عروبة الإخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب – لا يمكن عزل الادارة عن النجاح او الفشل ، فهي التي تتحمل معظم المسؤولية ، بل تكاد تكون المسؤولة الاولى عن اي نجاح يحدث او فشل يقع اما بقية الهامش فلعوامل اخرى ..
استوقفني النجاح الذي سجله البنك الاردني الكويتي للعام الخامس على التوالي وهذا الصعود الملموس المعبر عنه بالارقام فيما سمعناه امس اثناء تلاوة التقرير السنوي امام الهيئة العامة
وكعادته ظل البنك يربح مساهميه ويقدم لهم الارباح فقد جرى اقرار توزيع 20% من الارباح على المساهمين كما قدم رئيس مجلس الادارة صورة واضحة وجليه عكست انجازات البنك ونهجه والتحديات التي واجهته واساليب الخروج منها لمواصلة تراكم النتائج الايجابية ..
وكعادته فان رئيس مجلس الادارة للبنك الاردني الكويتي دولة السيد عبد الكريم الكباريتي لا يترك مثل هذه الفرصة الا ويقدم رؤية مستقلة في البعد الاقتصادي الوطني استنادا الى عنايته بالنتائج التي وصل اليها البنك وهذه الرؤية التي ينتظرها كثير من المراقبين والمهتمين في كل سنة تعكس ايضا ابعادا سياسية وتضيء مساحات التفاعل في الاقتصاد الوطني ففي الوقت الذي تحقق البنوك الاردنية فيه نتائج طيبة فان الاقتصاد الاردني الذي ينتقد الرئيس الكباريتي الاوصاف التي تطلق عليه وهي اوصاف مجانية وغير دقيقة واحيانا كثيرة محبطة على نحو القول ( يتعافى) او غيره من الفاظ كان اطلقها رؤساء وزارات لا علاقة لهم بفهم الابعاد الاقتصادية حين اختاروا “غرفة الانعاش” ليضعوا فيها الاقتصاد مجندين هذه الصفة لتجريد من يبنون الاقتصاد من حرصهم الوطني ولسوقهم للمزيد من سلوك الجباية التي بلغت احيانا حد
” التقشيط ” بالعامية ..
قلق الرئيس الكباريتي مبرر ولكنه لا يواصل القول بيجب او ينبغي بل يفعل وهو لايرى ان الحريصين يكتفون بالمراقبة فقط او يضعون رؤوسهم في الرمل بل ان عليهم العمل ولعل “الاردني الكويتي” نموذج على ذلك ..!!
في مرات سابقة كان تشخيص الكباريتي للحالة العامة دقيقا رغم اعتراض البعض على التشخيص الذي قدمه والذي ثبت صحته وفي هذه المرة جاء نقده للحال العامة خفيفا ليعفي نفسه من اشياء كثيرة لا فائدة من الحديث عنها او نقدها طالما ظلت القرارات الاقتصادية والمعكوسة على البنك المركزي والتي اصابت نسبة الفائدة كمن يصب في “قربة مخزوقة” فالحكومة تتعامل مع بقرة المواطن بان تحلبها لا ان تطعمها وفي هذا السياق تتراجع الخدمات وتتآكل البنية التحتية للاجتماع والاقتصاد ..
فترة حكومة الكباريتي وانا شاهد ومراقب كانت لا تعمل باتجاه واحد وانما باتجاهين خدمة المواطن وخدمة الدولة وتعبيرها الحكومة وتراعي التوازن بين حقوق المواطن وواجباته وتقدم الحلول . ورغم ان تلك الفترة اصبحت بعيدة وفي عهد المملكة الثالثة . ورغم قصر عمر حكومة الكباريتي الا انها بشرت بالثورة البيضاء التي اطلقها الملك الراحل الحسين وظل مخلصا لتحقيقها وقد اناط بالكباريتي مسؤولية ترجمتها واعتقد ان الرجل فعل الكثير في هذا السياق رغم قوى الشد العكسي والمتنفذين الذين لم تعجبهم مدرسته او نهجه ممن ظلوا يكرسون الاردن دولة ريعية وينظرون اليها كدولة رفاه دون ان تكون قادرة على مواصلة ذلك ..
جمع الرئيس الكباريتي ما بين السياسة والاقتصاد وهو جمع يكلف صاحبه الكثير لانه يدرك به ابعاد اللعبة السياسية ومفاتيحها فقد ظلت السلطة دائما تعالج الاوضاع الاقتصادية المتردية بمن لا يفهمون في الاقتصاد او لا يمتلكون رؤى لحل معضلاته او حتى ممن يكرسون نهجا متصادما مع بناء اردن حديث متطور لا يمكن ان يعتمد على نفسه الا باصلاحات سياسية عميقة تضمن في النهاية اصلاحات اقتصادية لانه لا اصلاحاً اقتصاديا مستمراً وناجعا دون اصلاح سياسي ولان للاصلاح السياسي متطلبات واشتراطات فقد ظلت الفئات المتنفذة والتقليدية تهرب من هذه الاستحقاقات لتغطي ذلك بالحديث عن البؤس الاقتصادي وكان اصلاحه يقوم بالادعية او من فراغ ..
ظل الكباريتي في اعتقادي قادر ان يقدم رؤية منقذة ولكنه لم يرغب ان يعيد انتاج نفس المشاهد في الحكومات القادمة والذاهبة والتي ظل مغلوبا على قراراتها احيانا كثيرة او لا تدرك لماذا جاءت ولماذا ذهبت ولانه كان يحمل لها الصفة فقد جرت الاشاحة عن رؤيته احيانا او ان يقدمها للاستهلاك دون التنفيذ وهو ما ظل يتحفظ عليه فيما اعلم حتى الان ..
لا اريد في هذه العجالة او هذا الانطباع ان احمل الرجل فوق ما يعتقد او اقل مما يعتقد في ترك انطباعي وانا اتابع نتائج عمله الناجح فالذي ينجح في ادارة بنك هو الاقرب لينجح في الادارة العامة من الذين اثبتو ممن تقلبت بهم الكراسي علينا انهم لم ينجحوا قط ولا في أي محطة توقفوا فيها أو آلت إليهم إدارتها..
لا ينتمي الكباريتي للمدرسة التقليدية او الماضية او التاريخية لأن افكاره ما زالت تتجدد وهي اليق بالمرحلة القادمة فيها بأي مرحلة واعتقد ان رؤية الرجل الاقتصادية وبعدها الاجتماعي بحاجة ان تسمع وان يستعان بها حتى لا نظل نبحث عن الحلول وهي معنا بحثا عن العيس عن الماء وهو محمول فوق ظهورها..
تستحق ادارة البنك الاردني الكويتي التهنئة وللافكار التي يطرحها رئيس مجلس الإدارة في أكثر من مناسبة الاستماع لها وتجربتها والاستعانة بها في وقت يتهمش فيه دور الحكومات وتخشى من التفاعل الايجابي مع المواطن خشية ان يصبح عدها لأيامها قصيراً..