غزة محاصرة منذ سبع سنوات .. وهي معرضة للعدوان الصهيوني عليها في كل حين. كما أن الحصار شامل صهيونيا وغير صهيوني. وهي محكومة من قبل حركة حماس بسلطة تقول إنها شرعية. ورام الله محكومة من قبل حركة فتح بسلطة فلسطينية تقع تحت طائلة قبضة الاحتلال. والشعب الفلسطيني يعاني من الانقسام الذي تكرسه السلطة الاحتلالية ومعها المانحون والإدارة الأميركية إلى جانب بعض المجهودات (العربية) التي تكرس الانقسام.
وصلت المفاوضات الثلاثية (السلطة وأميركا والكيان الصهيوني) إلى حائط مسدود وإلى طريق مغلق بفعل التعنت الصهيوني ـ حتى لو تم الاتفاق على تمديد المفاوضات في اللحظات الأخيرة ـ فالموقف الفلسطيني ضعيف جدا والإسناد العربي لا يتعدى الكلمات والبيانات. فتح أيضا تعاني من أزمة داخلية ما بين انشقاقات محمد دحلان والدعوات لتجديد شباب الحركة والتخلص من (عواجيزها) الذين أوصلوها وأوصلوا الحال الفلسطينية إلى ما هي عليه من ضعف وتهافت. وحركة حماس في القطاع محاصرة وهي تعاني من الخلافات وحالة الاختناق عربيا ـ كونها جزءا من تنظيم الإخوان المسلمين العالمي. وهي حائرة في كيفية التخلص والخروج إلى فضاء أوسع يتلخص في تفضيل أولوية كونها حركة مقاومة فلسطينية على أي انتماء آخر.
إذن، الحركتان (فتح) و(حماس) مأزومتان. الأزمة ناتجة عن عوامل ذاتية وموضوعية. والانقسام يزيدهما ضعفا كما أنه ينفر الشارع الفلسطيني منهما لأن هذا الشارع يريد استعادة ورقة القوة لديه وهي (الوحدة الوطنية) لتكون رافعة له في مواجهة الاحتلال والضغوطات التي تتعرض لها القدرة الفلسطينية على الصمود من قبل الاحتلال ومن يؤازره وحتى من قبل أطراف عربية تريد أن ترفع ثقل القضية الفلسطينية عن كاهلها.
الرحلة التي قام بها وفد من حركة فتح بقيادة عزام الأحمد إلى القطاع شعارها (استكمال) المصالحة ـ وتعبير المصالحة هنا عليه تحفظ ـ بالرغم من ما جرى بين الطرفين قبل حوالي سبعة أعوام حتى وصل إلى الدم وإراقته بين الحركتين في الضفة الغربية كما في قطاع غزة.
هل ستتحقق (المصالحة) بصورة تامة ووفق الطموح والمأمول؟ وهل سيصمد الاتفاق الذي وقعته كل من فتح وحماس بالرغم من إبرامهما عددا من الاتفاقيات في القاهرة وفي غيرها من العواصم العربية والتي لم ينفذ أي منها؟ أي هل ستتشكل حكومة واحدة وتزول الحواجز بين القطاع ورام الله بناء على الاتفاق؟ وهل ستقوم الحكومة ببرنامج عملها المتفق عليه؟ وهل سيقتصر دورها على الإشراف على انتخابات جديدة للمجلس التشريعي أم ستعمل على بناء أسس استراتيجية مواجهة التحديات؟
إذن، هناك تحديات جمة وصعوبات حقيقية تواجه الاتفاق والخشية أن يتم السعي إلى إبطال مفعوله نتيجة الألعاب الصهيونية ـ الأميركية وضغوطات الدول المانحة؟
الشعب الفلسطيني يعاني يوميا وحقوقه تنهب على رؤوس الأشهاد والقدس تهود والأسرلة ماضية والمصادرات يومية والمداهمات قائمة، والإصرار الصهيوني على الاستيطان لا يتوقف ولا حتى يتم التجميد .. والأمور قد تصل إلى الانفجار الشعبي الفلسطيني. وكل ذلك مرهون بصمود الاتفاق ومدى استجابته لدواعي الوحدة ولدواعي المشروع الوطني الفلسطيني المهدد بالضياع.
التوقيع على الاتفاق هو بداية، ولكنه ليس كافيا لتبديد المخاوف الفلسطينية الشعبية بسبب التجارب السابقة المريرة، ما لم يتبعه تنفيذ عملي جدي.
نواف ابو الهيجا/السفر إلى غزة .. هل ينهي الانقسام؟
16
المقالة السابقة