل قائم ويمارس ويعلن عنه من خلال تصريحات لبعض دول الخليج ..
ويسال الوزير هل مصلحة دول الخليج في اضعاف مصر وسوريا ام ان مصر وسوريا القوية مصلحة خليجية ؟ وهو سؤال معلق يزداد تعليقه ومصادرته كلما امعنت دول الخليج في دعم هذا الطرف او ذلك على الارض السورية واذا كانت كل منظومة الدول الخليجية توالي الولايات المتحدة الاميركية ولا تناهض سياساتها بالقوة فان هناك خط لابد ان يكون واضحا بين الابيض والاسود وبين التبعية العمياء والصداقة المبصرة فالمسافة بين الحرام والحلال احيانا تكون ضيقة وربما تتداخل وتحتاج الى فتوى قال فيها بن علوي ” اما الاميركان فهم ينظرون الى مصالحم فقط ونحن في عمان لا نستشيرهم فيما نفعل مثلما تفعلون ( ضمير المخاطب لجهة حاضرة في المؤتمر ) بل نبلغهم فقط ونفعل ما نشاء ” ويضرب على رايه مثلا بالقول الذي يصل احيانا حد ” شاوروهم وخالفوهم ” عندما اراد الاميركيون محاورة ايران .. اتصلوا بنا وطلبوا التكتم على الامر ( لاحظو الاميركان ياخذون بمبدا التقية وليست ايران وحدها ) وياخذون بمبدا ” اقضوا حوائجكم بالكتمان يا اميركان) .. وعدم ابلاغ اية دولة خليجية ( هذه اذن المصالح ابن مصلحة دول الخليج اذن ) ؟ ..
وحين قالت عمان بعدم ضرورة او وجوب طرد سوريا من الجامعة العربية قيل في موقفها خليجيا مالم يقله مالك في الخمر واخذت عمان بالاغلبية ولم ينجح موقفها الرافض الطرد ولكنها الان تذكر اين وصلتم ايها المتحسمون لطردها ؟.. هل كان موقفكم برفض الاحتواء صحيحا او انه خطا واضح ؟… اليست سياسة الاحتواء هي الابعد عن التفتيت والانهيار والاقرب الى الاستمرار والتماسك واخيرا يلومون وزير الدولة العماني لانه قال ولم يصمت !!!
الم يقل الشاعر الحكيم :
امرتهموا امري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح الا ضحى الغد ..
فهل ضحى الغد متأخر ام انه يفوت الاوان !!!