عروبة الإخباري – فيما طغت الأزمة الإنسانية للجوء السوري على المشهد المحلي خلال الأيام الماضية، من خلال افتتاح المخيم الأكبر للاجئين في الأزرق، وعبر الاجتماع الوزاري لدول الجوار في مخيم “الزعتري”، فإن مراقبين يعتبرون أن هذه التحضيرات تؤشر “لامتداد قد يتجاوز العشرة أعوام على الأقل لهذا اللجوء”.
وبينما نفت أوساط أممية التفكير بافتتاح مخيم رسمي “ثالث”، على لسان ممثل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في الأردن أندرو هاربر، غير أنه أشار إلى احتمال أن يكتظ “الأزرق” بحلول نهاية العام الحالي، بوصول أعداد اللاجئين فيه الى 100 ألف.
وأوضح في تصريحات خاصة أنه “في حال امتلاء الأزرق، وفي حال رغبت الحكومة بإنشاء مخيم جديد، فإن المفوضية بالتأكيد ستبحث هذا مع الحكومة وتقوم بالتنفيذ”.
وحول مشاعر التخوف من هذه الفكرة باعتبارها “امتدادا لزمن اللجوء السوري”، قال هاربر: “لا أحد يرغب أن يصدق أن مخيما ثالثا سينشأ في الأردن، لأنه سيكون وضعا مخيفا أن يصل الأمر إلى تدفق هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين”.
وتابع أنه “على الرغم من ان المفوضية ستراقب اعداد اللاجئين العابرين الى الأردن، في الأيام والأشهر المقبلة، لكن ما يهم المنظمة الأممية حاليا هو التركيز على تشغيل “الأزرق”، الذي فاق عدد سكانه لغاية أمس ألفي لاجئ”.
وعن توقعات امتداد الأزمة الى اكثر من عشرة أعوام، بحسب ما أكد مصدر اميركي مسؤول ، اكتفى هاربر بالقول: “لا أحد يعرف”، متابعا: “نتمنى ان تنتهي الأزمة غدا ويعود الناس بأسرع وقت ممكن، لكن لكي نكون واقعيين فإن الوضع داخل سورية يستمر في التدهور، وهذا يقود الى فرار السوريين”.
وأضاف: “كل ما نركز عليه حاليا هو بناء مخيمات جيدة بشكل فعال وتأسيس بنية تحتية جيدة، فلا أحد يعرف متى سيعود اللاجئون، ففي كل يوم يستمر النزاع، ويسوء الوضع ويصبح اقل إغراء للاجئين بالعودة، على الرغم من أن السوريين هم فخورون ومعتزون بأنفسهم ويريدون العودة حالما يستطيعون”.
وحول معدل العبور اليومي للاجئين السوريين إلى الأردن حاليا، بين هاربر أن ليلة أمس شهدت عبور 530 لاجئا، واصفا إياه بأنه “المعدل الأعلى في الأسبوع الماضي”.
وأشار الى توقعات بازدياد الأعداد، وبأن يتراوح المعدل اليومي ما بين 400 الى 600 لاجئ.
من جانبه، كان وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة ذكر في اجتماع الدول المستضيفة للاجئين السوريين الأحد الماضي في “الزعتري”، إن “قرار الفرار من العنف هو في العادة قرار آني وسريع، وهو ما يحدث مع اللاجئين عندما يقررون الفرار حفاظا على حياتهم”.
وبين جودة الفرق بين هذا القرار، وبين قرار العودة من بلد اللجوء الى الوطن الأم، حيث في العادة يكون القرار الأخير “غير مستعجل وقد يستغرق وقتا لتنفيذه”.
ويرى مراقبون أن اللاجئ عندما يستقر ولو بشكل مؤقت في بلد معين، فإنه “يؤسس نوعا ما لحياته المؤقتة هناك، وقد يبدأ عملا ويعتاد على الحياة في تلك الدولة”، رغم انهم يرجحون في النهاية أن “قرار العودة إلى الوطن هو الذي سيتغلب لكنه لن يكون بالوتيرة السريعة ذاتها التي صاحبت قرار الفرار”.
كما يرى هؤلاء المراقبون انه “حتى لو انتهت الحرب في سورية، فإن اعادة إعمار البلاد، ستستغرق اعواما أخرى، ما يعني ان اللاجئين لن يعودوا بين ليلة وضحاها”.
من جهتها، اعتبرت الناطقة الاعلامية الاقليمية لمنظمة “اليونيسف” جولييت طعمة، أنه “طالما كانت هناك حرب وعنف في سورية فسيستمر اللجوء، وهذه نتيجة حتمية لأي حرب، كما سيولد أطفال آخرون خلال هذا اللجوء”.
وبينت في هذا الصدد، أن أعداد الأطفال السوريين الذين ولدوا كلاجئين، بلغ حوالي 38 ألفا في المنطقة منذ بداية الأزمة.
وحول توقعات المنظمة الأممية بطول أزمة اللجوء في بلدان الجوار، قالت طعمة إنهم “لا يستطيعون توقع المدة الزمنية”، لافتة الى ان “اليونيسف” كانت تعد خططا للاستجابة كل ستة أشهر منذ بداية الأزمة، لأنهم “لم يعرفوا أنها ستطول، وكانوا يأملون حينها أن تنتهي سريعا”.
وأضافت: “أما مع نهاية 2013، فوضعت اليونيسف للمرة الأولى خطة سنوية كاملة للعام 2014 ، لأن الاحتياجات أصبحت طويلة الأمد، ولم تعد تقتصر على أشهر فقط”.
وفيما اكدت طعمة ان عدد اللاجئين السوريين سيزداد مع تصاعد العنف، اعتبرت أن المخيمات هي “الأماكن الأفضل لاستقبال اللاجئين ليخف الضغط عن المجتمعات المحلية”، مضيفة: “جمع اللاجئين في مكان واحد يؤدي الى تقديم ذات الخدمات من مياه وكهرباء وطعام وغيرها في هذا المكان”.
ولفتت في هذا السياق الى ان اللاجئين في العادة “يستقرون في المناطق الأفقر والأكثر هشاشة اجتماعيا”، مشيدة بما أسمته “وعي المجتمع الدولي مؤخرا حول أهمية اقامة مشاريع تخدم المجتمعات المحلية المتضررة وليس اللاجئين فحسب”.
وتمنت طعمة أن “يعود اللاجئون الى سورية بعد استقرار الأوضاع هناك”، مبينة انه يوجد حاليا حوالي 10 ملايين سوري بحاجة للمساعدة، وهم ليسوا فقط ضمن فئتي” النازح واللاجئ”، بل هناك فئة ثالثة وهي “العالقون في الأماكن المحاصرة”.
بدوره، كان الوزير جودة قال عند افتتاح الأزرق الأربعاء الماضي: “لم يخطر ببالنا عند افتتاح الزعتري أواخر صيف 2012 ان نقوم بافتتاح مخيم ثان بعد أقل من عامين”.
أما حاليا فيوجد في المملكة، مخيمان رئيسيان هما “الزعتري” و”الأزرق”، الأول يبلغ عدد قاطنيه أكثر من مائة ألف لاجئ، والثاني تصل طاقة استيعابه القصوى إلى 130 ألفا، بينما يستوعب في مرحلته الأولى 25 ألفا، اضافة الى المخيم الإماراتي الأردني، والذي يستوعب 5 آلاف شخص، وحديقة الملك عبدالله (1,000 شخص تقريباً)، فضلا عن بضعة مخيمات أخرى صغيرة.
وتشرف على مخيم الأزرق مديرية شؤون اللاجئين السوريين بالتنسيق مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، فيما سجلت المفوضية حتى الآن ما يقارب 600,000 لاجئ سوري في الأردن، في حين تقدر الحكومة أن هناك ما يقرب من 1.3 مليون سوري موجودون في البلاد.
وفيما يأمل القائمون على المخيمات، أن تجذب اللاجئين للعودة والإقامة فيها، تخفيفا عن المجتمعات المحلية، اعتبر هاربر أن “افتتاح مخيم الأزرق يؤكد استمرار الأردن في التزامه بحماية الأشخاص الفارين من العنف في سورية”، وناشد مجتمع المانحين أن يفعلوا المزيد لدعم خطة الاستجابة للاجئين السوريين في الأردن، والتي تم تمويل نسبة 27 % فقط منها لغاية الآن.
واضاف هاربر: “إذا كان المجتمع الدولي يتوقع من الأردن أن يواصل الحفاظ على حدوده مفتوحة ويشارك اللاجئين موارده المحدودة، فللأردن الحق أن يتوقع من المجتمع الدولي أن يبذل المزيد من الجهد للمساعدة في تحقيق هذا الهدف”.