الاستعراض الانتخابي المتنقل في بعض العواصم العربية يقدم، صورة معيبة عن مهازل الديموقراطية، عندما تصبح عملية الديموقراطية مضحكة او ممسحة او قناعاً للديكتاتورية او احتيالاً موصوفاً لمسخ ارادة الشعب!
الانقسام الجذري في لبنان يجعل الآن من استحقاق الانتخابات الرئاسية بوابة مشرّعة على الفراغ، والفراغ يوازي القصور السياسي المطلق، عندما يعجز النواب المنقسمون جذرياً على وقع الصراعات الاقليمية، عن انتخاب رئيس جديد بحيث قد يتربع الفراغ على كرسي الرئاسة لفترة قد تطول، على ما جرى بعد انتهاء ولاية اميل لحود عندما نبت العشب البري على ابواب القصر الجمهوري … والمسؤولية!
يسود الفراغ ويحكم في انتظار حصول تفاهمات اقليمية تحظى بموافقات دولية، يمكنها اعطاء الضوء الأخضر الذي يسمح بانتخاب رئيس عتيد نسمّيه توافقياً، اي انه سيكون مقعداً سياسياً ودستورياً، لأن التوافق هنا يعني ان على الرئيس المنتخب من غير شر، ان يوفّق بين مصالح المتصارعين الذين توافقوا عليه، بما يعني عجزه المطلق عن الخروج من دائرة رئيس يدير الازمة الى رئيس يعالج الازمة!
بهذا المعنى يكون لبنان مقعداً قبل الرئيس، اي انه سينضم الى صفوف المقعدين وما اكثرهم، وبهذا المعنى ان عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الذي يتنقل في كرسي متحرك ليس مقعداً بل الجزائر هي المقعدة وقد تحولت كرسياً لا دولة تنتخب رئيساً عاجزاً للمرة الرابعة.
لكن سوريا تتجاوز حال القعود الى حال المقبرة الاسطورية، وهي مقبرة لا للقتلى الـ ١٥٠ الفاً الذين سقطوا فيها بالبراميل المتفجرة وبالكيميائي والصواريخ الروسية والرصاص الايراني فحسب، بل لمهزلة الديموقراطية التي ستعيد انتخاب بشار الاسد رئيساً في ٣ حزيران المقبل. كان يمكن الحديث عن سوريا المقعدة، ولكن مع سوريا الغارقة بدماء ابنائها ومع ملايين السوريين في اللجوء الداخلي والخارجي من الضروري الحديث عن العالم المقعد وتحديداً عن اميركا المقعدة وعن روسيا وايران الشريكتين في اقعاد السوريين!
“ديموقراطية” الانتخابات البرلمانية العراقية التي ستجري في ٣٠ نيسان، مقعدة ايضاً في ظل العنف المذهبي المتزايد وعمليات الارهاب اليومية وممارسات نوري المالكي، رجل ايران الذي يسعى إلى تجديد بقائه على رأس السلطة التنفيذية التي كان قد استولى عليها نتيجة صفقة اميركية – ايرانية، حرمت اكثرية اياد علاوي البرلمانية منها، بما يعني ان الديموقراطية العراقية المقعدة هي في حال من الإذلال والنزف منذ ذلك الوقت!
اما الديموقراطية التي تهاوت في مصر على ايدي “الاخوان المسلمين” وحكم محمد مرسي الذي أريد له ان يتحوّل رأس جسر لأخونة المنطقة، فانها امام حركة تصحيحية في اواخر ايار ستحمل المشير عبد الفتّاح السيسي الى الرئاسة ربما انقاذاً لثورة ٢٥ يناير!
راجح الخوري/الديموقراطيات المقعدة!
13
المقالة السابقة